قال الله تعالى واصفًا نبيّه الكريم صلّى الله عليه وسلّم: {لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} التّوبة:128. رحمته صلّى الله عليه وسلّم بغير المسلمين عن عائشة رضي اللّه عنها زوج النَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنَّها قالت للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: هل أتى عليك يوم كان أشدَّ من يوم أحد؟ قال: ”لقد لقيتُ من قومك ما لقيت، وكان أشدَّ ما لقيت منهم يوم العقبة، إذ عرّضتُ نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال، فلم يجبني إلى ما أردتُ فانطلقتُ. وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلَّا وأنا بقرن الثَّعالب، فرفعتُ رأسي، فإذا أنا بسحابة قد أظلَّتني، فنظرتُ فإذا فيها جبريل، فناداني، فقال: إنَّ الله قد سمع قول قومك لك وما ردُّوا عليك، وقد بعث الله إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم. فناداني ملك الجبال فسلَّم عليَّ، ثمَّ قال: يا محمَّد، فقال: ذلك فيما شئت، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين. فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ”بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم مَن يعبد الله لا يشرك به شيئًا”. قال ابن حجر: في هذا الحديث بيان شفقة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم على قومه، ومزيد صبره وحلمه، وهو موافق لقوله تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللهِ لَنِتَ لَهُمْ} آل عمران:159، وقوله: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} الأنبياء:107. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنّه قال: قيل: يا رسول الله! ادع على المشركين. قال: ”إنّي لم أبعث لعّانًا، وإنّما بُعثّتُ رحمة” رواه مسلم. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قدم طفيل بن عمرو الدوسي وأصحابه، على النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقالوا: يا رسول الله، إنّ دوسًا عصَت وأبَت، فادعُ الله عليها، فقيل: هلكت دوس، قال: ”اللّهمّ اهْدِ دوسًا وأت بهم” رواه البخاري. وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنّهم قالوا: يا رسول الله! أحرقتنا نبال ثقيف، فادع الله عليهم. فقال: ”اللّهمّ اهْد ثقيفًا” رواه الترمذي بسند صحيح. رحمته صلّى الله عليه وسلّم بالمرأة والأطفال والأيتام النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وحرصه على حقوق المرأة والتلطّف بها والنّهي عن تعنيفها: كثيرًا ما كان صلّى الله عليه وسلّم يوصي بالنّساء عمومًا فيقول: ”واستوصوا بالنّساء خيرًا فإنّهنّ خُلقنَ من ضلع، وإن أعوج شيء في الضّلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنّساء خيرًا”. وأخرج الترمذي وابن حبّان في صحيحه من حديث أبي هريرة وعائشة عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ”خيركم خيرُكم لأهله، وأنا خيركم لأهلي”. وأخرج أبو داود في سننه عن إيَاسِ بن عبد الله قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: ”لَقَدْ طَافَ بِآلِ مُحَمَّدٍ نِسَاءٌ كَثِيرٌ يَشْكُونَ أَزْوَاجَهُنّ -أي من الضّرب- لَيْسَ أُولَئِكَ بِخِيَارِكُمْ”، أي الّذي يضرب النّساء ليس هو من الخيار يعني هو من الأشرار. النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وحرصه على حقوق الأطفال والصّغار: أخرج ابن أبي شيبة وأبو داود عن عبد الله بن عمرو قال: قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: ”ليس منّا مَن لم يرحم صغيرنا”. وما ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّه قال: قبَّل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الحسنَ بن علي وعنده الأقرعُ بن حابس التميمي جالسًا، فقال الأقرع: إنّ لي عشرة من الولد ما قبَّلتُ منهم أحدًا، فنظر إليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثمّ قال: ”مَن لا يَرحم، لا يُرحم”. وما ورَد عن عائشة رضي الله عنها أنّها قالت: جاء أعرابي إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: تُقَبِّلون الصِّبيان؟ فما نُقبِّلهم، فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ”أوَ أمْلِك لك أن نزَع الله من قلبك الرّحمة؟”. النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وحرصه على حقوق الأيتام وكفالتهم: أخرج البخاري عن سهل بن سعد أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: ”أنا وكافل اليتيم فى الجنّة هكذا وأشار بالسبّابة والوُسطى”. *كلية الدراسات الإسلامية/ قطر