سياسة الكنيسة ودور العبادة في شتى مدن العالم أجحفت بحق المدنيين في تقرير أوضاعهم الاجتماعية، وحتى الإنسانية في وقت مضى، في حين تأجج الأوضاع سياسيا وعسكريا بعد نظام الثورات من القرن التاسع عشر إلى القرن الماضي، حيث أوردت فكرا جديدا يحرض على النقد والمعاملة بالأسلوب التهميشي، فكان للعنف وقع ضار أصاب المجتمعات بسرطان لا يكاد ينفك عنا لحد اليوم. أقول “سرطان”، لأنه يتوالد ويزداد خطورة من جيل إلى جيل، في وقت تتقلص فيه اللقاحات المضادة لهكذا أسلوب معيشي. بعد نظام الثورات الأسبق، حيث كان الصراع على النفاذ إلى المجتمعات لأجل السيطرة عليها اقتصاديا وسياسيا، كان لابد من نهوض قوى ضاربة ودافعة لذلك البلاء، هنا حصل ركود فكري قفزت من خلاله بعض العقول الجامحة إلى مطارحة أساليب مدروسة لتغيير لغة البرمجة العصبية للفرد والمجتمع من النمط الفطري المعتمد على ما تتوارثه الأجيال من الأجداد، ومن الديانات، خاصة إلى فكر “كل ما هو جديد مفيد” وانطلق يغزو العالم بأفكار ثانوية وعناوين من شأنها رسم الصورة المزيفة. ما نشاهده اليوم من تسارع لتغير الأفكار والعادات وحتى الأنماط المعيشية ليس وليد التكنولوجيا وحدها كما يعتقد بعضهم، إنما للتكنولوجيا دور مواز ومماسي في الوقت نفسه، في حين نقاط الرسم على العقول كانت سابقة، وأعتقد أنها لم يكن مخططا لها بهذه الكيفية، إذ إن الأمور فاقت كل التصورات وخرجت عن نطاقها تماما، فلم يعد هناك تحكم ولا سيطرة. اليوم لم يعد هناك صراع واضح بين أمتين، بل صار بين عقل الرجل وعقل المرأة ودورهما، ولا نكاد نتناول نقاشا أو فكرا أو سياسة.. إلا وكان لهذا الأثر وجود تحت مصطلحات الإنسانية والحقوق والمساواة والعلمانية. ما نواجهه اليوم لا يمكن علاجه أبدا، كل الصراعات العظمى تفنى وتزول، إلا الصراع بين الرجل والمرأة وفكريهم، فرفقا بالقوارير يا رجال ..وحياء لقدر الرجال يا نساء. [email protected]