تبدي الحكومة المغربية مخاوف كبيرة من مخاطر يمكن أن تواجهها المملكة، في حالة عودة مئات المغاربة الذين التحقوا بتنظيم الدولة الإسلامية “داعش” في سورياوالعراق. ويضرب المغاربة مثالا بالجزائريين الذين عادوا من أفغانستان نهاية ثمانينيات القرن الماضي، وانضموا إلى الجماعات الإرهابية. وقال الوزير المغربي المنتدب لدى وزير الداخلية، الشرقي الضريسي، أول أمس، بالرباط، أمام وفد يضم أعضاء في مجلس الشيوخ الأمريكي، يرأسه سيناتور ولاية فيرجينيا تيموثي مايكل كين، إن “موقع بلاده بين إفريقيا وأوروبا والتزامها الراسخ بمواجهة كل أشكال العنف والتطرف، جعل منها فاعلا رئيسيا في ضمان التوازنات الإقليمية، وشريكا أساسيا للولايات المتحدة في البحث عن حلول لمواجهة التوترات التي تعرفها منطقة الساحل”. وذكر أنه “بالنظر لتزايد التهديدات الإرهابية بمنطقة الساحل، فإن المغرب اعتمد مقاربة أمنية شاملة أساسها تفعيل التعاون الثنائي، والانخراط في الجهود الجهوية والدولية المتعلقة بمحاربة الإرهاب”، مشيرا إلى أن هذه المقاربة تجسدت منذ سنة 2002، من خلال تفكيك 124 خلية إرهابية، وحجز ترسانة مهمة من الأسلحة”. وتعقيبا على مجريات اللقاء، قال تاج الدين الحسيني، أستاذ القانون الدولي، لصحيفة “الشرق الأوسط”، إن أكثر من 1500 مغربي التحقوا بتنظيم “داعش” في العراقوسوريا، وأن أكثر من 500 مغربي من المهاجرين المقيمين في أوروبا التحقوا بدورهم بتنظيمات جهادية، مشيرا إلى أن “الخطورة الكبرى تكمن في إمكانية عودة هؤلاء المغاربة إلى بلادهم، سواء بشكل مباشر أو عبر التحاقهم بالمجموعات الإرهابية الموجودة في منطقة الساحل وغرب إفريقيا”. وأشار الحسيني، في معرض التحذير من الجهاديين المغاربة، إلى التجربة التي عاشتها الجزائر في التسعينات، قائلا إن عودة ما كان يسمى بالمجاهدين الأفغان من أفغانستان للقتال إلى الجزائر “تسبب في اندلاع الحرب في هذا البلد”، مشددا على أن “الوسائل الوقائية تظل هي الطريقة المثلى لتفادي وضعية مماثلة”. وأضاف أن “الأسلوب الوقائي لا يمكن أن تتحقق نتائجه إلا من خلال تنسيق إقليمي، بين بلدان الجوار لا سيما مع الجزائر”. وأضاف أن “استمرار إغلاق الحدود بين البلدين لا يمكن أن يساعد في الوصول إلى النتائج المرجوة، لأن عمليات التنسيق تتطلب عقد مؤتمرات دورية من أجل التنسيق اللوجيستي حول وسائل محاربة هذه الظاهرة، كما تتطلب فتح الحدود بين البلدين، وتتطلب أيضا تنسيقا أمنيا مع بلدان الساحل الإفريقي، لا سيما مع مالي وموريتانيا، بالإضافة إلى المشاركة في التدريبات والعمليات العسكرية المشتركة”. وأضاف الحسيني أن “أجهزة الاستخبارات المغربية الداخلية والخارجية تقوم بمهام جد أساسية في هذا الميدان، من خلال التنسيق مع الأجهزة الاستخباراتية سواء الأوروبية أو الأمريكية، وأن عمليات التنسيق تعطي نتائج جد إيجابية، وهو ما يفسر، من وجهة نظره، عمليات تفكيك الخلايا الإرهابية التي تجري بشكل متواصل، إذ وصل عددها منذ 2002 إلى اليوم لأكثر من 120 خلية”.