إذا كانت حوادث الانتحار قد أصبحت تحدث باستمرار في الجزائر وكذا قتل الأطفال على أيدي أشخاص ذكور وإناث بدافع الغيرة أو تصفية حسابات وآخرين يقتلون بعد ممارسة الفعل المخل عليهم بالحياء، لكن أن تقدم أم مصابة بمرض عصبي، على قتل فلذة كبدها، فإن ذلك يعد غير عادي. تنقلنا إلى حي المحرك عدة مرات على مدار 4 أيام متتالية، فلم نجد في المسكن الذي ارتكبت فيه الجريمة أحدا من سكانه ولا مجلس عزاء، فتحدثنا إلى عدد من الجيران الذين وجدناهم تحت الصدمة ولم يصدقوا لحد الآن ما حدث وكلهم أجمعوا بأنهم كانوا لا يعلمون بأن قاتلة ابنتها مصابة بمرض عصبي وأن زوج الجانية إنسان طيب وجار يضرب به المثل، وأنه شيء يصعب تصديقه ولم يسبق أن حدث في المدينة من قبل مثل هذه الجريمة. أحد الجيران أخبرنا أن العزاء مقام بحي آخر عند شقيق زوج الجانية، تنقلنا رفقته إلى الحي المقصود، وبعد وصولنا ودخولنا الى بيت العزاء، شاهدنا الأب المصدوم في استقبال المعزين وبصعوبة كان يرد عليهم. وبالرغم من محاولته استجماع قواه بترديد “إنا لله وإنا إليه راجعون” إلا أن الحزن والأسى كانا هما المسيطران عليه. بعد تقديم واجب العزاء، حاولنا الانفراد بالوالد لمعرفة تفاصيل ذلك اليوم المشؤوم الذي هز استقرار أسرته، لكنه امتنع عن الرد عن أسئلتنا، فتحدثنا مع عدد من الأقارب الذين وجدناهم في عين المكان، والذين أجمعوا كلهم على أن الزوجة القاتلة مصابة بمرض عصبي منذ أزيد من سنة، وقام زوجها بعرضها على عدد كبير من الأطباء والرقاة، إضافة إلى زيارة الزوايا، لكنها بقيت تعاني من حين لآخر من هذا المرض. وأفاد هؤلاء أنه قبل ارتكابها الجريمة بيوم واحد، أقامت مأدبة إفطار على شرف ابنة زوجها من زواج سابق توفيت والدتها وكذا بعض الأقارب، حيث في اليوم الذي ارتكبت فيه الجريمة قام الزوج بإيصال ابنته، ثم عاد الى المنزل بعد صلاة العصر وعند دخوله وجد الطفل البالغ من العمر3 سنوات يصرخ وهي تطارده من مكان إلى آخر من أجل قتله، ليتم إنقاذ ابنه من يدها، ثم اكتشف جثة ابنته داخل البرميل. وذكر أحد الأقارب أنه بالإضافة الى الطفل والطفلة البالغين من العمر 3 و4 سنوات على التوالي، يوجد طفل وطفلة آخرين يبلغان من العمر 7 و 8 سنوات، منذ سنوات عند جدتهما. الجنّ أمرها بقتل أبنائها تعذّرعلينا جمع تفاصيل وافية حول الواقعة، بعد رفض الوالد الإجابة على أسئلتنا نظرا لهول الصدمة، لذلك تنقلنا الى مقر الشرطة المتواجد في الجهة الغربية- طريق قصر الشلالة- أين تمت معالجة القضية والتحقيق فيها، وبيّنت المعلومات أنه أثناء التحقيق الأولي مع “الجانية” صرحت مرارا وتكرارا، أن أسباب قتلها لابنتها ومحاولة قتل الطفل الآخر يعود لأوامر الجن وأنها نفذت مطلبه. وأثناء مراحل التحقيق كانت مرتبكة وترتعش وتتلفظ بكلام غير مفهوم وهو ما يدل بأنها مصابة بمرض عقلي. وأشارت مصادرنا أن التحقيق جرى بحضور طبيب نفساني وأن جل الأشخاص الذين شملهم التحقيق بما فيهم أولئك الذين حضروا مأدبة الإفطار، أجمعوا أن هذه الأخيرة مريضة وكانت تقوم في تلك الليلة بحركات غير معهودة وكثيرة الكلام الذي جله في غير محله. الحبس المؤقت قبل المحاكمة وقد أودع قاضي التحقيق لدى محكمة عين وسارة، المتهمة الحبس المؤقت على خلفية جرمها المرتكب قبل عرضها على مستشفى الأمراض العقلية بالبليدة، لأن المتهمة لم يثبت طبيا بأنها مصابة بمرض عصبي لعدم وجود ملف بهذا الخصوص أو حتى بطاقة إعاقة، مما دفع بالجهات القضائية بإطالة عمر التحقيقات والتحريات لحصر كل جوانب هذه الجريمة المأساوية.