في نهاية الثمانينات انفجرت أحداث أكتوبر 1988 على خلفية الصراع بين (D.R.S) والحزب، بسبب اعتزام الأفالان بقيادة مساعدية على سحب حق (D.R.S) باسم الجيش تعيين خليفة للشاذلي لرئاسة الجزائر. الأفالان وقتها تحالفت مع الإسلاميين إلى درجة أن اليسار أصبح يطلق عليها (الباربو أفالان) أي الأفالان الملتحية ! الصراع بين السياسي والعسكري في موضوع من له الحق في تعيين خليفة الشاذلي، أدى إلى استنجاد العسكر بالقوة الإسلامية وتجنيدها لصالحهم لضرب الأفالان، خاصة بعد أحداث أكتوبر وفتح الباب أمام الإسلام السياسي للتحزب وممارسة السياسة. في 1992 تفجّر الصراع بين العسكر وحلفائهم الإسلاميين، بنفس الصورة التي تفجّر بها الصراع بين العسكر والأفالان قبل ذلك، وكانت النتيجة أن الأفالان (المهرية) لم تقف مع العسكر ضد الإسلاميين المسلحين، فكانت الأزمة الدامية التي انتهت بقتل 200 ألف جزائري. اليوم أيضا يتفجّر الصراع بين الرئاسة وال(D.R.S) على خلفية من له الحق في تعيين من يخلف بوتفليقة... سواء بانتخابات مسبقة أو بالوكالة عبر تغيير الدستور والبحث عن صيغة للخلافة. الآن يبدو أن القوى الأساسية السياسية، مثل الأفالان والإسلاميين واليسار، لم تعد قوى سياسية قابلة لأن تكون عكازا سياسيا للجيش ليحكم بها، سواء باسم الديمقراطية أو باسم الوطنية أو باسم التطور والحداثة. وبدأت قوة جديدة تظهر للوجود كبديل للقوى التقليدية الثلاث المشار إليها... هذه القوى هي قوى المال الفاسد وغير الفاسد... وقد يكون الجيش وراء هذا الصعود السياسي الدبلوماسي لأرباب المال والأعمال، بصورة مفاجئة إعلاميا وسياسيا، إلى درجة أن نشاط هذه القوى الجديدة غطى على الحكومة والمؤسسات في الجانب المالي والدبلوماسي.. فأصبحت منظمة أرباب العمل “تكركر” في الحكومة والرئاسة والأحزاب إلى حيث تريد. الجيش جرّب الحكم مع الأفالان ولم يفلح، وجرّب مع الإسلاميين ولم يفلح.. فهل سيفلح في الحكم حين يعتمد على أرباب المال الفاسد وغير الفاسد...؟! وهل قوى المال الآن قادرة على أن تتحول إلى قوة سياسية بالإمكان الاعتماد عليها كبديل.. هذا هو السؤال.