على خلاف السنة الماضية، عزفت العروض المسرحية الأولى المتنافسة على جوائز الدورة التاسعة للمهرجان الوطني للمسرح المحترف، على إيقاع المواضيع الاجتماعية، سواء المقتبسة من نصوص عالمية كحال مسرحية “النهاية “ للمخرج أو التي حاولت تقديم فلسفة الحياة في المجتمعات كما رسمها المخرج حميد قوري في عرض “انتظار المحاكمة”. غاصت مواضيع المسابقة الرسمية للمسرح المحترف عميقا في اتجاه البحث عن المبادئ والقيم الأخلاقية، فالحياة التي صورها المخرج حميد قوري عبر مسرحية “انتظار المحاكمة” لا تبدو بخير. وقد رفع الستار في الدورة التاسعة للمهرجان على غياب الأخلاق وغياب مبادئ المجتمع بعد أن تنكّر الإنسان للإنسانية وابتعد عن الحب واقترب من الباطل، كما قالت المسرحية التي أنتجها المسرح الجهوي عز الدين مجوبي بعنابة من نص المسرحي محمد بورحالة. وعلى ذات النسق الإنساني، كانت مواضيع الأربعة عروض الأولى التي قدمت في إطار المسابقة التي تضم 17 عرضا، حملت في معظمها نكهة جديدة للمسرح الوطني محي الدين بشطارزي. فبعيدا عن لغة الثورة ومواضيع حرب التحرير الكبرى التي كرستها الدورة السابقة بالتزامن مع إحياء الجزائر للذكرى الخمسين لاستقلال الجزائر، قدمت الجمعية الثقافية “جيلالي عبد الحليم” من ولاية مستغانم عرضا مقتبسا من نص الشاعر العالمي صامويل بيكيت الإيرلندي الأصل الذي يعتبر الكاتب الأكثر شجاعة في القرن العشرين، وقد اختارت مستغانم أن توقّع حضورها هذا العام بعرض مقتبس من أعمال الكاتب الحائز على جائزة نوبل. فعلى نسق مسرحيته الشهيرة “في انتظار جودو” التي كتبها يحاور شعور التهميش و العزلة نزلت مسرحية “النهاية” للمخرج أحمد بلعالم ضيفة على ركح بشطارزي تحاور العزلة والأرق في عيون إحدى السيدات المقعدة والكفيفة، وفي بيت عتيق كان مناسبا ليحتضن الرمزية العالية التي حاول المخرج إيصالها إلى جمهور المسرح الجزائري بفلسلفة “العبث”. و هكذا مضت العروض المتنافسة، خلال اليومين الأولين تبحث عن الواقع والإنسانية، كما فتحت تعاونية “كانفا” من برج بوعريريج للجمهور نافذة تطل على مشاعر الخوف والقوة والحسرة والأمل لرجل يعبر إلى ساعته الأخيرة وهو يوقّع “تأشيرة الرحيل” على حبل المشنقة، كما رسمها المخرج وصاحب النص سفيان عطية. وعلى وتر الاقتباس من النصوص العالمية، رحل المسرح الجهوي قسنطينة عبر تقدمه لعرض “العرضة” بجمهور المسرح المحترف لوحة من “الملك يتماوت” للكاتب الروماني يوجين يونسكو، الذي تستهوي نصوصه العديد من الفرق المسرحية الجزائرية التي قدمت العمل في مناسبات مختلفة، حيث حاول المخرج فوزي بن براهيم خلال ساعة ترجمة الموت إلى محطة وهمية في الحياة عاجزة على إيقاف عقارب الزمن التي تواصل المضي باتجاه أزمة مملوءة بالأفكار لا تنتهي. و لا يزال في حقيبة العروض المنافسة نصا مقتبسا من الأعمال العالمية، حيث اختار المسرح الجهوي قالمة نصوص أليخندرو كازونة لتدخل مسابقة المهرجان الوطني للمسرح المحترف، من خلال مسرحية” الكلمة الأخيرة” للمخرج عيسى جقاطي. وتوقع أعمال الأديب كاتب ياسين حضورا، عبر عملين في إطار المسابقة الرسمية التي تضم 17 عملا، حيث اختار المسرح الجهوي سيدي بلعباس عرض “الأجداد يزدادون شراسة” المقتبس من نص كاتب ياسين للمشاركة في المهرجان ويقدمها إخراجا على خشبة المسرح المخرج محمد الفرمهيدي.