جولة “الخبر” على مستوى السوق الأسبوعي للسيارات المستعملة في الحراش، كشفت منذ الوهلة الأولى حجم تراجع النشاط بشكل عام، نظرا إلى تقلص ملاحظ في إقبال زوار وزبائن السوق الذي يتمتع بشعبية كبيرة باعتباره أحد الأسواق المهمة في العاصمة، لاعتبارات متعددة كما هو الشأن بالنسبة إلى قرب المسافة، بالإضافة إلى أنه يصادف يوم جمعة وهو يوم راحة، جعلته في وقت سابق من أكثر الأسواق حيوية ونشاطا لا يكاد يجد فيه الزائر موطأ قدم. تخفيضات وكلاء السيارات والخوف من الاحتيال وراء انهيار الأسعار خلال دردشتنا مع أحد البائعين اعتقد أننا نريد عرض سيارتنا للبيع، نصحنا بالتريث، قبل أن يضيف “السوق ميت”، في إشارة إلى أن النشاط يشهد ركودا غير مسبوق، وقال إنه يعرض سيارته منذ بضعة أسابيع في مختلف الأسواق الأسبوعية الوطنية، إلا أن الأسعار التي تعرض عليه بعيدة عن السعر “الحقيقي”. وبرّر البائع هذا التراجع في حجم المبيعات الذي جرّ الأسعار نحو الأسفل بالتخفيضات التي قررها مختلف الوكلاء بمناسبة الطبعة الحالية من الصالون الدولي للسيارات، الأمر الذي دفع المواطنين إلى تفضيل خيار زيادة مبلغ إضافي لاقتناء سيارة جديدة من الوكيل المعتمد مباشرة، والاستفادة من ميزات مختلفة كمدة الضمان بدلا من شراء سيارة مستعملة من الخواص، وأشار إلى أن هذا الأمر مرتبط أيضا بالوعود التي قدمتها العلامات العارضة لسياراتها، بخصوص احترام آجال التسليم والتي قالت إنها لن تتعدى 45 يوما كأقصى تقدير، حسب ما تنص عليه التنظيمات سارية المفعول، وهو الأمر الذي يلغي ميزة التسليم الفوري الذي تتمتع به عملية شراء السيارة من طرف الخواص. ويتخوف البعض من المشترين، بالموازاة مع ذلك، من بالوقوع ضحية احتيال بائع تُخفي سيارته عيبا غير ظاهر على مستوى المحرك أو الهيكل، لاسيما مع “تطور” كما قال أحد المشترين تقنيات الخداع والتدليس، وهو ما يمكن تجنبه بشكل كامل من خلال التعامل مباشرة مع الوكيل المعتمد للعلامة المصنعة، إذ تمنح جلها للزبون فترة للضمان لا تقل عن السنة. مدخرات الأسر لتسديد أقساط سكنات “عدل” وترجع حالة ركود النشاط التجاري ومعاملات بيع السيارات المستعملة أيضا إلى تأجيل المواطنين والأسر لمشروع اقتناء السيارة، وتجميد مدخراتهم لتسديد الشطر الأول من السكن في إطار برنامج الوكالة الوطنية لترقية السكن وتحسينه “عدل”، خاصة أن الأصداء تشير إلى أن المسجلين في هذه الصيغة من السكنات مطالبون بتسديد القسط الأول من المبلغ الذي يتراوح ما بين 23 و28 مليون سنتيم في أجل لا يتجاوز الشهر من الموافقة على الملف واستدعائهم للدفع، وهو الأمر الذي أكدته مصادر من المؤسسات المالية أوضحت بأن مدخرات الأسر سجلت استقرارا في الأشهر القليلة الماضية، كونها لم تسحب مبالغ كبيرة منها. وفي وقت تراجع حجم المبيعات لدى الوكلاء الذين يحاولون إيجاد منفذ لإنقاذ الموسم عبر مناسبات معينة، على غرار المعارض الدولية بالإضافة إلى العروض والتخفيضات والإشهار، أدت هذه الظروف أيضا إلى تراجع أسعار السيارات المستعملة التي انخفضت في المتوسط بأكثر من 15 مليون سنتيم في ظرف بضعة أشهر، جعلت البائع يرفض إجراء العملية إلاّ إذا كان “مضطرا”. ولم يستثن هذا التراجع أي نوع أو فئة من السيارات حتى تلك التي تعرف إقبالا من طرف الزبون الجزائري، بينما كانت مبيعات السيارات القديمة الضحية رقم واحد بالنظر إلى حجم الكساد الذي تعاني منه. المواقع الإلكترونية المتخصصة في محاولة لإنقاذ الأسعار أبقت المواقع الإلكترونية المتخصصة في مجال الإعلان عن بيع السيارات المستعملة على استقرار نسبي في مستويات الأسعار الموضوعة لكل عرض، في محاولة لحماية الأسعار من الانهيار والتراجع إلى مستويات أكبر، من خلال إعطاء الانطباع بأن السوق مستقر، خاصة أن العديد من المتصفحين للأنترنت عادة ما يعتبرون ما تنشره هذه المواقع معيارا للتقييم، وإن كان الثمن المقرر للسيارة على مواقع شبكة الأنترنت “خياليا” لا يعكس حقيقة الأسعار في الواقع، حيث عادة ما يتضمن العرض عبارة “قابل للتفاوض”، في إشارة إلى أن السعر المعلن ليس نهائيا وأنه يمكن أن يُنزّل إلى أقل من ذلك في إطار التفاوض بين البائع والمشتري.