اتخذت وزارة التربية الوطنية جملة من التدابير “التقشفية”، أدرجتها في مشروع الميزانية الخاصة بالسنة المالية 2015، على رأسها تجميد منح الاعتمادات الإضافية للمؤسسات التربوية إلا بشروط صارمة، إضافة إلى التقشف في الإنارة والماء والتدفئة، حيث لن تخصص ميزانية لاقتناء تجهيزات جديدة، مع إلزام مسؤولي المؤسسة بالحفاظ عليها وصيانتها دوريا. فقد أصدرت الوزارة الوصية أخيرا مشروع الميزانية الخاصة بالسنة المالية الجارية (1 جانفي-31 ديسمبر 2015) بعد تأخر فاق أربعة أشهر، حيث يُفترض أن يصدر المشروع في بداية السنة على أن يليه منشور آخر يضبط مبلغ الميزانية الإجمالية. غير أن المؤسسات التربوية التي اقتطعت من ميزانية السنوات السابقة نسبة 1 من 12 التي يُخولها القانون من أجل إنفاقها خلال بداية السنة الجارية، ستُضطّر إلى انتهاج “سياسة التقشّف” التي أعلنت عنها الوزارة من خلال المشروع، والتي تأتي في سياق السياسة العامة للحكومة. وحسب نص الميزانية الذي وُزّع على مديري التربية الولائيين والمفتشين ومديري المؤسسات التعليمية، والذي تحوز “الخبر” على نسخة منه، فإن “الميزانية الخاصّة بهذه السنة مُطابقة للإجراءات المتخذة في المنشور الوزاري الصادر سنة 2014... مضاف إليها التعديلات المبينة... والتي يجب تطبيقها والتقيد بها عند إعداد مشاريع ميزانيات المؤسسات التعليمية للسنة المالية الجارية”. وقد أدرجت الوزارة جملة من الإجراءات الصارمة والخاصة ب”ترشيد استهلاك الطاقة والاستعمال العقلاني للماء بالمؤسسات التعليمية”، والتي اعتبرتها “مسؤولية الجميع”، حيث تذكر في هذا الإطار أنه “يتعين على مسيري هذه المؤسسات التحسيس بضرورة الاقتصاد في استهلاك الطاقة (حراس وعمال وموظفون وأساتذة وتلاميذ) إضافة إلى تشغيل الإنارة الخارجية بالمؤسسة لتفادي التبذير في استهلاك الطاقة الناجم عن استعمال الإنارة داخل الأقسام ليلا. وتصليح الأعطاب المتعلقة بتسربات المياه في أوانها وعقلنة استعمال التدفئة المركزية”. كما جاء في نص مشروع الميزانية “نظرا للتكاليف الباهظة التي تتحملها المؤسسات التعليمية سنويا جراء الاشتراك في المحولات الكهربائية ذات القوة العالية بالنسبة للطاقة الكهربائية، المطلوب إعادة إبرام عقد اشتراك حسب الطاقة اللازمة والضرورية للسير الحسن للمؤسسة”. وعليه كلفت الوزارة مديري المؤسسات بالسهر على ترشيد استهلاك الطاقة والماء لأنهم “أدرى بالوضعية الحقيقية للمؤسسة”. ومنعت في ذات السياق أي طلب إعانة أخرى خلال السنة مثلما كان يحدث في السنوات الماضية، “علما أنه لن تقبل أي إعانة مالية إضافية”. كما حددت الوزارة الوصية إجراءات أخرى خاصة بالإطعام في المؤسسات التربوية، حيث شددت على “المستخدمين والضيوف الراغبين في تناول وجبات غذائية بمطاعم المؤسسات التعليمية تسديد مبلغ الوجبة المحدد على أساس التسعيرات المعمول بها”، فيما اعتبرت الوزارة حق الاستفادة من الطاولة المشتركة “استثناء وليس حقا”، حيث تخضع الموافقة لشروط معينة منها طاقة استيعاب المطعم وتوفر الإمكانيات المادية والبشرية والمالية المرتبطة بتعداد التلاميذ بالمؤسسة وحالات استثنائية ظرفية مؤقتة. كما ذكر نص المشروع أن التلاميذ الداخليين فقط يستفيدون من حق البقاء نهاية الأسبوع في المؤسسة التربوية، أما “المؤسسات التي استوفت شروط فتح أحد النظامين (الداخلي أو نصف الداخلي) ومنحت لها إعانة التغذية ولم تستقبل التلاميذ، فإنه يمنع منعا باتا صرف الإعانة التي استفادت منها، ويطلب منها تبليغ مديرية تسيير الموارد المالية والمادية بالإدارة المركزية عن طريق مديرية التربية”. ومنعت الوزارة الوصية الاعتمادات الإضافية، أما عملية تحويل الاعتمادات فلا يمكن اللجوء إليها إلا “في حالة الحاجة الملحة والضرورية”، في حين أوضحت أن أغلب طلبات الاعتماد الإضافي متعلقة بتصليح التجهيزات والتدفئة، وتعود خلفياتها إلى غياب الصيانة الدورية (تنظيف السطوح دوريا وصيانة شبكة التدفئة وبالأخص تفريغها بعد توقيف تشغيلها) وعليه أكدت الوزارة على الخدمة الداخلية بالمؤسسة التي تحل محل الاعتماد الإضافي. ورغم هذه الإجراءات فإن الكثير من المؤسسات التربوية لا تزال تعاني من انعدام شبه كلي لبعض المرافق والوسائل على غرار الإنارة والتدفئة، خاصة في المناطق الداخلية والنائية، “ما يجعل التقشف تحصيل حاصل فيها بل لا حدث بالنسبة لها”.