ولد ليث يوم 19 ماي 2014 الفارط، بالمستشفى الجامعي ابن باديس، إلا أن الصغير أصيب بمرض اليرقان أو ما يعرف ب”الصفاير”، وهو ما استلزم مكوثه بالمستشفى يوما كاملا بتاريخ 25 ماي، قبل أن تقع الفاجعة في حدود الساعة الخامسة صباحا والنصف، ويختطف ليث من قبل شخصين. وقد تفطنت الممرضات اللواتي كن تلك الليلة في المناوبة إلى أن الرضيع غير موجود، وهو ما تأكد بعد قدوم الطبيبة المقيمة المشرفة على حالته والتي أرادت تفقد حالته، لتكتشف أنه غير موجود. وتم إثرها إخطار إدارة المستشفى التي اتصلت بالعائلة وقامت بإيداع شكوى ضد مجهول لدى مصالح الشرطة التي فتحت إثرها تحقيقا في القضية. لجوء إلى الشارع عائلة ليث لجأت إلى الشارع ونظمت وقفات احتجاجية من أجل استرجاع ابنها، أعطى من خلالها وزير العدل، الطيب لوح، توجيهات للنائب العام لمجلس قضاء قسنطينة للإسراع في مسار التحقيقات، فيما أنشأ وزير الصحة عبد المالك بوضياف خلية أزمة وقام بتوقيف 6 موظفين. وأشارت التحقيقات الأولية مع السيدة الموقوفة إلى أنها وزوجها اتفقا مع أحد عمال المستشفى من أجل سرقة الطفل ليث، مع منحها بيان ولادة، باستعمال ختم خاص بطبيبة مقيمة، يعتقد أنه تمت سرقته قبل قرابة شهرين، ليتمكن الجناة من وضع الختم على بيان الولادة، إلا أن المحققين لم يجدوا أي أثر لدخول السيدة للمستشفى والولادة فيه من خلال كل السجلات، وقد قدرت صفقة بيع ليث ب60 مليون سنتيم استلمها عون الأمن الوقائي المتهم في قضية السرقة. كلاب بوليسية في منازل المشبوهين باشرت مصالح الشرطة القضائية لأمن ولاية قسنطينة، التحقيق مع الفريق المناوب بمصلحة الرضع، حيث وضعت 6 موظفين من عمال وممرضين تحت الرقابة القضائية، كما تم التنقل إلى منازلهم رفقة الكلاب البوليسية، في محاولة لتعقب أثر الطفل، في حين كلف فريق آخر من المحققين وبدعم من النيابة العامة ووكيل الجمهورية لدى محكمة قسنطينة، من خلال إصدار تسخيرة وجهت لمتعاملي الهاتف النقال الثلاثة، بالبحث في البيانات الخاصة بالهاتف المحمول ورصد كل الأرقام التي استعملت ما بين الثانية صباحا من يوم 26 ماي وإلى غاية الساعة السادسة صباحا من نفس الفترة، لتضييق نطاق البحث مع التركيز على هواتف عمال مصلحتي التوليد. هكذا عثر على ليث في سكيكدة كانت الساعة تشير إلى الحادية عشرة من صباح يوم الجمعة 13 جوان الماضي، عندما دخلت ثلاث سيارات سوداء رباعية الدفع إلى بلدية تمالوس وظلت متوقفة لدقائق أمام مقر فرقة الدرك الوطني، وفجأة تدعمت بفرق من قوات الدرك الوطني والشرطة، حيث استغلوا وقت صلاة الجمعة وتنقلوا إلى حي مولود بلاسكة المعروف باسم ”لاسيتي”، وسرعان ما طوقوا المكان وداهمت قوات الأمن منزلا في الطابق الأول، وما هي إلا دقائق، حتى خرج أحد المحققين يحمل رضيعا بين يديه واتجهوا به على الفور نحو المستشفى، وهنا نزل الخبر وانتشر كسرعة البرق وتعالت صيحات أبناء الجيران وهم يرددون على مسامع الحاضرين ”دار الكحلان سرقوا طفلا”. امرأة عاقر نسج الزوجان سيناريو مفبركا لاختطاف ليث، حيث إن الزوجة ”ب.ز”، 44 سنة، ادعت أمام عائلتها وبمكان عملها بأنها حامل رغم أنها تعاني من العقم، ومنحت لها عطلة الأمومة، ونظرا لكبر سنها وإصابتها بمرض القلب، اتفقت مع زوجها ”ن.س”، 59 سنة، على الذهاب إلى قسنطينة لإجراء عملية قيصرية لوضع المولود، وهو ما تم في نظر عائلتها عندما عادت ابنتهم وزوجها بعد 20 يوما قضتها بعد الوضع بمنزل عائلة زوجها في قسنطينة بحكم العادات والتقاليد التي تقضيها المرأة بعد الوضع، ولكون المتهمة معروفة لدى عامة الناس بتمالوس بأنها امرأة عاقر، قررت إقامة مراسيم حفل ”العقيقة” لإيهام سكان الحي بأنها أنجبت، ومن هنا بدأت القضية عندما شككت إحدى جاراتها في قصتها والتي بدورها أخبرت زوجها الذي أبلغ مصالح الدرك. وبناء على هذه المعطيات، قامت مصالح الدرك بتتبع خيوط القضية، ومن صحة المعلومات الواردة، وبالتنسيق مع عناصر الشرطة القضائية لأمن ولاية قسنطينة، وبإخطار من السيد وكيل الجمهورية لدى محكمة تمالوس الابتدائية، تمت مداهمة منزل المعنية، حيث تمّ توقيفها واسترجاع الرضيع. من جهتهم، المواطنون والجيران ببلدية تمالوس تفاجأوا للأمر، حيث إنهم يعلمون أن المرأة المتهمة عاقر ولا تنجب الأولاد وفجأة ظهر في حياتها هذا الطفل، بعد أن أوهمتهم بأن الفضل يعود إلى الطب البديل والرقية. صفقة بسعر قطعة أرضية ومتهم متزوج من أربع نساء بحكم أن المتهمة عاقر وقد بلغت سن اليأس، اتصل زوجها بفضل علاقاته المتعددة برؤوس عصابة الاختطاف، ومنهم عون أمن بالمستشفى الجامعي وقابلة بمصلحة الولادة واتفق معهما على شراء الرضيع وبأي طريقة، بعد أن حدد مبلغ 60 مليون سنتيم، وهنا اتفق المتهمان على بيع قطعة أرضية ملك للزوجة بالمفرزة رقم 9 بتمالوس، لتدبير إبرام صفقة لشراء الطفل، بعد أن تنقلا سويا إلى مدينة قسنطينة لاستلام الرضيع والتوجه به مباشرة إلى بلدية تمالوس مكان إقامتهما. الأمن يشن حملة بالملصقات لتوقيف المتهم الرئيسي بعد أن ظل المتهم الرئيسي في سرقة الطفل ليث كاوة في حالة فرار، ولتحديد هويته، شنّت مصالح الأمن حملة بالملصقات للتبليغ عن الجاني الذي يستعمل في تنقلاته سيارة ملكا لزوجته من نوع ”ماروتي” زرقاء اللون، ووسط تضارب في المعلومات حول تنقله إلى إحدى ولايات الجنوب ومغادرته أرض الوطن، كونه يحمل الجنسية الفرنسية، نجحت الشرطة بمدينة سيدي مزغيش، بعد ثلاثة أيام، في توقيفه بأحد المقاهي الشعبية بقرية الكنتور التابعة لبلدية عين بوزيان، حيث كان الجاني بصدد تناول وجبة فطور الصباح، وهو في طريقه لزيارة والدته بمدينة الميلية في ولاية جيجل، ولم يبد المعني أي مقاومة لدى توقيفه وهو متزوج من 4 نساء آخرهن شريكته في هذه الجريمة النكراء. عودة الابن المسروق توّج الرضيع كاوة ليث محفوظ البالغ من العمر 25 يوما يوم رجوعه إلى منزله ملكا في موكب طويل من السيارات محروس من قبل الأمن الوطني، انطلق من المستشفى الجامعي ابن باديس في قسنطينة، مرورا بمقر الأمن الولائي، حيث سلم بطريقة رسمية لعائلته إلى غاية وصوله إلى منزله في حدود الساعة 12.30 دقيقة، حيث استقبل بالبارود والزغاريد ودموع الفرح وهو في حضن أبيه. وقد حلت الوزيرة المنتدبة لدى وزارة السياحة والصناعة التقليدية عائشة تغابو ضيفة رفقة والي ولاية قسنطينة، حسين واضح، ووفد مرافق لهما ببيت ليث، وقد تم تحضير وليمة خاصة وحفل ختان لليث أياما قليلة بعد رجوعه. ليث أصبح نجما مشهورا تغيرت الصورة في بيت ليث كاوة وعائلته الصغيرة والكبيرة بعد مرور قرابة 3 أشهر على حادثة اختطافه من قسم حديثي الولادة بالمستشفى الجامعي ابن باديس في قسنطينة، حيث كان يخيم عليهم الحزن، ليتحول إلى سعادة وفرح وسط ابتسامة وضحكات الصغير ليث التي لا تتوقف. قادتنا زيارة إلى بيت السيد كاوة فريد وقريشي اسمهان والدي الصغير ليث الذي انتشرت قضية اختطافه وصنعت الرأي العام داخل وخارج الجزائر، وهو ما أكده هذان الأخيران بالنظر إلى الاتصالات التي لاتزال ترد إليهما لحد الساعة، مباشرة يوم وصولهما من ولاية جيجل، حيث قضوا العطلة الصيفية على شواطئها هناك رفقة ابنتيهما ماجدولين ولجين وليث الذي أصبح طبق الأصل من أخته الكبرى. السيدة اسمهان وفي حديثها إلينا، قالت إنها لاتزال لحد الساعة تسترجع ذكريات الحادثة وبآثارها السلبية التي أضحت تتلاشى مع مرور الأيام قائلة: ”أحيانا أتساءل مع نفسي هل صحيح عشت هذه القصة واسترجعت ابني المختطف وهو أمامي الآن؟”، وهو الأمر الذي تحدث عنه السيد فريد الذي كشف هو الآخر أنه هو وزوجته كل مرة يشاهدان فيها الفيديوهات المصورة في مختلف القنوات ويبكيان بنفس الحرقة ويتذكران الألم والأسى الذي تسبب لهما فيه الخاطفون والوسطاء الذين رفضا ملاقاتهم أثناء مجريات التحقيق وتركا القرار للعدالة في معاقبتهم، كما تحدثت الزوجة عن مرحلة خوف أصابتها بعد العثور عليه وأصبحت تخاف على أطفالها قبل عودة الاستقرار إلى المنزل مرة أخرى. والد الرضيع المسترجع كشفا أن ليث أصبح نجما وشخصا مشهورا، حيث تعرف عليه الجميع ومازال المواطنون يبدون تعاطفهم رغم استرجاعه ويستوقفونهم في كل مكان تكون فيه العائلة، مشيرا إلى أن منزله لايزال يستقبل عائلات قادمة من ولايات الجنوب وخاصة الغرب الجزائري ومن عناصر للشرطة والأمن يقصدونه للاطمئنان عليه وعلى صحة ليث، ومن طرف مغتربين جزائريين يرسلون له الهدايا ومنهم من قصد منزله، حيث تأكد له أن ليث تبناه الجميع. والدة ليث هي الأخرى بدورها صرحت أن قصة ابنها حركت مشاعر حتى الأجانب الذين أعربوا عن طريق رسائل قصيرة عن تضامنهم وعن هول القضية، وقد أسرت لنا أنها احتفظت بأغلب القصاصات لمختلف الجرائد وهذا لتخبر ابنها بالقصة بعد بلوغه سن 5 سنوات وكيف تم استرجاعه من قبل عناصر الشرطة والأشخاص الذين ساعدوا في العثور عليه وكيف عاشت عائلته حزنا من أجله.