قال تعالى: {شهر رمضان الّذي أُنزل فيه القرآن هُدًى للنّاس وبيِّنات من الهُدى والفرقان} البقرة:185، وقال سبحانه وتعالى: {إنّا أنزلناه في ليلة القدر * وما أدراك ما ليلةُ القدر * ليلة القدر خيرٌ من ألف شهر} القدر:1-3. فالقرآن الكريم نزل في شهر رمضان المبارك، وتلاوته في رمضان والاستماع إليه ودارسته وتدبّر أحكامه من أعظم القربات الّتي يتقرّب بها الصالحون إلى الله تعالى. ففي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ”كان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أجود النّاس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان جبريل يلقاه كلّ ليلة من رمضان فيُدارسه القرآن” أخرجه البخاري ومسلم. وفي حديث فاطمة رضي الله عنها عن أبيها صلّى الله عليه وسلّم أنّه أخبرها: ”أنّ جبريل عليه السّلام كان يعارضه القرآن كلّ عام مرّة، وأنّه عارضه في عام وفاته مرّتين” أخرجه البخاري ومسلم. أمّا عن ختم القرآن في التّراويح فليس واجباً، وإنّما هو مرغوب فيه، والأصل فيه مراعاة أحوال المأمومين، وعدم الشقّ عليهم، وقد قال صلّى الله عليه وسلّم: ”مَن قام لعشر آيات لم يُكتَب من الغافلين” أخرجه أبوداود وابن خزيمة وابن حبّان وغيرهم وهو حديث صحيح. فليس العِبرة في القيام بختم القرآن الكريم وكفى، بل بتدبّر كلام الله والعمل به، والدعاء والتّضرّع لله ربّ العالمين، وسؤاله الأجر والمغفرة والعتق من النّار، كما جاء في حديث أمامة مرفوعاً: ”.. ولله عتقاء من النّار وذلك كلّ ليلة” رواه الترمذي وابن ماجه وهو صحيح. غير أنّ العادة الّتي جرى بها العمل في بلادنا هي ختم القرآن مرّة كلّ سنة في شهر رمضان خلال صلاة التّراويح، وأصلها مدارسة جبريل عليه السّلام لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم القرآن في رمضان كلّ سنة. فمَن استطاع الحفاظ على هذه العادة فلا يحرم إخوانه من سماع القرآن خلال هذا الشهر.