يجزم عمار سعداني أمين عام حزب الأغلبية بأن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة سيترشح لعهدة رابعة، ولا يبدو أنه مبالٍ بالمعارضة القوية التي يلقاها من عبد الرحمن بلعياط ورفاقه، بل هددهم ب”الزوال” بعد الانتخابات الرئاسية. ولا يفهم من أين يستمد سعداني كل هذا التأكيد في أن بوتفليقة باق في الحكم لفترة رئاسية أخرى. فيما يقول عارفون بشؤون الأفالان بأن رئيس المجلس الشعبي الوطني الأسبق لا يعدو كونه ”كومبارس” يؤدي دورا محددا في مرحلة معينة. وأمام حدة الصراع بين سعداني وخصومه، عاد عبد العزيز بلخادم من بعيد. وتمت العودة بتصريح صحفي أعقبته إطلالة في التجمع الذي عقده الأفالان أمس. ورجح الكثير أن ظهور بلخادم الآن مرتبط بدور مقبل سيؤديه، ربما سيكون هو من يقود قاطرة الترويج للعهدة الرابعة بعد سحب سعداني من المشهد.
سعداني يصرح: عهدة رابعة لبوتفليقة ”وربي كبير” حضور بلخادم يفجر تجمع دعم ترشح بوتفليقة
سي عفيف ل ”الخبر”: سعداني يعارض ترشح سلال للرئاسيات
غادر أمين عام الأفالان التجمع بعد خطاب قصير استغرق 8 دقائق، ناشد خلاله الرئيس عبد العزيز بوتفليقة من جديد الترشح لعهدة رئاسية رابعة، وقال أمام آلاف من مناضلي الحزب وإطاراته ”بوتفليقة مرشح حزب جبهة التحرير الوطني لعهدة جديدة ولا ترشيح لغيره ولا مرشح غيره”. وخاطب سعداني في المهرجان التعبوي المنظم أمس بخيمة حديثة أقيمت بجوار القاعة البيضاوية بالعاصمة، الرئيس بوتفليقة بكلمات تتضمن كثيرا من الرجاء، ”إننا ندعم ترشح الرئيس لعهدة رابعة”، وتابع ”تعديل الدستور من صلاحيات رئيس الجمهورية، أما الترشح ففصلنا فيه وهو من اختصاص اللجنة المركزية ومؤسسات الحزب”، أي أن الرئيس ملزم بالاستجابة لطلب المناضلين. وتجاوب سعداني مع هتافات القاعة التي رددت بوتفليقة.. بوتفليقة، ثم الله أكبر بوتفليقة، متهما جماعات لم يحددها بمحاولة بإفساد العرس، أي التأثير على التجمع الذي غاب عنه الوزراء الأفالانيون وبعض أعضاء المكتب السياسي وقطاع من النواب وأعضاء اللجنة المركزية. واستخدم القول الشعبي ”يحب اللبن ومخبي الطاس”، لانتقاد قياديين في الحزب يطمحون للترشح للانتخابات باسم جبهة التحرير. وتوجه سعداني للمعارضة التي يقودها منسق المكتب السياسي عبد الرحمن بلعياط بالقول ”الذين يتحركون خارج مؤسسات الحزب اتركوهم فإنهم مأمورون وسينتهون سنة 2014، قائلا ”إن شاء الله عهدة رابعة وربي كبير”. وقبل وصول سعداني إلى القاعة أطربت فرق فولكلورية تشتغل على آلات موسيقية تقليدية منها ”الغايطة والبندير”، الحضور. و بدا الشك واضحا في محيط سعداني وخصوصا في غياب ”وحي من الرئيس” بخصوص العهدة الرابعة، وبدا أمين عام الأفالان وحيدا في مسعاه كالمقامر الذي راهن بكل ما يملك دون حيازة أوراق رابحة. وخطف أمين عام جبهة التحرير الوطني السابق عبد العزيز بلخادم الأضواء في التجمع، وسارت الأمور على غير ما كان يخطط له سعداني وأنصاره، أي إظهار وقوف الحزب وراء مطلب تعديل الدستور والعهدة الرابعة، عندما فاجأهم الأمين العام السابق عبد العزيز بلخادم بحضوره بينما كان الأمين العام الحالي يقرأ خطابه القصير. وبدا على سعداني الانزعاج والاضطراب بعد أن جرى إبلاغه من قبل عضو اللجنة المركزية الطيب الهواري بمجيء بلخادم الذي لم يسبق له المشاركة في نشاطات الحزب منذ ما يقرب العام. وحاول مقربون من سعداني التقليل من أهمية حضور بلخادم في القاعة، فهو إطار في الحزب وقد تلقى دعوة رسمية، في حين كان بلخادم صرح الخميس لقناة ”النهار تي في” أنه لم يتلق الدعوة للحضور، وقال أنصاره إنه طلب منهم المشاركة وإنجاح اللقاء. وأبلغ بلخادم الصحفيين قبل دخول التجمع أنه ”جاء لدعم الرئيس بوتفليقة”، وغادر القاعة بعد دقائق من وصوله إلى الخيمة مرفوقا بأنصاره، وتبعه سعداني دون الإدلاء بأي تصريح، وتوجه إلى مكتبه في مقر الحزب وبقي هناك إلى حدود الواحدة. ورغم الترحيب الذي لقيه الأمين العام السابق من قبل حاضرين في التجمع، لم يخف معارضون له غضبهم من حضوره، وقال عضو في اللجنة المركزية ل”الخبر”: ”بلخادم انتهى ولا مكان له”، وكان هذا العضو الأفالاني يعلق على الحديث الذي دار بين أعضاء اللجنة المركزية ونواب حول احتمال عودة بلخادم إلى منصبه. وفهم أعضاء في المكتب السياسي واللجنة المركزية حضور بلخادم على أنه قضية علاقات عامة لتسليط الأضواء عليه وإظهار شعبيته في أوساط جبهة التحرير الوطني لتعزيز موقعه التفاوضي كمرشح لنيابة الرئيس أو الرئاسة. وحمل مساعدون للأمين العام لجبهة التحرير الوطني منظمي اللقاء المسؤولية المباشرة عن الفوضى التي طبعت اللقاء، ومنها تركيب منصة تفصل إطارات الحزب وقياداته عن مناضليه. من جهته قال عبد الحميد سي عفيف أحد معارضي سعداني في اتصال مع ”الخبر”، إن عدد أعضاء اللجنة المركزية المشاركين في اللقاء ”لايتجاوز الخمسين”، وقال إن حركة التقويم وما يسمى ”القوة الثالثة” التي يقودها هو ”تقترح على سعداني الانسحاب وترك الأفالان لمناضليه الحقيقيين”، وأضاف ”عندما يقول سعداني إنه لا يقبل إلا بوتفليقة رئيسا يعني أنه يعارض احتمال ترشحه. والحقيقة أن سعداني هو من يريد الترشح في حال أحجم الرئيس عن الاستمرار في الحكم”. الجزائر: ج. فنينش
هل يفلح فيما فشل فيه سابقوه؟ عين سعداني على منصب ”نائب الرئيس” الاندفاع الثقيل للأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني نحو ترشيح الرئيس بوتفليقة لعهدة رابعة وبهذه الطريقة غير المسبوقة في التقاليد السياسية في الجزائر، لا تدل على أن عمار سعداني يرغب في أن يقود بوتفليقة البلاد لفترة أخرى وفقط، ولكن إلحاحه يدفع إلى البحث عن تلك الحاجة التي بنفس يعقوب. يقود عمار سعداني على مقربة من ساعة الحسم (إعلان بوتفليقة عن ترشحه للرئاسيات من عدمه) الأفالان بسرعة حصان وبثقل ”بيلدوزر” نحو مساع لاستنطاق الرئيس بعبارة ”سأترشح” مهما كلفه من أمر، فسعداني لا يخجله وصف ”الانتحاري” لما يعطي انطباعا بأنه مستعد لعملية انتحارية سياسية ”في خاطر بوتفليقة” كما لم يفعل سابقوه في الأفالان، حتى وإن وقعوا لصالح الرئيس الصكوك البيضاء، وكل خرجات سعداني الأخيرة التي حاول من خلالها ترشيح الرئيس ”رغما عنه” واستهدف من خلالها أيضا جهاز المخابرات ومؤسسة الوزير الأول عبد المالك سلال، يدفع إلى الحكم بأن الأمين العام للأفالان يرسم استراتيجية متعددة الأبعاد، يحدد على ضوئها مصيره هو بالذات ثم مصير الحزب العتيد إن وجد إلى ذلك سبيلا. وقد وصف سعداني تجمعه أمس ب ”خيمة” بجوار القاعة البيضاوية ب ”العرس”، والعرس على طريقة سعداني استوفى أركانه ب ”تبراح” العهدة الرابعة بقوله ”فليسمع الجميع أن مرشح الحزب هو رئيسه عبد العزيز بوتفليقة”، وبدا أن أجواء ”الخيمة” التي يعشقها سعداني بعثت فيه حماسة زائدة كمن يتحمس لافتكاك موقع مسؤولية في مربع السلطة الأعلى، لأن المعني وهو يدفع لتعديل الدستور قبل الانتخابات الرئاسية، يعني أن منصب ”نائب الرئيس” كأهم تعديل في الدستور، سوف لن يخرج من الأفالان، والأفالان حاليا هو عمار سعداني حتى وإن حاول سابقه عبد العزيز بلخادم سرقة الأضواء منه البارحة بهتافات بحياته، وحتى إن كان تعديل الدستور بعد الرئاسيات، فبقاء بوتفليقة رئيسا يعني أن موعد التعديل واستحداث منصب نائب الرئيس يبقى قائما ضمن صلاحيات الرئيس. سعداني من الأول تربع على عرش مقر حيدرة وفي نفسه شيء، بدا أنه سبق التحضير له سواء لوحده أو بمعية أو بإيعاز جهات، لما كان منعزلا صامتا ومترقبا، والملاحظ لطبيعة تعاطيه سواء مع خصومه من جماعة عبد الرحمن بلعياط أو مع خصومه في الدولة، توحي بأنه يعمل على ”إعادة الأفالان” إلى الحكم، وهو أمينه العام وسيعمل أن يظل كذلك، فالمتتبع لمسيرة الأفالان مباشرة بعد اجتماع اللجنة المركزية بالأوراسي أوت المنصرم، يشبه انسياق سعداني لتزكية عهدة رابعة للرئيس بوتفليقة بالخدمة التي قدمها الراحل شريف مساعدية لبومدين عندما قرأ لائحة تزكيته لرئاسة الجمهورية عقب إقرار دستور 76 باسم الأفالان، رغم أن مساعدية لم يكن حينها سوى مسؤول الإعلام والتوجيه، ومنذ ذلك الوقت تكرس مفهوم ”الأفالان هو النظام والنظام هو الأفالان”. والمسؤول الأول عن ”الجبهة” حاليا يريد تقمص شخصية الرجل القوي الراحل مساعدية، لكن القول إن ”الأفالان هو النظام والنظام هو الأفالان” اليوم، بات قولا محرجا بالنسبة لجهاز لم يعد في أجندة الاستشارة لدى رئيس أخذ يعزل الطبقة السياسية شيئا فشيئا عن إدارة البلاد، تماما كما عزل الراحل الشاذلي بن جديد شريف مساعدية من المشهد السياسي غداة أحداث أكتوبر 88، الأحداث التي دفع فيها الحزب الحاكم فاتورة غالية جدا لقاء حكمه الأحادي باسم الشرعية الثورية، شرعية قوضت أركانه بثورة أكتوبر، وأودع الدرج أمام حكم الجيش في مواجهة الإرهاب. سعداني لا يحبذ أن تكون نهايته كنهاية مساعدية وقتذاك، وحاليا يبدو أنه غير راض عن ”إبعاد” الرئيس بوتفليقة الأفالان عن دفة الحكم، إلى درجة أنه لا يستجيب لنداءات التدخل لحل الأزمة، فالأفالان في نظر بوتفليقة ليس بمقدوره مواجهة تداعيات ”تيڤنتورين” كما يواجهها الفريق ڤايد صالح الذي يلتقي به مرارا ولم يلتق بسعداني ولو مرة، لذلك اغتاظ الأخير وقال قولته الشهيرة ”الأفالان سيكون هو الحكم بعد 2014”. الجزائر: محمد شراق
كل الرؤساء اعتلوا سدة الحكم في ظروف فتنة ومحنة أو انقلاب الجزائريون يبحثون عن ”رئيس أزمة” في ظروف غير طبيعية لم تشهد الجزائر منذ الاستقلال رئيس جمهورية يصعد إلى سدة الحكم في ظروف سياسية طبيعية، كل الرؤساء عبروا إلى السلطة في ظروف انقلاب على مسارات سياسية، أو تحت نفق أزمة، لكن الجامع المشترك بين سبعة رؤساء للجمهورية والدولة، خروجهم من تحت قبعة الجيش أو برعايتها على الأقل. في 2014 يتطلع الجزائريون إلى انتخاب رئيس جديد هو سادس رئيس منتخب شعبيا، وتسمية ثامن رئيس دولة منذ استقلال البلاد عام 1962، بحساب الرؤساء الذي اعتلوا سدة الحكم لفترات انتقالية. لكن اللافت أن الجزائريين لم يحفلوا منذ الاستقلال بانتخاب رئيس في وضع عادي وفي ظروف طبيعية، إذ جرى انتخاب أو تعيين رئيس للبلاد منذ عام 1962 في ظروف أزمة أو انقلاب أو اضطرابات داخلية أمنية وسياسية. في ظروف فتنة الصيف التي اندلعت بين رفقاء السلاح في صيف 1962 عقب استقلال الجزائر، جاء الرئيس الأول للبلاد أحمد بن بلة في انتخابات نظمت عام 1963، ولم يكد بن بلة يستوي على كرسي الرئاسة، حتى كان وزير دفاعه هواري بومدين قد رتب انقلابا في 19 جوان 1965 كمخرج لأزمة حادة بين الرئيس بن بلة والعسكر، وأصبح رئيسا لمجلس الثورة ثم رئيسا للجمهورية. وجاء ثالث رئيس للجزائر الراحل الشاذلي بن جديد إلى سدة الحكم عام 1979 في ظروف محنة وفاة الرئيس هواري بومدين بعد أن ألم به المرض، وانتهى حكمه باستقالته تحت ضغط من الجيش في جانفي 1992. وبعد استقالة الرئيس الشاذلي بن جديد وفي عز أزمة أمنية فتحت باب جهنم على الجزائريين، أسند الجيش رئاسة الدولة إلى الرئيس الراحل محمد بوضياف، لكن الرجل اغتيل في 26 جوان 1992 من قبل أحد حرسه الخاص (مبارك بومعرافي) ليتسلم رئاسة الدولة الرئيس الراحل علي كافي حتى نهاية ديسمبر 4199. وفي نفق الأزمة الدامية وتدفق شلال الدم بفعل تصاعد العنف والإرهاب، انتخب قادة الأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية في ندوة الوفاق الوطني وزير الدفاع السابق اليامين زروال رئيسا للدولة، والذي جرى تجديد انتخابه شعبيا في أول انتخابات رئاسية تعددية تجرى في الجزائر في نوفمبر 1995، في ظروف أمنية عصيبة، وإضافة إلى وطأة الأخيرة وتحت ظروف سياسية وصراع بين دوائر الحكم في الجزائر، عبرت عنها الحملة الإعلامية الموجهة ضد الجنرال محمد بتشين الساعد الأبرز للرئيس زروال، أعلن هذا الأخير إنهاء عهدته الرئاسية وتنظيم انتخابات مسبقة في أفريل 1999. وحملت رئاسيات 1999 الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى سدة الحكم بعد 20 سنة من التيه السياسي، لكن جزءا من دوائر الحكم حاولت الدفع برئيس حكومته حينها علي بن فليس إلى منافسته في رئاسيات 2004، والتي كانت أكثر الانتخابات شدا للأعصاب بالنظر إلى حالة الانقسام التي طرأت على أقطاب المؤسسة الأمنية والعسكرية. قد تكون رئاسيات 2009 الانتخابات الوحيدة التي كانت دون رهانات وبدت محسومة لصالح الرئيس بوتفليقة في غياب منافسين جديين، لكن مؤشرات تنازله عن الترشح لعهدة رئاسية رابعة في انتخابات أفريل المقبل تحت طائل الوعكة الصحية التي ألمت به في أفريل الماضي، برغم محاولة دفعه إلى ذلك من قبل أحزاب السلطة، شكل ”أزمة” وضبابية كلست المشهد الانتخابي وحبست أنفاس المتدخلين في الشأن السياسي. بعد أسبوع من الآن تدخل الجزائر مناخ الاستحقاق الرئاسي بشكل جدي بعد استدعاء الهيئة الناخبة في ظروف غير طبيعية، تشكل امتدادا لأزمة الشرعية التي تلازم النظام الجزائري، ووسط مشهد مؤثث بالتوجس من ملابسات الانتخابات المقبلة، ومحكوم بأزمة الثقة الخانقة بين السلطة والمعارضة، والحكومة والشعب، بسبب تناقض السياسات الحكومية، وتضارب الخطاب الرسمي مع معطيات الواقع، وتصادم إمكانات البلاد الاقتصادية مع راهن الحال الاجتماعي والمعيشي، وتبدأ رحلة الخريف السياسي بحثا عن ”رئيس أزمة” جديد في الربيع المقبل. الجزائر: عثمان لحياني
تقويميو الأفالان يطوقون مقر محافظة الحزب بتيبازة نظم أعضاء من تقويمية جبهة التحرير الوطني بولاية تيبازة وقفة احتجاجية أمس أمام مبنى المحافظة الولائية للحزب، رافعين شعارات منددة ب ”الخطاب العدائي للأمين العام عمار سعداني”، وبسياسة ”التوريث” في الأفالان على مستوى ولاية تيبازة. وعلق المحتجون الذين قارب عددهم 200 مناضل من منتخبين ومناضلين من مختلف بلديات الولاية المنتمين للمكتب الولائي للتقويمية، لافتات بمدخل المحافظة طالبوا فيها أعضاء اللجنة المركزية ب ”تحمل مسؤولياتهم”، وكذا عقد دورة للجنة المركزية ”وفق ما يقتضيه القانون الأساسي والنظام الداخلي، لاسيما المادة التاسعة منه، قصد انتخاب أمين عام شرعي”. تيبازة: ب. سليم