بالتزامن مع بدء التحركات الأميركية لبلورة تحالف دولي قوي ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش)، كشف قيادي بارز في “الحزب الديمقراطي الكردستاني” برئاسة مسعود بارزاني، أن تقريراً جديداً لفريق المستشارين العسكريين الأميركيين الموجود في بغداد خلص إلى أن من أبرز المشكلات التي تواجه الحرب على “داعش” داخل الأراضي العراقية هي عدم وجود قوات برية عراقية مهنية تستطيع تحقيق اختراقات مهمة في المدن الكبيرة الخاضعة لسيطرة المسلحين. وقال القيادي الكردي في تصريح لصحيفة ”السياسة”الكويتية أنه من الضروري أن نعترف أن القسم الأكبر من الانتصارات التي تحققت على داعش قرب مدينة الموصل شمالاً وفي بلدة آمرلي بمحافظة صلاح الدين كانت انسحابات من هذا التنظيم لأنه كان يريد تفادي الخسائر في عناصره ومعداته. وأوضح أن فريق المستشارين الأميركيين بات على قناعة بأن قوات الجيش العراقي المدعومة من قوات الحشد الشعبي الشيعية لا تملك ستراتيجيات قتالية ولا خطط ميدانية للإحتفاظ بالمدن والبلدات التي يمكن تحريرها، لذلك فهي تريد المزيد من الضربات الجوية الأميركية المكثفة لضمان التقدم البري كما حصل في قضاء حديثة بمحافظة الأنبار غرب العراق قبل أيام، ما يعني أن المطلوب هو تقهقر “داعش” من دون خوض مواجهة برية معه تؤدي إلى تدمير معظم قواته،لأن الغارات لا يمكنها لوحدها أن تفعل ذلك، وبالتالي لا يوجد ما يضمن أن ينفذ التنظيم انسحابات من مدن كبيرة كالموصل وتكريت والحويجة والفلوجة، وحتى لو فعل ذلك بسبب الضربات الجوية الغربية المكثفة، فسيحتاج الأمر إلى عملية برية سليمة من قبل القوات العراقية لأن هذه المدن تضم مدنيين. وأشار إلى أن الفريق الأميركي يريد اتباع ستراتيجيتين للتغلب على مشكلة عدم وجود قوات برية فعالة لدى الجيش العراقي، لأن المعركة التي سيخوضها التحالف الدولي ستتطلب حربا برية واسعة. ورأى أن الستراتيجية الأولى تتعلق بتسليح قوات البشمركة الكردية التي تتميز بمهارات قتالية والتزام وعقيدة عسكرية، وقد برهنت خلال الفترة القريبة الماضية بأنها قوات مدربة ومنضبطة وملتزمة الخطط الميدانية الموضوعة، غير أنه ينقصها السلاح، وهذا أمر تم البدء بمعالجته من خلال إرسال المزيد من الأسلحة الغربية الى البشمركة. ولفت إلى أن الستراتيجية الثانية تتمثل في الإعتماد على قوات من الجيش العراقي السابق عالية التدريب والخبرة القتالية، وبالتالي تسعى واشنطن الى تشكيل وحدات قتالية لتطهير المدن السنية من “داعش”، على أن تنضم هذه القوات من الجيش السابق إلى منظومة الدفاع الوطنية للعراق في إطار الدستور واحترام العملية السياسية الديمقراطية، لذلك يجب التفريق بين هؤلاء كقادة عسكريين أكفاء وبين حزب “البعث” المنحل ونظام صدام حسين، إلا أن هذا المسعى الأميركي يحتاج إلى دعم وموافقة الحكومة العراقية برئاسة حيدر العبادي. وأكد القيادي الكردي أن فريق المستشارين العسكريين الأميركيين حذر من أن “داعش” يعد مئات الإنتحاريين لمهاجمة مواقع وأهداف عسكرية مهمة وكبيرة لقوات الجيش العراقي، كما أن المعلومات تفيد بأنه قد يلجأ إلى استخدام أسلوب الهجمات الانتحارية بواسطة طائرات ومروحيات استولى عليها عندما سيطر على الموصل في 10 حزيران الماضي، وهو أمر في غاية الخطوة غير أن القوات الجوية الأميركية ستتعامل مع هذا الإحتمال. واعتبر أن واشنطن نقلت كلاماً واضحاً إلى الحكومة في بغداد ورئيسها بأن أي فشل بري للقوات العراقية لن يدفع الولاياتالمتحدة والحلفاء الغربيين إلى إرسال قوات برية قتالية، لذلك على الجيش العراقي أن يحسن من أداءه وتشكيلاته وخططه البرية لأن لا بديل إلا هذا الخيار. الى ذلك،استبعد أن تكون مراحل حرب التحالف الدولي على “داعش” منفصلة عن بعضها، حيث يتم تصفية التنظيم أولاً في العراق بعده يتم الإنتقال الى سوريا، ولذلك يوجد رأي عسكري بتزامن المرحلتين، المرحلة العراقية والمرحلة السورية من هذه الحرب. وكشف أن واشنطن ستطلب من النظام السوري عبر بغداد فرض حظر طيران شرق سوريا، حيث لا يستطيع النظام في دمشق استعمال المجال الجوي أو الدفاعات الجوية في المنطقة الشرقية الشمالية التي تتواجد فيها معسكرات “داعش”،وهذا ضروري لضمان توجيه ضربات غربية مدمرة ضد التنظيم بزعامة أبو بكر البغدادي. وأكد القيادي الكردي أن معظم الآراء التي صدرت عن عسكريين أميركيين وبريطانيين وفرنسيين تميل الى تكثيف الحرب على “داعش” في العراقوسوريا في وقت واحد لتحقيق هدفين عسكريين هما ارباك واسع في خطوط امدادات “داعش” بين البلدين وتحقيق انتصارات حاسمة في غضون أشهر قليلة لا في غضون سنوات.