في عدد الجمعة ما قبل الأخير من ”الخبر” سلّطنا الضوء على فرق الرابطتين الأولى والثانية لكرة القدم التي تفضّل إجراء تربصاتها الإعدادية للبطولة الوطنية في الخارج، والوجهة غالبا ما تكون تونس والمغرب وتركيا. وأرجع مسؤولو تلك النوادي سبب اختيارهم مراكز التحضير في الخارج إلى غياب الأخيرة في الجزائر. إذا كان الناس هنا في سطيف يقولون ويرددون ”من شرب من ماء عين الفوارة، فإنه حتما سيعود ثانية لمدينة سطيف”، فإن مدرسة ”الباز” للرياضات الأولمبية تكاد تنافس رمز عاصمة الهضاب العليا، عين الفوارة، ليصبح بذلك المثل على النحو التالي: ”من زار مدرسة الباز وأقام فيها، فإنه حتما سيعود ثانية إليها..”، ولنا في وفاق سطيف وشباب بلوزداد خير مثال. وفاق سطيف وشباب بلوزداد.. زبونان دائمان ومن بين الفرق التي اختارت التربص في الجزائر هناك وفاق سطيف، الذي يشارك، قاريا، في بطولة أبطال إفريقيا، وكأس ”الكاف”، علاوة على التحديات المحلية، ورغم التحديات التي تنتظره إلا أنه قرر التحضير لها في المدرسة الوطنية للرياضات الأولمبية ”الباز” بسطيف. تعدّ المدرسة الوطنية للرياضات الأولمبية بسطيف نموذجا لتجمع مجموعة من الهياكل الرياضية دخل مساحة واحدة، تجعل من الوافدين لها، يخيّل لهم وكأنهم في أحد مراكز التكوين أو التحضير التابعة لكبر الأندية الأوربية، سواء من ناحية نوعية الهياكل ودقة تصميمها وفق المعايير الدولية، أو في مجال التسيير والصيانة التي يقوم بها الطاقم الإداري لهذه المدرسة والمتميز بالصرامة والمتابعة اليومية لكل المرافق. ملاعب لكرة القدم بجودة عالية ومقاييس عالمية تضمّ المدرسة أربعة ملاعب لكرة القدم، منها واحد رئيسي به مدرجات تتسع ل1200 متفرج، ويحتوي على مضمار لألعاب القوى، في حين تم تغطية أرضيته بالعشب الطبيعي، وبإمكانه استقبال أي منافسة رسمية سواء في كرة القدم أو ألعاب القوى، كما خصصت المساحات الكبيرة المتواجدة تحت بناية المدرجات لتحتضن غرف لتغيير الملابس وحمامات بخارية وعيادة طبية مزودة بكل تجهيزات التدليك والعلاج. كما زودت الغرف بتجهيزات ”الجاكوزي” و«الدوجو”. وغير بعيد عن هذا الملعب، وبتصميمات هندسية وجغرافية، يوجد ثلاثة ملاعب أخرى مجاورة لبعضها، اثنان منها بالعشب الاصطناعي من آخر جيل وآخر من العشب الطبيعي، وهو ما يسمح بتدريب مجموعة من الفرق دون عناء أو اكتظاظ. ولأن مهمة المدرسة الأولى مقتصرة على التكفل بالمواهب الشابة التي يتم توجيهها من قِبل الاتحاديات المختصة في رياضات ألعاب القوى وكرتي اليد والسلة والكاراتي والملاكمة والمصارعة، فإن هذه الملاعب تبقى من دون استغلال، الأمر الذي جعل القائمين على هذه المدرسة، وتبعا لتوجيهات وزير الرياضة الذي حث في الكثير من المناسبات وآخرها من الشلف بضرورة استغلال الفرق المحترفة لكرة القدم للمنشآت الرياضية المتواجدة بالجزائر من أجل إجراء تربصاتها التحضيرية. البداية مع الفرق الوطنية وفريقي الوفاق وبلوزداد انطلقت المدرسة في استقبال الفرق الوطنية للأكابر لمختلف الرياضات والاختصاصات من أجل إقامة معسكرات لهم بالمدرسة، فكانت منتخبات كرة السلة، الطائرة، اليد، ألعاب القوى والكاراتي دو الذين تركوا انطباعات حسنة حول أجواء التحضيرات بهذه المدرسة المتواجدة بمنطقة معزولة عن ضوضاء المدينة، ومحاطة بأشجار غابة الزاوش المعروفة بسطيف، وهو ما يوفر كل التركيز والهدوء للاعبين، حتى إن بعض الرياضيين أكدوا لنا بالقول ”في هذه المدرسة يمكنك النوم فوق الماء نتيجة للهدوء الكبير الذي يميز فضاءاتها”. ثم كانت التجربة الثانية مع فريق وفاق سطيف، الذي اقتنع مسيروه بضرورة التحضير بهذه المدرسة قبل مواجهاتهم الهامة في إطار رابطة أبطال إفريقيا، وكذا استعدادا للموسم الكروي الجديد. وفعلا جاءت نتائج الفريق لتؤكد نجاح التربص من كل النواحي، وحتى رئيس الفريق حمار أكد لنا بالقول: ”لقد وجدنا في هذه المدرسة أشياء ومرافق لم نجدها في بلدان أخرى تربصنا بها. وأؤكد لكم أن الوفاق سوف لن يتربص مستقبلا خارج الوطن، إلا بالنسبة للتربصات الشتوية التي تشرف عليها الشركة الراعية لألبسة الفريق”. بعدها جاء الدور على فريق شباب بلوزداد الذي تربص مرتين بهذه المدرسة، وألح مسيروه على ضرورة السماح لهم بالمبيت والأكل داخل المدرسة، غير أن بعض الأشغال والترتيبات التي اتخذها مسؤولو المدرسة حالت دون ذلك. تهافت كبير من قبل رؤساء الأندية على منشآت المدرسة في ظرف وجيز بلغت سمعة هذه المدرسة كل مسامع الفرق الوطنية المحترفة بقسميها الأول والثاني، وأصبح الكل يريد التربص بداخلها، وهو ما لمسناه من تصريحات لرؤساء شباب قسنطينة، شباب عين فكرون، أولمبي الشلف، نصر حسين داي وغيرها من الفرق الأخرى التي تأكد مسؤولوها من خلال المردود الذي أبان عليه فريق وفاق سطيف في المنافسة الإفريقية والحضور البدني والذهني للاعبيه، وأن نجاح التحضيرات وراء كل تلك النتائج، وهو ما جعلهم يصرحون بأن فرقهم ستقوم بتحضيراتها المستقبلية بهذه المدرسة أو بمدارس أخرى مشابهة لها. هذا الأمر جعل القائمين على المدرسة يفكرون في كيفية التعامل مع فرق كرة القدم مستقبلا، وكيف يمكن ألا يؤثر تواجد هذه الفرق على المهمة الأولى والرئيسية للمدرسة المتمثلة في التكفل بالمواهب الرياضية الشابة. الفرق مطالبة بتقديم برنامج تحضيرها قبل الدخول إلى المدرسة ويتعين على الفرق المحترفة التي تنوي التربص مستقبلا بهذه المدرسة أن تتقدم بطلب للمدير مصحوبا ببرنامج التحضير وتوقيته، وحتى تتمكن الإدارة من اتخاذ كل الإجراءات المساعدة لإنجاح التربص، كما تصرّ الإدارة على عدم برمجة تربصات خلال الفترة التي يكون فيها رياضيو المدرسة متواجدين بها. ويفكر المسؤولون في إمكانية عزل الفرق مستقبلا عن مكان تدرب وإيواء المواهب الشابة، خاصة وأن المدرسة تتوفر إلى جانب فندق به 52 غرفة على مرقد به 50 سريرا مجهز بكل المرافق الملحقة به، كما أن وجود مطعم تابع للفندق يمكنه توفير 300 وجبة غذاء دفعة واحدة سيسهل من مهمة المدرسة في استقبال مجموعة من الفرق في وقت واحد. كما تسمح المدرسة لمسؤولي الفرق باختيار أنواع الوجبات الغذائية التي يحددها الطاقم الطبي لتلك الفرق، ويسهر على تحضيرها الطاقم المطبخي للمدرسة، والذي يعد محترفا في مجال تحضير الوجبات الغذائية الصحية. كما يمكن لإدارة المدرسة أن تنظم أية فعاليات يطلبها مسؤولو الفرق للتنفيس عن لاعبيهم، على غرار إقامة الحفلات والجولات السياحية وغيرها، إلى جانب تواجد فضاءات للترفيه والتسلية بالمدرسة، كما هو الشأن بالنسبة للنادي الذي يحتوي على ألعاب ”البيار”، ”البابي فوت”، وتنس الطاولة، وهناك أيضا فضاء للأنترنت ومكتبة للمطالعة. كما وضعت المدرسة مجموعة كبيرة من الدراجات الهوائية بجانب الحظائر المخصصة لركن السيارات، يمكن لأي زائر أو مقيم بالمدرسة أن يستعملها من أجل النزهة والاستجمام داخل محيطها. لا عذر لرؤساء الفرق مستقبلا والوزارة مطالبة بتسهيلات أكبر من خلال كل ما عرضناه في هذا الروبورتاج عن المدرسة الوطنية للرياضات الأولمبية بسطيف، والإمكانات البشرية والمادية التي تتوفر عليها، واستعداد القائمين عليها لتوفير كل النجاح للفرق المتربصة بها، لم يبق من عذر لدى رؤساء الأندية المحترفة الجزائرية يبررون به ضعف الهياكل بالجزائر عامة، وتفضيلهم التربص خارج الوطن، رغم أن ما ينفق على التربص في مدرسة بحجم تلك المتواجدة بسطيف لا يتعدى الثلث مما تصرفه هذه الفرق على تربصاتها بالخارج. وفي مقابل ذلك، فإن وزارة الرياضة مطالبة بتقديم تسهيلات أكبر لهذه الفرق عن طريق تقنين وتنظيم هذه التربصات من الناحية القانونية، وترك المجال واسعا للمسؤولين عن هذه المدارس من أجل استغلالها بالكيفية التي تضمن محافظة المدارس على نوعية الخدمات بها، وتحقيق أرباح اقتصادية، تمكن من خلق استثمارات أخرى وتحسين الأداء للطاقم العامل بها. *المدرسة الوطنية للرياضات الأولمبية بسطيف تعتبر مرفقا رياضيا نموذجيا لما تحتويه من مرافق رياضية، من ذلك المسبح الأولمبي الذي يتسع لأكثر من1200 مقعد يعدّ الأول من نوعه على المستوى الوطني بهذه التقنيات العالمية، وقاعة متعددة الرياضات ب500 مقعد، بالإضافة إلى 5 قاعات لرياضات الجمباز، الكاراتي، الجيدو، التايكواندو وغيرها من الرياضات القتالية. * تعد المدرسة مركزا لرعاية وتكوين المواهب الشابة، بها أربعة ملاعب لكرة القدم، اثنان مغطاة بالعشب الطبيعي، و6 ساحات لتنس الميدان بمدرجات. وكلف هذا المشروع خزينة الدولة 3.551.585.000.00 دج * تحوي المدرسة الرياضية على جناح بيداغوجي به 10 أقسام ومركز الترفيه العلمي، جناح للإقامة ب50 غرفة بمعدل سريرين لكل غرفة، ومرقد بطاقة استيعاب 50 سريرا، وجناح إداري بالإضافة إلى مطعم يستوعب 300 طالب، بالإضافة إلى الجناح الطبي. * تم تدشين المدرسة من قبل وزير الشباب والرياضة سابق، وزير الرياضة حاليا البروفيسور محمد تهمي في سبتمبر 2012. وحضر مراسيم الافتتاح أسماء رياضية معروفة، منها البطل في ألعاب القوى سعيد ڤرني جبير، وعبد الحميد صالحي.