قال الإمام الشافعي: حدّثني عمّي محمّد بن عليّ قال: إنّي لحاضر مجلس أمير المؤمنين أبي جعفر المنصور وفيه ابن أبي ذؤيب وكان والي المدينة الحسن بن يزيد. قال: فأتى الغفاريون فشكوا إلى أبي جعفر شيئًا من أمر الحسن بن يزيد. فقال الحسن: يا أمير المؤمنين، سَل عنهم ابن أبي ذؤيب. قال: نسأله. فقال: ما تقول فيهم يا ابن أبي ذؤيب؟ فقال: أشهد أنّهم يحطّمون في أعراض النّاس، كثيرو الأذى عليهم. فقال أبو جعفر: أفسمعتُم؟ فقال الغفاريون: يا أمير المؤمنين، سله عن الحسن بن يزيد. فقال: يا ابن أبي ذؤيب، ما تقول في الحسن بن يزيد؟ فقال: أشهد أنّه يحكم بغير الحقّ ويتّبِع هواه. فقال: سمعتَ يا حسن ما قال فيك وهو الشّيخ الصّالح؟ فقال: يا أمير المؤمنين، سله عن نفسك. فقال: ما تقول فيّ؟ قال: تعفيني يا أمير المؤمنين. قال: أسألك بالله إلّا أخبرتني؟ قال: تسألني بالله كأنّك لم تعرف نفسك!. قال: والله لتخبرني؟ قال: أشهد أنّك أخذتَ المال من غير حقّه فجعلته في غير أهله، وأشهد أنّ الظّلم ببابك فاش. قال: فجاء أبو جعفر من موضعه حتّى وضع يده في قفا ابن أبي ذؤيب فقبض عليه. ثمّ قال: أمَا والله لولا أنّي جالس ههنا لأخذتُ فارس والروم والديلم والترك بهذا المكان منك. قال: فقال ابن أبي ذؤيب: يا أمير المؤمنين قد ولّي أبو بكر وعمر وأخذَا الحقّ وقسّمَا بالسّويّة وأخذَا بأقفاء فارس والروم وأصغرا أنوفهم. قال: فخلّى أبو جعفر قفاه وخلّى سبيله. قال: والله لولا أنّي أعلم أنّك صادق لقتلتُك. فقال ابن أبي ذؤيب: والله يا أمير المؤمنين إنّي لأنصح لك من ابنك المهدي. قال: فبلغنا أنّ ابن أبي ذؤيب لمّا انصرف من مجلس المنصور لقِيَه سفيان الثوري. فقال: يا أبا الحارث: لقد سرّني ما خاطبتَ به هذا الجبّار ولكن ساءني قولك له ”ابنك المهدي”. فقال: يغفر الله لك يا أبا عبد الله كلّنا مهدي، كلّنا كان في المهد.