"لولا التضامن لما استفاد المغرب من 100 مليون دولار سنويا من الجزائر" تتجنب الجزائر الدخول في صراع مع المغرب، على خلفية التصريحات الرسمية الاستفزازية الواردة على لسان الملك محمد السادس وكبار المسؤولين في الدولة، في الفترة الأخيرة، التي يتهمونها (الجزائر) بعرقلة بناء صرح مغاربي موّحد وربطه بقضية غلق الحدود، انطلاقا من كون ”الجزائر متمسّكة بتقاليدها الدبلوماسية التي تتفادى فيها التصعيد وعدم خضوعها للابتزاز وعدم ردها على الاستفزاز”. أفاد مصدر دبلوماسي رفيع من وزارة الشؤون الخارجية في اتصال مع ”الخبر”، أمس، أنه ”ليس من مهمة الدبلوماسية الجزائرية التصعيد في مواقفها، خصوصا عندما يتعلق الأمر بتصريحات استفزازية مثل التي عودنا عليها النظام المغربي، فالثابت بالنسبة للجزائر هو المحاولة المستميتة لحل الخلافات عن طريق الحوار”. وأوضح المصدر أن ”التصعيد في الكلام ليس منه فائدة وبعيد عن تقاليدنا الدبلوماسية العريقة، والجزائر بنظامها مقتنعة من مواقفها تجاه النظام المغربي وهي معروفة لدى الرأي العام الدولي، ولم تكن أبدا مواقفها مبنية على المقاربات الأحادية أو ثقافة الجمود لعرقلة بناء الاتحاد المغاربي، فما تدعو إليه الجزائر يصنف دائما في الخانة الايجابية”. وذكر متحدث ”الخبر” بأن ”النظام المغربي يبحث عن حل مشاكله الداخلية بالتصعيد في التصريحات، وعن طريق التشهير وممارسة سياسة المغالطات، لذلك تحرص الجزائر دائما على تجنب سياسية التصعيد، استنادا إلى عوامل التاريخ والجغرافيا والقيّم، والنظام لا يمارس المراوغات ولا التلاسن التي يعتبرها بعيدة عن شيّمه”. وفي مسألة الحدود، أبرز مصدرنا أنّها ”قضية ينطبق عليها المثل الشعبي ”ضربني وبكى وسبقني واشتكى”، والجزائر متمسكة بقراراتها السيادية التي تخدم مصلحة الوطن والمنطقة ووحدة المصير، لذلك الدبلوماسية الجزائرية تحاول تجنب التصعيد لحل هذه القضية، لأنها طريقة لا تؤدي إلا في زيادة الأزمات، لأن الجزائر تؤمن بالوحدة المغاربية”. وعن اتهام المغرب للجزائر بممارسة المقاربات الأحادية وعرقلة الاتحاد المغاربي، أجاب مصدرنا: ”لا يعقل أن توجه إلينا مثل هذه الاتهامات من طرف النظام المغاربي، وبلاده تستفيد سنويا بأكثر من 100 مليون دولار تمثل حقوق مرور أنبوب الغاز إلى إسبانيا، ونحن هنا لا نمن على أحد، لكن لنؤكد أن هذا المشروع جاء من منطلق التضامن مع المغرب”. وتندرج هذه التصريحات في إطار رد الفعل على تصريحات وزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار، أول أمس، التي اتهم فيها الجزائر باطلا ب”المقاربات الأحادية وثقافة الجمود وبعرقلة بناء الاتحاد المغاربي، من خلال إصرارها على الاعتراف ضمنه، بكيانات وهمية لا شرعية ولا وجود فعلي لها، ولا تتوافر فيها العناصر القانونية، ولا المتطلبات السياسية للدولة الوطنية (يقصد الجمهورية الصحراوية)”. وسبق للخارجية الجزائرية أن ردت على تصريحات استفزازية مشابهة أدلى بها الملك محمد السادس، مؤخرا، بمناسبة ذكرى اعتلائه العرش في المغرب، اتهم فيها أيضا الجزائر ب”تعطيل مسيرة الاتحاد المغاربي”، ويعتقد أن ذلك ”يتعارض مع إرادة شعوب المنطقة في رفع الحواجز بين البلدان وفتح الحدود وتفعيل الاتحاد”، فوصف متحدّث باسم الخارجية هذه التصريحات ب”الهستيرية”، وأن ”المغرب يمارس ببراعة استرايتجية التوتر وسياسة القطيعة من أجل رهن مصير الشعوب المغاربية، على أمل أن تتخلى الجزائر عن موقفها الأساسي من قضية الصحراء الغربية المطابق للشرعية الدولية”.