هل تساءل أحدكم من هي دولة البوسنة والهرسك؟ (أخبار اليوم) ستجيبكم عن هذا السؤال ومن خلاله ستتعرّفون على الكثير من حقائق هذا البلد الذي عاش شعبه ويلات التطهير العرقي خلال عشرية التسعينيات. إعداد: بن عبد القادر تقع البوسنة في غرب البلقان على الحدود مع كرواتيا، 932 كلم إلى الشمال والجنوب الغربي، وصربيا 302 كلم إلى الشرق، والجبل الأسود 225 كلم إلى الجنوب الشرقي، إنها تقع بين خطّي عرض 42 درجة و46 درجة شمالا وخطّي طول 15 درجة و20 درجة. جمهورية البوسنة والهرسك دولة مقفلة تكاد تكون جمهورية البوسنة والهرسك دولة مقفلة لا ساحل لها على البحر فيما عدا شريط ساحلي طوله 26 كيلومترا على البحر الأدرياتيكي تقع في منتصفه مدينة نيوم الساحلية. تقع الجبال في الوسط والجنوب والتلال في الشمال الغربي، أمّا شمال غرب البلاد فهي مستوية. وتعتبر البوسنة إحدى المناطق الجغرافية الضخمة التي لها مناخ قارّي معتدل، حيث تكون حارّة صيفا وباردة مع هطول الثلوج شتاء. تقع مقاطعة الهرسك الصغرى إلى الجنوب من الجمهورية، وهي ذات طبيعة جغرافية ومناخ متوسطي. البوسنة موطنا لثلاث عرقيات أساسية تعتبر البوسنة موطنا لثلاث عرقيات أساسية هي: البوشناق وهم أكبر المجموعات العرقية الثلاث، يليها الصرب ثمّ الكروات. بغض النّظر عن العرقية فإن مواطني تلك الجمهورية يسمّون باسم البوسنيين، والفارق ما بين البوسنيين والهرسكيين هو فارق جغرافي وليس فارقا عرقيا. ثمّ إن البلد ليست له مركزية سياسية، فهو يضمّ كيانين يحكمانه هما: اتحاد البوسنة والهرسك والجمهورية الصربية، بالإضافة إلى مقاطعة بريتشكو بوصفها كيان ثالث. كانت البوسنة والهرسك في السابق منضوية في اتحاد يضمّ ستّ مقاطعات مكوّنة جمهورية يوغسلافيا الاشتراكية الاتحادية، وخلال الحرب اليوغوسلافية في التسعينيات من القرن الماضي نالت البوسنة والهرسك استقلالها، ويوصف كيانها بأنه جمهورية اتحادية ديموقراطية، حيث انتقل اقتصادها إلى نظام السوق الحرّ، وهي مرشّح محتمل لدخول عضوية الاتحاد الأوروبي و(الناتو)، علاوة على أنها عضو في المجلس الأوروبي منذ 24 أفريل 2002 وعضو مؤسس للاتحاد المتوسطي بتاريخ التأسيس في 13 جويلية 2008. حدود البوسنة والهرسك غامضة اسم البلاد يأتي من البوسنة والهرسك المنطقتين، والتي لها حدود غامضة جدّا معرفة بينهما. البوسنة تحتلّ المناطق الشمالية التي ما يقرب من أربعة أخماس البلد بأكمله، في حين تحتلّ الهرسك الباقي في الجزء الجنوبي من البلاد. البلاد جبلية في الغالب التي تشمل ديناريك وسط جبال الألب، في الأجزاء الشمالية الشرقية تصل إلى حوض بانونيا، في حين أنها في الجنوب على الحدود مع البحر الأدرياتيكي. أعلى نقطة في البلاد هي قمّة ماغليتش بعلو قدره 2386 م، في حدود الجبل الأسود، وبشكل عامّ تمثّل الغابات فيها ما يقرب من 50% من البوسنة والهرسك، معظم المناطق الحرجية في المناطق الوسطى والشرقية والغربية من البوسنة. الهرسك مناخه أكثر جفافا البحر الأبيض المتوسط، مع التضاريس الكارستية المهيمنة. تحتوي البوسنة والهرسك على الأراضي الزراعية الخصبة جدّا على طول نهر سافا والمنطقة المقابلة لتربيتها بشكل كبير. هذه المزارع هي جزء من سهل باربانيان تمتدّ إلى كرواتيا وصربيا المجاورة. البلاد لديها فقط 20 كلم من الساحل حول بلدة نيوم في كانتون الهرسك نيريتفا. وعلى الرغم من أنه يحيط بالمدينة شبه جزيرة الكرواتية من قبل القانون الدولي إلاّ أن البوسنة والهرسك لديها حقّ المرور إلى البحر الخارجي. المدن الكبرى هي العاصمة سراييفو وبانيا لوكا في شمال غرب المنطقة المعروفة باسم كرايينا بوسانسكا وبييليينا وتوزلا في شمال شرق البلاد، ودوبوي زينيتشا في وسط البوسنة وموستار عاصمة الهرسك. الحرب البوسنية (1992 - 1995) قادت انتخابات 1990 إلى تكوين مجلس برلماني يهيمن عليه ثلاثة أحزاب على أساس عرقي، وقد شكّلت تحالفا فضفاضا لطرد الشيوعيين من السلطة. ثمّ أعلنت كلّ من كرواتيا وأعقبتها سلوفينيا الاستقلال، فالحرب التي تلت ذلك وضعت البوسنة والهرسك والشعوب الثلاثة المكوّنة لها في موقف حرج. وقد كان هناك انقسام كبير سرعان ما تطوّر ووضع مسألة إذا ما كان البقاء ضمن الاتحاد اليوغوسلافي ويؤيّده الصرب بشكل ساحق أو طلب الاستقلال ويؤيّده البوشناق والكروات بشكل ساحق. الصرب خاصّة من الحزب الصربي الديموقراطي تركوا البرلمان المركزي في سراييفو وشكّلوا برلمانا أسموه المجلس الوطني لصرب البوسنة والهرسك وذلك في 24 أكتوبر 1991، ممّا أنهى التعاون العرقي الثلاثي الذي حكم البلاد في أعقاب انتخابات 1990، وهذا المجلس أنشأ جمهورية صرب البوسنة والهرسك يوم 9 جانفي 1992، ثمّ غيّر الاسم إلى الجمهورية الصربية في أوت 1992. في 18 نوفمبر 1991 كان فرع البوسنة والهرسك للحزب الحاكم في كرواتيا المسمّى الاتحاد الديمقراطي الكرواتي (HDZ) أعلن إنشاء ما يسمّى بالمجتمع الكرواتي للبوسنة والهرسك، وهو منفصل سياسيا وثقافيا واقتصاديا بكامل أراضيه عن إقليم البوسنة والهرسك وله جيش خاص به يسمّى مجلس الدفاع الكرواتي وهو مالم تعترف به الحكومة البوسنية. وأعلنت المحكمة الدستورية البوسنية مرّتين أن تلك الجمهورية غير شرعية، المرّة الأولى بتاريخ 14 سبتمبر 1992 والثانية في 20 جانفي 1994. تمّ الإعلان عن سيادة البوسنة والهرسك في فيفري عام 1991، ثمّ أعقبها استفتاء على الاستقلال عن يوغوسلافيا في فيفري ومارس 1992 وقد قاطعته الغالبية العظمى من الصرب. وكانت نسبة المشاركة في الاستفتاء على الاستقلال 63.4 % وقد صوّت لصالح الاستقلال 99.7 % من الناخبين، وتمّ إعلان استقلال البوسنة والهرسك بعدها بفترة قصيرة. وبعد فترة من التوتّر وتصاعد حدّته وقيام حوادث عسكرية متفرّقة، اندلعت حرب مفتوحة في سراييفو في 6 أفريل. في أوائل مارس 1991 عقدت مباحثات سرّية ما بين فرانيو تودجمان وسلوبودان ميلوسيفيتش لتقسيم البوسنة بين الصرب والكروات والمعروفة باسم اتّفاق كارادورديفو. فبعيد إعلان استقلال جمهورية البوسنة والهرسك، هاجم الصرب مناطق عدّة من البوسنة، ممّا أثّر على إدارة الدولة في تلك الجمهورية بشكل قوي فتوقّف العمل فيها بعد أن فقدت السيطرة على أراضيها. وقد كان الصرب يسعون لاحتلال المناطق ذات الأغلبية الصربية شرق وغرب البوسنة، بينما سعى الكروات بزعامة تودجمان إلى ما يسمّى بتأمين أجزاء من البوسنة والهرسك كمناطق كرواتية. فسياسات كرواتيا اتجاه البوسنة والهرسك لم تكن واضحة وشفّافة، فقد سعت إلى تطبيق هدف تودجمان المتمثّل في توسيع حدود كرواتيا على حساب البوسنة، فأضحى المسلمون البوشناق هدفا سهلا، وهم المجموعة العرقية الوحيدة الموالية للحكومة البوسنية وذلك لأن قوات الحكومة البوسنية كانت سيّئة التجهيز وغير مهيّأة للحرب. بعد الاعتراف الدولي بالبوسنة والهرسك ازدادت الضغوط الدبلوماسية لسحب الجيش الشعبي اليوغسلافي من مناطق البوسنة، وهو ما تمّ فعله بشكل رسمي، لكن في الواقع فإن أعضاء الجيش من الصرب البوسنيين غيّروا شاراتهم العسكرية وشكّلوا ما يسمّى جيش جمهورية صرب البوسنة واستمرّوا في الحرب، مستحوذين على مخزونات الجيش اليوغسلافي الموجودة في الأراضي البوسنية، وتلقّوا الدّعم من المتطوّعين وقوات شبه عسكرية من صربيا، واستمرّ الدّعم اللوجسيتي والمالي من جمهورية يوغسلافيا الاتحادية، وقد كانت نيّة جيش صرب البوسنة في هجومهم سنة 1992 هو الاستحواذ والسيطرة على أكبر قدر ممكن من الأراضي. بعد حدوث مذبحة سربرنيتشا بدأت الحملة الجوية ل (النّاتو) ضد جيش جمهورية صرب البوسنة في أوت 1995، ورافقها هجوم برّي للقوّات المتحالفة من الكروات والبوسنيين التي أنشئت بعد معاهدة منفردة ما بين تودجمان وبيغوفيتش لطرد القوات الصربية من المناطق التي تمّ أخذها في غرب البوسنة، والتي مهّدت السبيل للمفاوضات. وفي ديسمبر تمّ التوقيع على اتّفاقية دايتون في مدينة دايتون بين رؤساء كلّ من البوسنة والهرسك علي عزت بيغوفيتش والكرواتي فرانيو تودجمان والصربي سلوبودان ميلوسيفيتش لوقف الحرب والبدء بإنشاء الهيكل الأساسي للدولة الحالية. رقم الضحايا المتعرّف عليهم يصل حاليا إلى 97,207، والفحوص الحالية لتقدير العدد الإجمالي للقتلى يقلّ عن 110,000 قتيل ما بين مدني وعسكري وتمّ تهجير حوالي 1.8 شخص عن مناطقهم، وقد تمّ إعلان هذا من قبل اللّجنة الدولية لشؤون المفقودين، وفقا للأحكام العديدة التي أصدرتها محكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة في النّزاع الحاصل بين البوسنة وجمهورية يوغوسلافيا الاتحادية (والمسمّاة لاحقا بصربيا والجبل الأسود وأيضا كرواتيا. اتّهمت الحكومة البوسنية صربيا في محكمة العدل الدولية باشتراكها في جريمة الإبادة الجماعية للبوسنة خلال الحرب. فقرار محكمة العدل الدولية جاء على نحو فعّال بتحديد أن طبيعة الحرب هي دولية بالرغم من تبرئة صربيا من المسؤولية المباشرة عن الإبادة الجماعية التي ارتكبتها القوات الصربية في جمهورية صرب البوسنة. إلاّ أن المحكمة خلصت إلى أن صربيا فشلت في منع الإبادة الجماعية التي ارتكبتها القوات الصربية وفشلت في معاقبة أولئك الذين نفّذوا الإبادة الجماعية، خاصّة القائد راتكو ملاديتش ومن ثَمّ تقديمهم للعدالة. وكذلك قرّرت المحكمة بعد إعلان الجبل الأسود الاستقلال في ماي 2006 أن صربيا أضحت الطرف الوحيد من المدعى عليها في هذه القضية، لكن (أيّ مسؤولية عن أحداث ماضية لها علاقة في ذلك الوقت ستتحمّلها الدولة المكوّنة من صربيا والجبل الأسود). تلكم باختصار نبذة موجزة عن دولة البوسنة والهرسك التي سيواجه منتخبها ودّيا منتخبنا الوطني عشية اليوم بملعب 5 جويلية.