التونسيون يتحدّون غلاء المعيشة وتدهور الأمن تُقبل تونس على الانتخابات التشريعية يوم 26 أكتوبر المقبل، تليها الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية في 23 نوفمبر. مواطنون بسطاء، جمعيات وتنظيمات وسياسيون ومترشحون ينتظرون هذين الموعدين على أمل أن تكون آخر خطوة من المرحلة الانتقالية التي دامت قرابة الأربع سنوات، وأن يكون الاستقرار النسبي الذي تعرفه الساحة السياسية اليوم طريقا إلى الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي وحاجزا أمام تأزم الوضع الأمني، خاصة في ظل التحولات التي تشهدها المنطقة إقليميا. "الخبر" تقربت من مختلف الأطراف الفاعلة في تونس وحاولت جسّ نبض الشارع التونسي حول التجربة الديمقراطية ومدى نجاحها في "تونس الثورة". عندما دخلنا إلى مطار “قرطاج” الدولي، بتاريخ 1 سبتمبر، أول ما أثار انتباهنا الحراسة الأمنية المشددة، حيث تستغرق الإجراءات الإدارية والمراقبة على مستوى شرطة المطار أكثر من ساعتين، ورغم تذمر بعض المُسافرين إلاّ أن أغلبيتهم أبدوا تفهمهم لهذه الإجراءات، خاصة في ظل الوضع الأمني الهش الذي تعيشه تونس، بعد سلسلة من الاغتيالات السياسية والتهديدات المتواصلة من قِبل بعض الجماعات الإرهابية، خاصّة على الحدود مع ليبيا. ولأننا وصلنا في حدود الساعة الثامنة مساء إلى شارع لحبيب بورڤيبة أمكننا أن نُلاحظ تغير حاله قبل وبعد الثورة، فالشارع الذي كانت الحركة فيه لا تخفّ حتى ساعة متأخرة من الليل أصبح أكثر هدوء، حيث إن الكثير من المحلات والمقاهي كانت مغلقة، وعندما سألنا دليلنا الذي رافقنا من المطار إلى مقر الفندق الذي نزلنا فيه عن السّر اكتفى بالقول: “الحرية ليس لها ثمن”. تعيش تونس اليوم مرحلة انتقالية بكل ايجابياتها وسلبياتها، قد تكون المرحلة الفاصلة “ما بين الثورة وما بين موسم جني ثمار الثورة”، فبعد سقوط الرئيس السابق زين العابدين بن علي، بتاريخ 14 جانفي 2011، بعد احتجاجات وثورة عارمة للمواطنين انطلقت من سيدي بوزيد وانتقلت إلى كل المدن والمناطق التونسية، دخل التونسيون في مرحلة “ما بعد الثورة”، والتي عادة ما تكون مرحلة أصعب من مرحلة الانتفاضة وإسقاط النظام، لأنها مرحلة البناء والتشييد، ولأنها المرحلة التي يُثبت فيها الشعب أنه قادر على بناء دولة القانون والديمقراطية. لكن هل فكّر التونسيون في هذه المرحلة قبل وأثناء الثورة؟ وهل نجحوا في الوصول بتونس إلى مرحلة النمو؟ هذا ما حاولت “الخبر” الإجابة عنه عبر تقربها من مختلف الأطراف الفاعلة في تونس، من مواطنين بسطاء ومثقفين وسياسيين، والسؤال حول إنجازات الثورة ونتائجها اليوم في حياة التونسيين اليومية اجتماعيا واقتصاديا وثقافيا وسياسيا.
التونسيون يستنشقون الحرية وينتظرون قطف ثمار الثورة لا يزال المواطنون التونسيون ينتظرون ثمار الثورة، حيث إن المرحلة الانتقالية التي عاشتها تونس والاضطراب الأمني والاقتصادي والاجتماعي الذي تلا سُقوط النظام؛ كل هذا أثر مباشرة على الحياة اليومية للمواطنين ولا تزال تداعياته مستمرة إلى اليوم، خاصة وأن أسعار المواد الغذائية وأساسيات الحياة شهدت ارتفاعا بالضعف وأحيانا ثلاثة أضعاف. ورغم ذلك فإن المواطن التونسي ورغم تدهور المستوى المعيشي وقُدرته الشرائية إلا أنه يعي أن “الحرية ليس لها ثمن”، مثلما اعترف لنا كثير من المواطنين ممن التقتهم “الخبر” رغم تشاؤم بعضهم والإحساس المستمر بضرورة حماية الثورة ورفض أي محاولة لسرقتها أو ركوبها من قِبل الانتهازيين، خاصة منهم “أتباع النظام البائد” الذين تظهر أسماؤهم في بعض القوائم الانتخابية. دخلنا إحدى مقاهي شارع الحبيب بورڤيبة وسط العاصمة تونس، حيث يستهوي المواطنين التونسيين الحديث عن الانتخابات المقبلة، وعلى عكس الكثير من البلاد العربية التي صارت فيها أي انتخابات خالية من المصداقية ولا يستحضرها الرأي العام إلا للسخرية، فإن الحال في تونس غيره في تلك البلاد، حيث إن الكثير من المواطنين التونسيين يؤمنون بضرورة التغيير وحماية المكتسبات التي حققوها، وعلى رأسها إسقاط نظام ديكتاتوري واستبداله بوضع سياسي له ملامح الديمقراطية، لكنهم مع ذلك ينتقدون الوضع الاقتصادي والاجتماعي ويطالبون بعدالة اجتماعية ومناصب شغل وقدرة شرائية محترمة. لدى تقرّبنا من جماعة من الطلبة الملتقين حول طاولة بداخل المقهى رحبوا بنا، وأبدوا فرحهم بتنقلنا إلى تونس، حيث علق أحدهم “تواجد السياح وخاصة الأشقاء من الجزائريين إلى تونس يعني أننا بخير، فنحن لم نعتد على العيش بمفردنا فعدد الجزائريين والليبيين والمغربة في تونس كبير جدا، ولنا أصدقاء كثر لا يحملون الجنسية التونسية”. وأضاف المتحدث نفسه واسمه أحمد: “المهمة الملقاة على عاتقنا، نحن الطلبة، كبيرة جدا، فأي بلد ديمقراطي متطور يعتمد على طاقاته الشبانية في النمو، وليس من حقنا أن نقول إن الأمر لا يعنينا فبذلك سنترك فراغا يملأه آخرون، وربما يكونون من المستغلين الذين لا يخدمون إلا مصالحهم الشخصية”. ويعلّق زميله عزوز على الانتخابات المزمع إجراؤها نهاية أكتوبر وبداية نوفمبر: “نحن متفائلون “برشا”، ولكن علينا أن نكون حذرين، فليس من السهل الانتقال من دولة يحكمها نظام ديكتاتوري إلى دولة ديمقراطية”. وعن الوضع الاجتماعي قال إنه “سيتحسن إن تشبث التونسيون جميعهم بالوعي الوطني”. وفي شارع شارل ديغول، المتفرع عن شارع الحبيب بورڤيبة، ترى أيضا سوقا شعبية حيث الباعة يضعون سلعهم على الأرض؛ ملابس وأغراض منزلية وأواني وأقمشة وغيرها من السلع محلية الصنع والمستوردة، تقربنا من أحدهم فقال إنه كان يملك محلا وتجارة في قرية قردان التونسية، لكن بعد الأحداث التي عاشتها فضّل أن ينقل تجارته إلى تونس العاصمة، رغم أنه لا يزال بائعا متجولا، وعن الثورة يقول: “التونسيون لم يندموا” ويضيف: “صحيح أن العديد من الأشياء تغيرت، ومنها ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة”، لكنه بالمقابل أكد أن التونسيين واعون بأن ضريبة الحرية باهظة، وعلّق زميل آخر له: “نحن ننتظر ثمار الثورة، لا يهمّنا الاستقرار السياسي إذا لم يثر على الاستقرار الاقتصادي وانخفاض الأسعار وإذا لم يضمن للشباب العمل والمستقبل”. ولدى تقرّبنا من سائق سيارة أجرة بسيدي بوسعيد بدا أقل تفاؤلا، حيث قال إن تونس اليوم أسوأ من “تونس بن علي”، وقال إن كل الأسعار ارتفعت بمرتين وثلاث مرات، وأن المواطن اليوم بالكاد يحصل على قوت يومه، وأضاف أن الجانب الأمني المتدهور ساهم في قلة السياح وبالتالي قلة الزبائن، وعن الانتخابات التشريعية والرئاسية التي تقبل عليها تونس قال: “سأشارك فيها لكي أدلي بصوتي وربما أساهم في تغيير الأوضاع، لكني لن أسمح بوعود كاذبة للمترشحين، فنحن لم نسقط الديكتاتورية من أجل السماح للانتهازيين بركوب الثورة وقطف ثمارها”.
تونس تحتفظ ببريقها السياحي تحت إجراءات أمنية مشددة استطاعت تونس أن تحتفظ بلقب البلد السياحي رغم ثورة 14 جانفي 2011 التي أحدثت اضطرابا في الوضع الأمني والاقتصادي والاجتماعي، ورغم اللااستقرار الذي تعرفه الدول المجاورة لها ونشاط الجماعات الإرهابية في دول الساحل، فرغم كل هذا إلا أن تونس السياحية استرجعت بعض عافيتها وتمكنت من جلب السياح الأجانب؛ فبحسب الأرقام الرسمية لوزارة السياحة التونسية فإن حجوزات السياح إلى تونس خلال موسم صيف 2014 قد سجلت ارتفاعا ملحوظا، مقارنة بما كانت عليه خلال الأعوام الأخيرة بعد الانتفاضة التي أطاحت بنظام الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي. وتشير أرقام وزارة السياحة إلى ارتفاع نسبة حجوزات السياح في تونس خلال موسم صيف 2014، حيث انتعش قطاع السياحة في تونس إلى حد كبير عبر التوافد الكبير للسياح المغاربيين، خاصة الجزائريين والليبيين. وتعتبر مدن سوسة والحمامات وطبرقة من أهم الوجهات السياحية بالنسبة للجزائريين، في حين يفضل غالبية الليبيين قضاء أوقاتهم في جزيرة جربة بسبب قربها من بلادهم. وبحسب المصدر نفسه، فقد تم تسجيل توافد أكثر من 345 ألف سائح على مدينة الياسمين الحمامات منذ بداية السنة، من بينهم حوالي 19 ألف جزائري و7 آلاف ليبي، أما نسبة الحجوزات فسجلت ارتفاعا في 11 سوقا تتقدمها بولونيا بنسبة 28 بالمائة واسكندينافيا بنسبة 25 بالمائة، وروسيا وألمانيا بنسبة 15 بالمائة، كما ارتفعت الحجوزات البريطانية ب6 بالمائة، في حين تراجعت الحجوزات السياحية القادمة من فرنسا بنسبة 1,1 بالمائة. ولدى التجوال في المدينةتونس أو باقي المدن السياحية ترى الكثير من المارة من السياح الأجانب القادمين من مختلف البلدان سواء الإفريقية والعربية أو من دول أوروبا وحتى من بعض دول آسيا، حتى إنك تسمع مختلف اللغات واللهجات، والمحلات على طرفي الشارع تتعامل بالأورو مثلما تتعامل بالدينار التونسي. يقول لنا بائع الهواتف النقالة وخدمات الهاتف سعيد الذي يقع محله في وسط الشارع إن تونس تسترجع عافيتها شيئا بعد شيء، ورغم اعترافه بانخفاض عدد السياح الذين يزورونها إلا أنه أكد أن تونس خلال الفترة الصيفية تعجّ بالسياح. وما يجلب السياح الأجانب في تونس هو كثرة الخدمات المقدمة والتسهيلات التي يحصل عليها السائح، حيث توجد الكثير من البنوك والفنادق والمطاعم، إضافة إلى المناطق السياحية الكثيرة، وخاصة في فصل الصيف مثل الشواطئ في سيدي بوسعيد والحمامات، إضافة إلى المناطق الأثرية مثل جامع الزيتونة الذي يفضّل السياح العرب، والمسلمون خاصة، أن يجعلوه إحدى المحطات الهامة لهم لدى زيارته. كما تبقى تونس وجهة الجزائريين المفضلة لقضاء عطلة الصيف، حيث إن المار بشوارع تونس يلاحظ كثرة السيارات ذات الترقيم الجزائري والقادمة من مختلف مناطق الجزائر، من الغرب والجنوب والشمال وخاصة من الشرق، حيث إن كثيرين منهم دخلوا تونس لقضاء أيام أو ربما أسابيع خلال العطلة الصيفية، وبالإضافة إلى ذلك فإن الكثير من الليبيين استقروا في تونس بعد الأوضاع التي تشهدها بلدهم والحرب المستمرة واللااستقرار الأمني والعسكري في ليبيا، حيث إن عائلات بأكملها نقلت إقامتها نحو تونس. ولدى تنقلنا في تونس العاصمة والمدن المجاورة، مثل الحمامات وسيدي بوسعيد وغيرها، وقفنا على حجم التعزيزات الأمنية، من أفراد شرطة ودرك تم تجنيدهم لضمان الأمن في المدينة، خاصة وأن فترة الصيف هي الفترة التي تشهد فيها تونس حركة غير عادية، على اعتبار أنها مدينة سياحية يقصدها السياح من جميع البلدان العربية والإفريقية والأوروبية، وحتى من آسيا وأمريكا. هذه الإجراءات الأمنية التي تجعل المواطن التونسي أو السائح القادم إلى تونس يشعر بنوع من الأمن، رغم الأحداث التي وقعت في الحدود التونسية مع ليبيا خاصة، ورغم الاغتيالات التي كان ضحيتها العديد من السياسيين والحقوقيين ورجال الإعلام. رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان عبد الستار بن موسى ل”الخبر” “سنتصدّى لمُحاولات إغراق الانتخابات بالمال الفاسد” ”الثورة التونسية نجحت سياسيا وننتظر المكاسب الاجتماعية والاقتصادية” يؤكد رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، عبد الستار بن موسى، أن الثورة التونسية أثمرت العديد من المكاسب خاصة السياسية، حيث ثمّن النصوص القانونية الواردة في الدستور الذي وصفه بالمُحترم، ويقول إن المراسيم 115 و116 ضمنت حرية التعبير والإعلام مثلما ضمن المرسوم 88 الصادر سنة 2011 الحق للجمعيات بالنقد ويلزم الحكومة بإدراج الدعم المادي للجمعيات في ميزانية الحكومة. كما قال، خلال لقائه ب«الخبر”، إن الواقع قد لا يكون مُطابقا للنصوص القانونية، خاصة بصدور أحكام بالسجن ضد بعض الصحفيين إضافة إلى مُلاحقة بعض الإعلاميين مُستحضرا الاعتداء الذي وقع على المدونة لينا بن مهني في 30 أوت، لينتهي بالقول: “لسنا راضين على حرية الصحافة في تونس”. ومن جهة ثانية، قال بن موسى إن التحدي الأكبر الذي يعترض تونس اليوم هو تنامي الجماعات الإرهابية في تونس أو على حدودها خاصة مع ليبيا، وذكر أن “الإرهاب والتكفير” لم يكونا موجودين في تونس، واليوم هما يهددان الجميع، وخاصة الإعلاميين إضافة إلى الحقوقيين والسياسيين، واتهم محدثنا حكومة 23 أكتوبر بالتساهل مع الظاهرة ما أدى إلى تناميها. ويضيف: “رغم التقدم في مجال ضمان الحقوق المدنية والسياسية، والدستور الذي يمنع استعمال الإدارات والمساجد في الانتخابات، إلا أن الحكومات المتعاقبة لم تقدر على معالجة المشاكل الاجتماعية، وخاصة البطالة والتمييز الجهوي”. وبشأن الانتخابات التشريعية والرئاسية التي تقبل عليها تونس، قال المصدر نفسه إن إجراءها يجب أن يكون نزيها ولا يحركه المال الفاسد من أجل الانتقال إلى الديمقراطية الحقّة. وحول مشاركة رابطة حقوق الإنسان في الانتخابات كطرف ملاحظ قال بن موسى إن هيئته ستعمل على ضمان منافسة شريفة لمستقبل أحسن. ويقول حول تعدد القوائم الانتخابية إنه قد يؤثر سلبيا على الانتخابات، حيث إن جل الأحزاب، بحسبه، بقيت محصورة في “البلاطوهات” والتلفزة والمدن الكبرى وليس لها امتداد، ليضيف: “كنا نتمنى أن يقع توافق وتقليص للقوائم”. سياسيون تونسيون يؤكدون ل”الخبر” “الاستقرار السياسي طريق تونس نحو الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والأمني” تخوض أكثر من 1300 قائمة انتخابية غمار الانتخابات البرلمانية التونسية نهاية شهر أكتوبر الجاري، وهي بذلك ثاني انتخابات تشهدها تونس بعد ثورة جانفي 2011 التي أطاحت بالرئيس السابق زين العابدين بن علي وبنظامه. ويؤكد السياسيون المشاركون في هذه الاستحقاقات، إضافة إلى الانتخابات الرئاسية في شهر نوفمبر المقبل، على أهمية هذه الانتخابات وأهمية المشاركة فيها لأنها تعتبر بداية لنهاية المرحلة الانتخابية، كما ينتظر أن تكون منعرجا حاسما لإرساء الدولة الديمقراطية. كما أكد المتحدثون، لدى لقائهم ب«الخبر”، أن الاستقرار السياسي الذي تعرفه تونس اليوم سيتمخض عنه استقرار أمني واقتصادي واجتماعي في المستقبل القريب، لأن الحكومة والرئيس اللذين سيختارهما الشعب هما من سيرافقان تونس نحو النمو الاجتماعي والاقتصادي، وهما اللذان سيضمنان توفير مناصب شغل ودفع الصناعة نحو الأمام، إضافة إلى تقوية الاقتصاد التونسي الذي أصابه نوع من الشلل بعد الثورة، وأجمعوا على أن الاضطراب الأمني الذي تعرفه تونس على حدودها مجرد ظاهرة ستزول لا محالة مع الوقت، ولن يتسنى للجماعات الجهادية أن تزرع اللاأمن في تونس. لكن كثرة القوائم الانتخابية أحدثت نوعا من الجدل في الوسط السياسي التونسي، على اعتبار أنها “قد تشوش على الناخب، خاصة مع تشابه البرامج السياسية”، حيث أعلنت هيئة الانتخابات قبول أوراق ترشح 1316 قائمة في تونس وبين الجالية التونسية في الخارج، منها 814 قائمة حزبية و157 قائمة ائتلافية و365 قائمة مستقلة، أي بتراجع بنحو 300 قائمة عن الانتخابات السابقة في 2011. وخلال حديثهم مع “الخبر” اعتبر بعض السياسيين هذا التعداد “ايجابيا”، لأنه يعبّر عن حرية في التعبير وحرية في الممارسة السياسية التي لم تعد حكرا على مجموعة معينة أو حزب ما، كما يرون أن كثرة القوائم في الانتخابات البرلمانية المقبلة تحول دون هيمنة الحزب السابق على البرلمان، لكنهم يحذّرون من أنها ستكون سببا في تشتيت أصوات الناخبين، وينادون بأن تتوحد هذه القوائم مستقبلا لإزالة الغموض. الأمين العام لحزب التحالف الديمقراطي محمد الحامدي ل”الخبر” “التوافقات الوطنية ستضمن الاستقرار السياسي” ”الترويكا” مسؤولة عن نمو الجماعات المتشددة في تونس
قال الأمين العام لحزب التحالف الديمقراطي، محمد الحامدي، ل”الخبر”، إن الدستور التونسي اليوم هو وليد تجربة سياسية دامت 3 سنوات، حيث صوّت عليه 200 صوت من بين 217 نائب. وأكد أن الحرية الإعلامية التي تتمتع بها تونس تحسد عليها اليوم، وحتى التعدد الحزبي اعتبره مكسبا رغم العدد الكبير من قوائم المترشحين. وحلل المتحدث، خلال لقائه معنا على هامش الندوة الوطنية حول الصحة التي انعقدت بتونس العاصمة، الوضع بكون المواطن يشتكي اليوم بأن الثورة لم تنعكس على واقعه المعيشي والغلاء الجنوني للأسعار ومن هشاشة الوضع الأمني أيضا، خاصة وأن تونس لم تعد مجرد منطقة عبور وإنما منطقة استيطان لبعض الجماعات الإرهابية، ما أدى إلى هشاشة الوضع الأمني، خاصة وأن تونس ليست بمعزل عن الوضع الإقليمي. لكن الحامدي أكد أن المكاسب السياسية التي تحققت ستكون المدخل الحقيقي للإصلاح الحقيقي للوضع الاقتصادي والاجتماعي خلال السنوات الخمس القادمة، لكنه دعا بالمقابل المواطن التونسي لتفهم الوضع وأن تونس لا يمكن أن تحكم من حزب واحد حتى ولو استند على الغالبية. وأشار المصدر نفسه إلى أن التعدد الحزبي وكثرة المترشحين ليس مقلقا، لأن الانتخابات ستحدث نوعا من الفرز الطبيعي، وأكد أن الأحزاب السياسية الرئيسية في المشهد السياسي معروفة “الأحزاب الأخرى هي أحزاب “مجهرية” ذات طابع جهوي وأخرى ذات طابع عائلي، لكن من حقهم إنشاء أحزاب بعضها سيتطور وأخرى ستنقرض مع الوقت”، وأشار الحامدي إلى تجربة الانتخابات السابقة التي تقدمت فيها عشرات الأحزاب لكن المواطن نظم نفسه، “لا شك أن الانتخابات ستحدث تغيير والمشهد لن يكون مشهد 23 أكتوبر”. وحول الوضع الأمني يقول الحامدي إن الجماعات الإرهابية والمتشددة وجدت مساحة لها في تونس بسبب التساهل من قِبل حكومة “الترويكا”، التي قال إنها تتحمل مسؤولية كبيرة، “ليست جنائية ولكن مسؤولية سياسية، لأنهم تغاضوا عن هذا الخطاب، بعضهم قال هؤلاء يذكرونني بشبابي وآخرون اعتبروهم خزانا انتخابيا”. وأرجع الحامدي كثرة هذه الجماعات إلى الاهتزاز الاجتماعي الذي شهدته تونس بعد الثورة، حيث أغرت المسلحين بأن تونس منطقة رخوة ومساحة قابلة لإقامة الإمارات التي يبشرون بها، لكنه أثنى على المصالح الأمنية التونسية، وقال إنها استعادت عافيتها لأن الشعب التونسي، بحسبه، موحد خلف الجهاز الأمني ولا يمكن للإرهاب أن يجد حاضنة شعبية له في تونس. القيادي في حزب التكتل التونسي والوزير السابق خليل الزاوية ل”الخبر” “الاتفاق حول تشكيل حكومة ائتلاف وطني دليل على النضج السياسي” قال القيادي في حزب التكتل التونسي خليل الزاوية، ل«الخبر”، إن هشاشة الوضع السياسي التونسي تعود إلى أن نتائج الانتخابات غير معلومة، لكنه أكد أن الحديث الذي تتقاسمه جميع الأطراف السياسية بضرورة تشكيل حكومة ائتلاف وطني دليل على نضجها، فيما قال إن كثرة الأحزاب تؤثر على المشاركة وتبعث الشك لدى الناخب وتشوش عليه، خاصة وأن البرامج تتشابه، ما يمكن أن يؤدي إلى تكرار سينايو 2011 حيث إن ثلث الأصوات غير ممثلة. من جهة ثانية، قال وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة “الترويكا” إن “تونس ما بعد الثورة مسارها ككل المسارات الانتقالية وككل الثورات تشهد عديد النواحي الإيجابية، على غرار مكسب الحرية وبناء الديمقراطية عبر دستور تقدمي ديمقراطي يضمن الحريات وتوافق واسع”. ورغم اهتزاز الوضع الأمني إلا أن محدثنا قال إن تونس هي في مرحلة انتقالية ومشرفة على مرحلة استقرار حتى تتحقق أهداف الثورة الممثلة في ضمان الحرية والديمقراطية والكرامة والعدالة الاجتماعية والتنمية والرقي الاجتماعي، أما عن الوضع الأمني والتهديدات من الجماعات المسلحة، خاصة على الحدود، فقال المصدر ذاته إن وِحدة تونس هي الكفيلة بحمايتها. ويحلل محدثنا الوضع في تونس بالقول إنها تمر بمثل ما تمر به البلدان التي تشهد فترات انتقالية تتبع الثورات، حيث أكد أنها تعيش إيجابيات في العديد من النواحي على غرار مكسب الحرية وبناء الديمقراطية عبر دستور تقدمي ديمقراطي يضمن الحريات وتوافق واسع، غير أنه اعترف بأن تونس ما بعد الثورة تعيش كذلك صعوبات ناتجة أساسا عن تدهور الوضع الأمني في ليبيا وتنامي الجماعات الإرهابية واغتيالات السياسيين، وكذلك الصعوبات الاقتصادية الناتجة عن اهتزاز الوضع بعد الثورة. وربط المتحدث بين ذلك كله وبين الأزمة الاقتصادية العالمية التي يعيشها العالم، والتي ألقت بظلالها على تونس الثورة، وقال الزاوية إنه “رغم هذه الوضعية فإن التونسيين متفائلون، لأنهم مشرفون على الخطوة الأخيرة من المرحلة الانتقالية من أجل الدخول في مرحلة استقرار في حكومة ديمقراطية مستقرة”.