وضع مأساوي وكارثي يعانيه المصريون يوميا على وقع الانقطاعات المستمرة والمتكررة للتيار الكهربائي، وسط حالة من الاستياء والامتعاض من تدهور الوضع المعيشي الذي بات يؤرق الشعب المصري، بخاصة محدودي الدخل الذين يعانون الأمرّين، مرارة البطالة وعدم توفر فرص عمل، ومرارة انقطاع التيار الكهربائي، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة هذه الأيام. أينما تقودك قدماك في مصر تسمع شكاوى وترى الهم والغم يرتسم على ملامح المصريين وهم ينتظرون ويتوسمون خيرا في الحكومة الجديدة، لكن إجراءات التقشف وقرار رفع الدعم عن أسعار الطاقة الذي اتخذته الحكومة، جعل كثيرون يتذمرون ويتخوفون من الإجراءات اللاحقة لحكومة محلب الذي يؤكد في كل مناسبة أنه يعمل ويسهر على راحة المواطنين، وأن الإجراءات والقرارات التي اتخذها لن تضر المواطن البسيط والفقير على وجه التحديد، لكن الواقع يثبت عكس ذلك، وكأن نظام الحكم الجديد يتعمد زيادة المشاكل التي أثقلت كاهل المواطنين. “الأسعار مولعة”، “النور بيقطع كل شوية”، “الحر حيموتنا”، “حكومة السيسي خذلتنا”، بهذه العبارات يستقبلك المواطن المصري وأنت تتحدث إليه وتسأله عن رأيه في أداء السلطة الجديدة، فالأسعار زادت ضعف الثمن ومصالح المواطنين تعطلت بسبب انقطاع التيار الكهربائي الذي زاد هذه الأيام مع ارتفاع درجات الحرارة وزيادة استهلاك الطاقة، فباتت الكهرباء تنقطع بمعدل أربع إلى خمس مرات، وفي كل مرة ما بين ساعة ونصف إلى أربع ساعات، وهو الوضع الذي لم تشهده مصر حتى أيام ثورة 25 جانفي أثناء الإطاحة بالرئيس المخلوع حسني مبارك، ولا حتى أيام الرئيس المعزول محمد مرسي الذي شنّت وسائل الإعلام الخاصة حملات ضده، واستثمروا هذه الأزمة لتشويه صورته، ما جعل المصريين يضيقون ذرعا به، وهو الحال نفسه الذي بات عليه غالبية المصريين، لكن شريحة أخرى غضت بصرها عن هذه الأزمة، وراحت تمدح وتتغنى بالمشاريع التي يسعى السيسي لتنفيذها على أرض الواقع، خاصة مشروع تنمية قناة السويس الذي تم إسناد مهام تنفيذه إلى القوات المسلحة، ومن المتوقع أن يساهم في تحسين اقتصاد البلاد المتعثر، ويدرّ العملة الصعبة بعد انخفاض الاحتياطي الأجنبي لمصر. ويقول بعض من التقتهم “الخبر” إنهم لا يأبهون لانقطاع التيار الكهربائي، وأن نظام السيسي يعمل من أجل المصلحة العليا للبلاد، ليخرجها من المأزق الذي وقعت فيه، وأنهم سيتحملون كل ما ستحمله هذه الفترة من مشاكل وأزمات على أمل أن تحل في القريب العاجل وتعود عجلة التنمية إلى الدوران. أصحاب المحلات يلجأون إلى المولدات الكهربائية خوفا على سلعهم وللحد من خسائر انقطاع التيار الكهربائي المستمر والمتواصل، لجأ العديد من أصحاب المحلات الكبرى إلى شراء المولدات، خاصة مع زيادة ساعات انقطاع التيار الكهربائي التي تصل إلى ثلاث وأربع ساعات في المرة الواحدة، بعد تعرض مجموعة من سلعهم للتلف وخسارتهم لثلاجتهم التي فسدت بفعل الانقطاع المفاجئ. ويبلغ سعر المولد ما بين 150 إلى 400 أورو حسب الكفاءة والقدرة في الاستخدام، في حين لم يتمكن عدد كبير منهم من شراء المولد الكهربائي كبديل لحين علاج هذه الأزمة، ويفكر البعض في تحويل تجارتهم حتى لا يتكبدوا مشاكل أكبر. ويرى مختصون في مجال الطاقة أن مشكل انقطاع الكهرباء في مصر ناتج عن أسباب عدة، في مقدمتها تهالك محطات توليد الكهرباء وضعف قدرتها الإنتاجية، إضافة إلى النقص المستمر في مادتي المازوت والغاز اللازمين لتشغيلها وتضاعف الاستهلاك. وبين سندان الانقطاع المستمر للكهرباء ومطرقة حكومة لجأت إلى الأدوية المهدئة والمنومة والكلام المعسول، يجد المواطن المصري نفسه مجبرا على التعايش مع الظلام.