كيف ينتخب البوسنيون مجلسهم الرئاسي الثلاثي خلال الرئاسيات المقررة في 12 أكتوبر؟ كما هو الحال بالنسبة لدستور البلاد والسياسة التقسيمية للبوسنة والهرسك، فإن انتخاب أعضاء مجلس الرئاسة في البوسنة معقد بعض الشيء، وبطبيعة الحال فهو غير منطقي على الإطلاق، فالدولة مقسمة إلى كيانين رئيسيين فيدرالية البوسنة والهرسك، والجمهورية الصربية، وهناك الكيان الذي يمكن القول عليه أنه غير محدد أقصد بمدينة “برتشكو” التي لا تتبع لأي من الكيانين المذكورين، وفيما يخص أعضاء مجلس الرئاسة، فإنه في جمهورية صرب البوسنة يتم انتخاب العضو الصربي في مجلس الرئاسة، بينما في الفيدرالية البوسنية يتم انتخاب العضوين الباقيين المسلم والكرواتي. من هم أبرز المترشحين في هذه الانتخابات؟ لدينا أولا: عضو مجلس الرئاسة الحالي “باكير عزت بيغوفيتش” نجل المرحوم رئيس البلاد الأول للبوسنة والهرسك “علي عزت بيغوفيتش”، وخاض “باكير” معركة الانتخابات لمجلس الرئاسة في الفترة السابقة ونجح بها بفارق بسيط جداً أمام منافسه الرئيسي فخر الدين رادونتشيتش، زعيم ومؤسس حزب “المستقبل أفضل” رجل الأعمال من أصل السنجق (إقليم بوسني اقتسمته جمهوريتا صربيا مع الجبل الأسود خلال الحرب الأهلية 1992/ 1995) وهو رجل أعمال كبير كان يحظى بدعم كبير من المرحوم علي عزت بيغوفيتش، وحصل على منصب وزير الأمن للبلاد العام الماضي، وتمت إقالته بسبب أحداث الشغب أو الثورة الشعبية التي جرت في البلاد في ربيع هذا العام، ورفض آنذاك كوزير للأمن إدخال الوحدات الأمنية لمكافحة أعمال الشغب التي حصلت آنذاك، بحجة أنه ليس بيده الأمر لمثل هذا الموضوع، وأيضاً بأنه لا يرغب في الضغط ومكافحة المواطنين لما يطالبون بحقوق مشروعة لهم، من إيقاف الرشاوى في البلاد والإهمال للمواطنين من قبل ساسة البلاد. ثالثا: الدكتور مصطفى تسيريتش، المفتي العام للبوسنة والهرسك سابقاً، وهو مرشح حر لكنه قوي أيضاً، ولو أن ظاهرة ترشيحه للانتخابات غريبة بعض الشيء لمواطني البوسنة، كون “مصطفى تسيريتش” رجل دين وليس رجل سياسة، ولكنه في الحقيقة كان يمارس السياسة الدينية خلال فترة وجوده كمُفت عام للبلاد. رابعا: المرشح “باكر هاجي عميروفيتش” صحفي سابق ومطرب أيضاً، وهو مرشح رئيسي لأحد الأحزاب الكبرى في البوسنة “الحزب الديمقراطي الاشتراكي”، الحزب الشيوعي سابقا، وهذا المرشح كان معروفا في برنامجه التلفزيوني تحت اسم “60 دقيقة”، حيث أنه لم يسلم من لسانه السليط أي حزب من الأحزاب البوسنية على مدى أعوام مضت، إلى أن تم إلغاء برنامجه التلفزيوني اللاذع. خامسا: “مرساد كيبو”، وهو حاليا نائب رئيس فيدرالية البوسنة والهرسك، وكان قد قدم استقالته من حزب “الحركة الديمقراطية” الذي ينتمي إليه باكير عزت بيغوفيتش، وهو مرشح حر. هل ستكون هذه الانتخابات فرصة لصرب البوسنة للمطالبة بتقرير مصيرهم والانفصال عن البوسنة؟ صرب البوسنة خصوصا رئيسهم الحالي المدعو “ميلوراد دوديك” يلوّح دائما بهذه الإمكانية، طبعاً الدستور البوسني الذي فرض على البلاد في اتفاقية دايتون تحت مسمى إيقاف الحرب آنذاك، غير واضح في هذا الأمر، ولكن أتذكر أن الدستور يسمح للشعب في الكيانين بتقرير المصير بعد فترة معينة، وهذا يعني أنه يمكن للصرب طرح استفتاء لتقرير المصير بالانفصال عن البوسنة، كما هو الحال في القرم أو أسكتلندا، أو ما يطالب به الآن بعض المقاطعات الإسبانية، ولو أنني أعتقد أن المجموعة الأوروبية لن تسمح بهذا الأمر في البوسنة، أو في أي مكان آخر، لأن هذا يعني تفكك أوروبا بحد ذاتها إلى مقاطعات وأقاليم ودويلات، خصوصاً بعد ظهور النزعات العرقية والنازية في أغلب الدول الأوروبية.