سينزل إلى البرلمان بغرفتيه مشروع قانون عصرنة العدالة للمصادقة عليه، والذي سيسمح في جزء منه باللجوء خلال التحقيق القضائي إلى جلسات عبر الفيديو عن بعد خلال الاستجواب أو الاستماع للأطراف. وستحاول وزارة العدل إقناع نواب البرلمان بهذه “التقنية” بعدما تمت الموافقة عليها في مجلس الوزراء الأخير، لكن المحامين اعتبروها خرقا للقانون وستزيد في خلق مشاكل كبيرة، فيما اعتبرها وزير العدل مهمة لتفادي تأجيل القضايا ومحاكمة الأشخاص. قال وزير العدل حافظ الأختام، الطيب لوح، أمس، مجيبا عن سؤال “الخبر” يتعلق بالهدف من وراء اعتماد آلية المحاكمة عن بعد (بواسطة السكايب)، على هامش تدشينه مركز شخصنة الشريحة للإمضاء الالكتروني، “نحن متخلفون ومتأخرون جدا في مجال عصرنة العدالة، والاعتماد على هذه الآلية سيساعدنا في الاستماع إلى الشهود دون عناء تنقلهم، لاسيما إذا كانوا يقيمون بعيدا عن مقرات المحاكم”. وأوضح الوزير: “وستتيح آلية المحاكمة عن بعد أيضا تفادي تأجيل القضايا ومحاكمة المتهمين، وتطبيقها طبقا للإجراءات سيكون بعد صدور القانون المتصل بها قريبا”. من جهة أخرى، قال المدير العام للشؤون القانونية بوزارة العدل، محمد عمارة، في تصريح ل”الخبر”، على هامش نشاط الوزير، إن “الجلسات عبر الفيديو آلية مهمة جدا ومطبقة في دول كثيرة، وتخص بالدرجة الأولى محاكمة المجرمين الخطيرين، مثل عبد الرزاق البارا، الذين يمكن أن يسببوا اضطرابا في جلسات المحاكمة”. لكن مصدرا مطلعا أشار إلى أن “الجلسات عبر الفيديو يمكن أن تفيد متهمين فارين في الخارج، ممن يصعب جلبهم إلى الجزائر، وبالتالي تتم محاكمتهم عن بعد في دول لا توجد بينها وبين الجزائر مذكرات تسليم، وعليه يصدر على المتهم حكم لكنه يبقى طليقا دون عقاب”. من جانبه، أفاد منسق شبكة المحامين المدافعين عن حقوق الإنسان، أمين سيدهم، أمس، في تصريح ل”الخبر”، بأن “الاعتماد على آلية الجلسات عبر الفيديو فكرة جيدة بالنسبة لسماع الشهود، لاسيما من جانب عدم تأجيل القضايا، لكن محاكمة المتهمين بهذه التقنية أمر غير مقبول لا إجرائيا ولا قضائيا”. وقال سيدهم: “إذا كانت الجلسات التي يحضرها الشهود والمتهمون تشهد صعوبات إجرائية تؤثر على السير الحسن للجلسات، فما بالنا بالمحاكمة عبر السكايب، أضف إلى ذلك أنها تعتبر خرقا للقانون، لأن النصوص الحالية يفترض فيها علنية الجلسات والمحاكمات، وضرورة حضور المتهم في الجلسة، لأنه عندما يغيب المتهم، الدفاع لا يحق له المرافعة، وبالتالي، ستخلق هذه الآلية إشكالات أكثر مما هي عليه الآن، وهذا الإجراء لم تتخذه أي دولة في العالم”. وتساءل المتحدث: “ما هو الهدف من وراء آلية المحاكمة عبر الفيديو، ولماذا الإعلان عنها في هذا الوقت بالذات، خاصة مع وجود ملفات شائكة تتعلق بالاختلاسات والقضايا الأمنية، وما الضمانات التي تجعل الشاهد يدلي بشهادته دون ضغوطات؟”. وتابع سيدهم: “إذا كانت الجلسات عبر الفيديو لسماع أقوال الشهود فكرة جيدة، إلا أنها قد يبنى عليها مصير أشخاص، لذلك واجب على وزارة العدل توفير الضمانات التي توفر شهادات خالية من الضغوطات، لأن كل ملف قضائي له خصوصياته بغض النظر عن الإشكالات التطبيقية”. وطالب متحدث “الخبر” وزارة العدل ب”إدراج إجراءات جديدة على إدارة السجون تسمح بتحويل المساجين في الوقت المناسب لضمان حضورهم الجلسات، وكذا تنظيم النيابات العامة، لأن الاعتماد على تقنية السكايب لن يحل إشكال تأجيل المحاكمات، بل سيزيدها تعقيدا”. للإشارة، صادق مجلس الوزراء، في اجتماع له بتاريخ 26 أوت المنصرم، برئاسة رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، على مشروع قانون يتعلق بعصرنة العدالة، يهدف إلى تحسين وتسريع الإجراءات لفائدة المتقاضين. وجاء “نص القانون ليقنن الاتصال الإلكتروني للإجراءات القضائية التي تصبح معترفا بها أمام القانون”. ويسمح مشروع القانون باللجوء خلال التحقيق القضائي إلى الجلسات عبر الفيديو عن بعد خلال الاستجواب أو الاستماع للأطراف.