دعا، أمس، وزير الاتصال، حميد ڤرين، الصحافة للانخراط في “الدائرة الفاضلة” لأخلاقيات المهنة، ضمن ما أسماه بواقع جديد يعمل على توفير ظروف بلوغ الصحافة مستوى مهني يعتمد على الاحترافية وينأى عن “السبّ والشتم”. وكشف عن مشروع جديد “لتطهير الحقل الإعلامي”، وتمكينه من مواكبة المعايير الحقيقية لمهنة الصحافة. ودعا شركات الإعلان لمنح إعلاناتها للصحف التي تحترم أخلاقيات المهنة والاحترافية، والتي تضمن أجورا محترمة لموظفيها. سطّر حميد ڤرين، أمس، خلال افتتاح دورة تكوينية شرعت فيها وزارة الاتصال لمناقشة مسألة “أخلاقيات مهنة الصحافة”، بالمدرسة الوطنية العليا للعلوم السياسية ببن عكنون، مجموعة من المبادئ التي تندرج ضمن ما أسماه “الدائرة الفاضلة”، والتي تسعى، حسبه، لخلق مهنة تحتكم للمهنية والموضوعية، استنادا إلى ما ورد في خطاب رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، يوم 3 ماي الفارط بمناسبة اليوم العالمي لحرية التعبير. وذكر ڤرين، في الكلمة التي ألقاها بالمناسبة، أن التصور الجديد الذي يدعو إليه يعتمد على 3 معايير أساسية، تتمحور حول ضرورة الابتعاد عن “القذف والتشويه والشتم”. كما أوضح ڤرين أن المؤسسات الإعلامية وشركات الإعلان مدعوة للانخراط ضمن هذا التصور الذي يسعى لخلق ظروف مهنية في المستوى، داعيا إياها للتحلي بالتسيير السليم والعصري، والذي يقوم على المنافسة والمهنية، حتى تنخرط، حسبه، ضمن “الدائرة الفاضلة”. ودعا ڤرين شركات الإعلان “إلى نشر إشهارها في الصحف التي تحترم هذه الدائرة الفاضلة فقط”، وقال: “وفق هذا التصوّر، لا تمنح شركات الإعلان إشهارها إلا لصحف مهيكلة على شكل مؤسسات إعلامية حقيقية تعتمد على تكوين الصحفيين، وتضمن لهم أجورا محترمة، وتبتعد عن الأجور المهينة التي تمسّ بكرامتهم، وتضمن لهم مسارا مهنيا وتغطية اجتماعية كافية”، مضيفا أنه “لا يعقل، من الناحية المهنية والأخلاقية والقانونية، أن يقوم أي معلن يؤمن بفضائل الصحافة بتوزيع إعلانات على وسائل إعلامية لا تتقيّد بقواعد المهنة وأخلاقياتها، بل تجعل من القذف منهجا لها”. وبخصوص وضع الصحفيين، اعتبر الوزير أن الصحفي الذي لا ينخرط في المهنية ولا يعتمد على مصادر متعددة للخبر، والذي يختار بالتالي المساس بالموضوعية، ينخرط بشكل مباشر في التشويه والقذف. وتساءل ڤرين: “هل يوجد مؤسسات إعلامية أو صحفيون يرفضون الانخراط في هذه الدائرة الفاضلة؟”، ثم يجيب “حسب اعتقادي لا يوجد من يرفض هذا التصوّر، إلا ربما وسائل الإعلام التي تحرّكها حوافز غير الحوافز الحقيقية لمهنة الصحافة”. وأوضح “أن الحكومة تدعم خيار حرية التعبير، لكنها لا تقف مع حرية السبّ والشتم”، مضيفا “نحن مع صحافة حرة ومسؤولة تقدّم الخبر، وتضمن تكوينا لازما للصحفيين، وتبتعد عن الأحكام المسبقة”. ويعتقد المتحدث ذاته في السياق نفسه أنه “من حق الصحفي أن ينتقد، لكن بشكل مسؤول، ولا يسعى لتقديم معلومات خاطئة، ويروّج للإشاعات المغرضة، ويجعل منها أخبارا”. وضمن مسعى “تطهير الحقل الإعلامي”، ذكر ڤرين أنه “متفائل جدا من حدوث تغييرات مستقبلية، عبر تنصيب مختلف سلطات الضبط واللجان والمجالس التي تختار الإطار اللازم والحوار البناء والممارسة الصحيحة لمهنة الصحافة”. وضمن هذا المسعى، قال حميد ڤرين، في تصريح للصحافة على هامش دورة تكوينية لفائدة مهنيي الصحافة، إن وزارة الاتصال راسلت كل ناشري الصحف من أجل تخصيص 2 بالمائة من الأرباح لإجراء برامج تكوينية لفائدة الصحفيين. وأضاف أن مصالحه “تدعم الصحف المحترفة، وتحارب الصحف غير المحترفة”. وعقب كلمة الوزير، ألقى رشيد أرحاب، الصحفي الفرنسي من أصول جزائرية، محاضرة حول دور المجلس الأعلى للسمعي البصري في فرنسا، في ضبط مهنة الصحافة، والحيلولة دون حدوث تجاوزات تمسّ بالموضوعية وحرية التعبير في الوقت نفسه. واعتبر أرحاب، وهو عضو سابق في المجلس، أن هذا الأخير لا يمارس الرقابة، بل يسعى لحمل وسائل الإعلام على احترام معايير المهنية والموضوعية.