شخص أصيب بمرض شديد ألزمه الفراش، وهو يظن أنّ الله لا يُحبُّه، وأنّه غاضب عليه، لهذا أصيب بهذا المرض، ما أثّر على نفسيته وعلى صحّته سلبًا، فماذا يُقال له؟ من رحمة الله تعالى بعباده أن جعل لهم ما يكفرون به ذنوبهم وخطاياهم، وكتب لهم ما يذهب خطاياهم من ذلك: المرض... فقد يبدو المرض شرًّا للمصاب به ولمن حوله، لكن يكون خيرًا له إن صبر ورضي بقدر الله سبحانه وتعالى... ثبت في أحاديث كثيرة أنّ المرض إذا أصاب العبد المؤمن كفّر عنه به خطاياه. فعن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهما عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: ''ما يصيب المسلم من نَصَب ولا وصب ولا همٍّ ولا حزن ولا أذًى وغمٍّ حتّى الشوكة يشاكها إلاّ كفّر الله بها من خطاياه'' أخرجه البخاري ومسلم/ والوصب: هو المرض. وعن ابن مسعود رضي اله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ''ما من مسلم يصيبه أذًى من مرض فما سواه إلاّ حَطّ الله به من سيّئاته كما تحط الشجرة ورقة'' أخرجه البخاري ومسلم. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ''ما من مصيبة تصيب المسلم إلاّ كفَّر الله بها عنه حتّى الشوكة يشاكها'' أخرجه البخاري ومسلم. وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم دخل على أمّ السائب فقال: ''مالك يا أمَّ السائب تزفزفين (ترتعدين)؟ قالت: الحمى لا بارك الله فيها، فقال: لا تَسُبِّي الحُمّى، فإنّها تذهب خطايا بني آدم كما يذهب الكير خبث الحديد'' رواه مسلم. كما أنّ البلاء إذا أصاب العبد صبر عليه ورضي بد دليل على إيمانه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ''ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتّى يلقي الله وما عليه خطيئته'' أخرجه الترمذي وأحمد وغيرهما وهو حديث صحيح. وإن كانت الشوكة وهي أمر حقير سببًا في مغفرة الذنوب، فإنّ المرض والبلاء أولى بذلك، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعتُ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: ''ما من مسلم يشاك شوكة فما فوقها إلاّ كتبت له بها درجة ومحيت عنه بها خطيئة'' رواه مسلم، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قا: ''صداع المؤمن أو شوكة يشاكها أو شيء يؤذيه يرفعه الله بها يوم القيامة درجة ويكفّر عنه ذنوبه'' أخرجه ابن أبي الدنيا ورواته ثقات وهو حديث حسن. فهذه الأحاديث وغيرها كثير تدل على عِظم أجرك أيُّها المريض عند الله، إن أنت صبرت على مرضك، وقابلتَ قدر الله تعالى بالتّسليم والرضى لا بالجزع والتسخّط. فاحمد الله على هذه النِّعمة الّتي أنعم الله بها عليك، ليكفّر عنك بها ذنوبك ويزيد لك في حسناتك ويرفع بها درجاتك، وقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ''عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كلّه له خير، إن أصابته سرّاء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضرّاء صبر فكان خيرًا له وليس ذلك إلاّ للمؤمن'' رواه مسلم.