أوضحت نفس المصادر، أن الخطوة الجزائرية تأتي متزامنة مع بروز معطيات جديدة عن تحولات يسجلها سوق الغاز الدولي، خاصة مع التراجع المسجل في حصة الجزائر في السوق الأوروبية وتوقّف شبه كامل لصادرات الغاز باتجاه الولاياتالمتحدة بعد أن قامت هذه الأخيرة بتطوير البدائل الإنتاجية المتمثلة في الغاز الصخري. كما تزامنت المساعي الجزائرية باتجاه أسواق آسيوية هي الهندوالصين والفيتنام وكوريا الجنوبية واليابان، مع تحرّك روسي واسع في نفس الاتجاه، وهو ما تجسّد بالخصوص باتفاق هام بين الصينوروسيا يكفل لموسكو تزويد بكين بالغاز ابتداء من 2018 لمدة 30 سنة بكميات كبيرة من الغاز بقيمة 400 مليار دولار وبقيمة 350 دولار لكل ألف متر مكعب من الغاز، ووقّع العقد بين تشاينا بتروليوم كوربوريشن وغازبروم. وبدأ مجمع سوناطراك في التوجه شرقا، في سياق تنويع إمدادات الغاز وتوسيع دائرة النشاط، حيث يتم تجهيز أسطول بحري لفائدة هيبروك فرع سوناطراك لضمان نقل كميات من الغاز للدول الآسيوية التي تبقى أهم مستهلك للغاز عالميا. في نفس السياق، كشفت تقارير دولية متخصصة، أن أزمة أوكرانية والتهديدات الروسية بقطع إمدادات الغاز باتجاه أوروبا، ولجوء هذه الأخيرة لعدة دول تحضيرا لتنويع مصادر تموينها، تساهم الإسراع في إعادة توزيع الأوراق في السوق الغازي. وتفيد إحصائيات دولية، أن الاستهلاك العالمي للغاز الطبيعي يرتفع منذ 10 سنوات بمعدل يصل إلى 2.7 في المائة استنادا إلى وكالة إعلام الطاقة الأمريكية، كما أن الاستهلاك سيرتفع حسب توقعاتها دائما ب65 في المائة في غضون 2040. وهذا العامل هو الذي يدفع دول مثل الجزائر إلى تعظيم وتمديد عمر استغلال الغاز التقليدي لأنه سوق مضمون، ولكن أيضا البحث عن استغلال الغاز الصخري، لأن الطلب مرتفع ومستمر ودائم. ويأتي الإعلان الأمريكي بتخفيض انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكربون ب30 في المائة وتغيير نمط تشغيل المحطات الكهربائية إلى الغاز بدلا عن الفحم، ليضيف عاملا جديدا في سياق ارتفاع الطلب على الغاز الذي يمثل حاليا 30 في المائة من الإنتاج الأمريكي للكهرباء. ولكن أكبر مصدر للنمو في مجال استهلاك الغاز هو آسيا والذي يمكن أن يكون أحد البدائل المستقبلية للجزائر في مجال التصدير، خاصة وأن أوروبا قلّصت من توقعات استهلاكها وبدأ سوقها يعرف منافسة حادة مع الدخول القطري القوي، وتعتبر اليابان منذ كارثة المحطة النووية فوكوشيما من بين البلدان المرشحة لأن ترفع مستوى استهلاكها من الغاز، خاصة وأن نسبة النووي في إنتاج الكهرباء تقلّص من 29 في المائة عام 2010 إلى 2 في المائة عام 2012، ورغم قرار حكومة “شينزو أبي” إعادة فتح العديد منها، باتخاد شروط أمن وسلامة صارمة، إلا أن البديل الغازي أضحى أكبر وأهم رغم ارتفاع تكلفة إنتاج الطاقة الكهربائية بالغاز الطبيعي المميع المستورد. وتعوّل طوكيو على روسيا بالدرجة الأولى لضمان إمدادات غازية دائمة ومؤمّنة، ولكن أيضا على بلدان أخرى، منها قطر وحتى الجزائر التي ستمتلك أسطولا قادرا على إيصال الغاز إلى اليابان.