قال بوتفليقة، في رسالة إلى مهنيي القطاع، نشرتها وكالة الأنباء الجزائرية، “سهرت وما زلت أسهر على أن تمارس حرية التعبير والصحافة بعيدا عن أي ضغط أو وصاية أو تقييد, اللهم إلا ذلك الذي يمليه الضمير المهني, أو المنصوص عليه صراحة في القانون. فما أقدمت عليه من إصلاحات لم ولن يمس بهذه الحرية قدر أنملة, والاستثناء يخص ما توجبه قواعد المهنة, أو ما يرتبط بحقوق الإنسان, وبالأمن القومي أو المصالح العليا للأمة”. وتظل قضايا “الأمن القومي” و”مصالح الأمة”، في مفهوم السلطة، معاني مطاطة توظف في الغالب في غير مصلحة حري الإعلام والتعبير. وأشار بوتفليقة إلى أن الوسائط الإعلامية في مجالات الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية والإلكترونية تضاعفت خلال العامين الماضيين. واعتبر ذلك “مؤشرا على حرية التعبير”، لكنه يلقي، كما قال، على عاتق الدولة “مسؤوليات جديدة بالنسبة لحماية هذه الحرية من أي انسياق إلى التجني بالقذف والأراجيف أو أي إجحاف في حق المواطن, أو الطعن في المؤسسات الدستورية.. ولن تتوانى الدولة, في هذا المجال, عن ممارسة كامل صلاحياتها, من خلال سن التشريع والتنظيم لضبط ممارسة حرية الصحافة وتأطيرها بالتساوق مع المعايير والمقاييس المعمول بها عالميا”. ويحمل “الضبط”، هنا، معنى التقييد من حرية الإعلام. أما “التساوق مع المقاييس العالمية”، فالسؤال الذي يطرح على الرئيس الحائز على عهدة رابعة، هو لماذا رفض إنشاء قنوات تلفزيونية خاصة في السنوات الطويلة الماضية، عكس ما هو معمول به عالميا؟ وطالب بوتفليقة مهنيي الإعلام ب”التقيد بأخلاقيات المهنة ومراعاة قواعدها وضوابطها المنصوص عليها في منظومتنا القانونية الوطنية, والمتطابقة مع ما هو معمول به في الأنظمة الديمقراطية”. وأضاف: “لقد ثبت اليوم أن الصحافة ووسائل الإعلام, من حيث الدور الذي تؤديه في بلادنا التي تعمل على استكمال بناء الديمقراطية, باتت فضاء لا غنى عنه للنقاش العمومي, يتيح للرأي العام إسماع صوته. وبحكم هذا الدور, تضطلع الوسائل هذه بمهمة تتمثل في تربية وتكوين المواطنين وخاصة في توعيتهم بالقضايا الكبرى المرتبطة بتنميتنا في سائر أبعادها”. النقاش العمومي الذي يتحدث عنه الرئيس في رسالته، هو من غيّبه عن وسائل الإعلام العمومية، خاصة التلفزيون الذي تحوّلت نشراته الإخبارية في عهده، إلى مجرد سرد لأنشطة الرئيس البروتوكولية ورسائل التهاني والتعازي، في مقابل تغييب النقاش حول أهم قضايا المجتمع، فضلا عن غلقه التلفزيون على الرأي المعارض، أما عن “الأخلاق”، فالرئيس هو من داس على الأخلاق واللياقة السياسية لما أضاف لنفسه في 2008 عهدة ثالثة يمنعها الدستور.