لم أكن أتوقّع الهزال الذي ظهرت به الوثيقة التي أرسلتها رئاسة الجمهورية إلى الأحزاب كأساس للحوار حول ما تسميه السلطة “إثراء الدستور”ǃ وليس صياغة دستور جديد كما تطالب به المعارضةǃ أولا: الوثيقة بينت هزال الذين استمع إليهم عبد القادر بن صالح في المشاورات السابقة، وهو هزال أرادته السلطة باختيار من حاورتهم من مجموعة “بوكو رداءة” التي تلجأ إليها السلطة عادة في القضايا المصيرية.. وإذا لم يكن هذا فكيف نفهم هذا المستوى المتدني للوثيقة؟ǃ اللهم إلا إذا كان عبد القادر بن صالح ورفاقه في الحوار لا يحسنون فهم ما يقال لهم ولا يعرفون صياغته.. والملاحظة نفسها يمكن أن تنسحب على لجنة الخبراء والتي بينت بأنها تتمتع بخبرة هزيلة جدا.. اللهم إلا إذا كان ما حررته هذه اللجنة هو بتوجيهات من الرداءة التي تحيط بالرئيس؟ǃ ثانيا: ولكي تضحكوا إلى حد البكاء على الدستور الذي تقترحه عليكم رئاسة الجمهورية، تأملوا الاقتراح الذي اقترحته لويزة حنون والذي يمنع دستوريا التجوال السياسي.. أي أن الدستور القادم سيكون وسيلة في يد لويزة حنون لمنع نوابها من التمرد عليها وأن يواصلوا دفع رواتبهم النيابية التي تعطى للويزة بواسطة الكوطة الرئاسية.ǃ إنه هزال الرئاسة وهزال الأحزاب والنواب؟ǃ ويجب أيضا أن تفرحوا بالإصلاحات التي سيدخلها الرئيس في الدستور على أنها من منجزات فخامته.. وخاصة المادة 74 التي تتحدث عن إعادة العهدات إلى الغلق بفترتين فقط؟ǃ ولم تقل لنا الرئاسة وأحزاب الاعتلاف السياسي والمالي من الأرندي والآفة وحمس.. لماذا فتحت العهدات ولماذا تغلق الآن ولا يسأل الرئيس أو الأحزاب عما فعلوا بالدستور سنة 2008؟ǃ والوضع نفسه بالنسبة لاقتراح نقل صلاحيات من الرئيس إلى الوزير الأول بعد أن سحب ذلك من الوزير الأول سنة 2008؟ǃ إنه العبث؟ǃ ثالثا: لا حديث عن حكاية الفصل بين السلطات، ولا حديث عن مسألة المحكمة الدستورية ووضع آليات لمحاكمة الرئيس ورئيس الحكومة والوزراء.. فهذا من الثوابت لا يمكن فتح نقاش بشأنها؟ǃ ولا حديث عن الجيش ودوره في الدستور في هياكل الدولة.. وهل سيكون ضمن الدستور مثل جيوش العالم “يحمي ولا يحكم” أم يبقى على ما هو عليه، يحكم بواسطة عرائس الڤراڤوز السياسي خارج الإرادة الحقيقية للشعب كمصدر أساسي ووحيد للشرعية والسلطة؟ǃ وفي الختام اتضح من خلال وثيقة الأرضية التي قدمتها السلطة إلى المعارضة للنقاش، أن الدستور سيكون أسوأ مما هو الآن، ولذلك فالأفضل أن يواصل هؤلاء حكمنا خارج قانون أو دستور على أن يحكمنا هؤلاء بدستور جمعية “بوكو” رداءة.. و”بوكو” جهل؟ǃ و”بوكو” احتيال. [email protected]