السُّنَّة النّبويّة المطهّرة هي المصدر الرئيسي الثاني في تعداد مصادر التّشريع الإسلامي. والسُّنَّة لغة الطريقة وشرعًا تعني أقوال المصطفى صلّى الله عليه وسلّم وأفعاله وتقريراته، فتأتي مبيّنة لما ورد في القرآن الكريم من أحكام عامة تارة ولما لم يرد به نصّ قرآني تارة أخرى. وكونها مصدرًا للتّشريع يأتي التزامًا لأمر الله تعالى حيث قال: {وَمَا أتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} الحشر:7. فهذه القاعدة، قاعدة تلقّي الشّريعة من مصدر واحد، تمثّل النظرية الدستورية الإسلامية، فسلطان القانون في الإسلام مستمد من أنّ هذا التّشريع جاء به الرّسول صلّى الله عليه وسلّم قرآنًا أو سنّة. والأمة كلّها والإمام معها لا تملك أن تخالف عمّا جاء به الرّسول صلّى الله عليه وسلّم، فإذا شرّعت ما يخالفه لم يكن لتشريعها سلطان لأنّه فقد السّند الأوّل الّذي يستمد منه السّلطان. وهذه النّظرية تخالف جمع النّظريات البشرية الوضعية، بما فيها تلك الّتي تجعل الأمّة مصدر السّلطات، بمعنى أنّ للأمّة أن تشرّع لنفسها ما تشاء، وكلّ ما تشرّعه فهو ذو سلطان. فمصدر السّلطات في الإسلام هو شرع الله الّذي جاء به الرّسول صلّى الله عليه وسلّم والأمّة تقوم على هذه الشّريعة وتحرسها وتنفذها، والإمام نائب عن الأمّة في هذا. وفي هذا تنحصر حقوق الأمّة. فليس لها أن تخالف عمّا آتاها الرّسول عليه الصّلاة والسّلام في أيّ تشريع.