سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
شخص تزوّج بامرأة ثانية بسبب عدم قيام الزّوجة الأولى بواجباتها نحو زوجها منذ كَبُرَ أولادُها ولا تعطيه حقوقه، وهي اليوم تطالبه بحقّها في النّفقة، فهل لها الحقّ في ذلك؟
قال الله تعالى: ”ومِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمُ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون”، فبناء الأسرة واستقامتُها من أعظم ما يسعى إلى تحقيقه العبد المؤمن، حتّى تستقرَّ نفسُه وتسكن السّكينة النّاتجة عن الوُدّ والأنس والتّآلف. وقد شبَّه القرآن العلاقةَ الزّوجية باللِّباس الّذي من شأنه أن يستر لابسَه ويَحميه ويُزيِّنه ويلائمه فقال جلّ وعلا: ”هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ”. ومن أجل تحقيق ذلك لابدّ أن يراعي كلّ طرف ما له وما عليه من حقوق وواجبات مع كثير من التّسامح وغضّ الطّرق عن النّقائص والتّفريط في أداء الواجبات نتيجة الضّغط الخارجي الّذي يفرضه المجتمع. ولا بأس أن نذكر أبرز الحقوق والواجبات لكلّ طرف ممّا له تأثير كبير على العلاقة الزّوجية، من ذلك: وجوب المعاشرة بالمعروف، قال تعالى: ”وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلُ اللهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا”، وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ”واستوصوا بالنّساء خيرًا، فإنّهنّ خُلِقنَ من ضلع أعوج، وإنذ أعوَجَ شيء في الضّلع أعلاه، فإن ذهبتَ تقيمُه كسّرته وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنّساء خيرًا” أخرجه البخاري ومسلم، وقال صلّى الله عليه وسلّم: ”لا يَفرَكْ مؤمن مؤمنة، إن كره خُلُقًا رضي منها آخر” رواه مسلم، وقال صلّى الله عليه وسلّم: ”خيرُكم خيرُكم لأهله، وأنا خيرُكم لأهلي” رواه الترمذي. وفي المقابل ينبغي للزّوجة أن تجتهد في طاعة زوجها وإرضائه وتلبية رغباته الخاصّة، فكثير من المشاكل الواقعة بين الأزواج سببُها هجر الزّوجة لفراش زوجها، وهو أمرٌ حذّر منه الشّارع ورتّب عليه العقوبة واللّعنة إلاّ إذا الزّوجة معذورة يُباح لها الامتناع حينها. عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: ”إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فلم تأته فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتّى تصبح” أخرجه البخاري ومسلم، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أيضًا قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ”والّذي نفسي بيده، ما مِن رجل يدعو امرأته إلى فراشه فتأبى عليه إلاّ كان الّذي في السّماء ساخطًا عليها حتّى يرضى عنها” أخرجه مسلم. وهناك بعض النّسوة هداهنّ الله ما إن يكبُر أولادهنّ ويُحضرن الكنّات إلى بيوتهنّ حتّى تجدهنّ يهجرن أزواجهنّ، وكأنّهنّ استغنين عنهم بأولادهنّ أو استحيين منهم، وفي الحالتين لا يجوز هجر فراش الزّوجية خاصة إذا كان الأزواج بحاجة إليهنّ. فعن أسماء بنت يزيد الأنصارية رضي الله عنهما قالت: مَرَّ بي النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وأنا في جوار أترابٍ لي فسلَّم علينا، وقال: ”إيّاكنّ وكفر المُنعِمين”، فقلت: يا رسول الله وما كُفر المُنعمين؟ قال: ”لعلّ إحداكنّ تطول أيْمَتُهَا بين أبويها، ثمّ يرزقها الله زوجًا ويرزقها منه ولدًا، فتغضب الغضبة فتكفر، فتقول: ما رأيتُ منك خيرًا قطّ” أخرجه البخاري. وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ”لا ينظر الله إلى امرأة لا تشكر لزوجها أو هي لا تستغني عنه” أخرجه النّسائي. وفي هذا السّؤال دفع تصرّف الزّوجة الخاطئ بالزّوج إلى الزّواج من زوجة ثانية، لكنّه لا ينفق على زوجته الأولى وهذا حرام، إذ يجب على الزّوج أن يَعدل بين زوجاته في النّفقة، فعن معاوية بن حيدة رضي الله عنه قال: يا رسول الله، ما حقّ زوجة أحدِنا عليه؟ قال: ”أن يُطعمها إذا طعمت وأن تكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه ولا تقبِّح، ولا تهجر إلاّ في البيت”. والزّوجة الأولى هنا وإن هجرت زوجها وطالت مدّة الهجر والزّوج لم ينطق بالطّلاق فهي زوجته لها حقّ النّفقة والإحسان وعليهم إثم الهجر إن يسامحها زوجها. والله أعلم.