المتتبع لمسار الشأن السياسي العسكري على مدى ثلاث سنوات من انطلاق بركان ثورات الربيع العربي، في كل من سوريا وليبيا ومصر وتونس، سيلاحظ في هذه البلدان وما جاورها، بروز تسميات عريضة ومصطلحات جديدة متتابعة لنسق المنظومة القاعدية الأولى للإرهاب المنشقة من تنظيمات سبق تواجدها في بلاد أفغانستان وباكستان، ورتبت لها هذه المرة تسميات متنوعة منها “الغبراء” و«داعش” و«جند الخلافة”، كلها مصطلحات جاءت لأغراض بعث التحريض ونشر الفتن بين مختلف شعوب الأمة العربية، كالتي أحدثتها هذه المجموعات في الشرق الأوسط، عبر ملامح التشييع والتلاعب باسم الإسلام وتشويه صورته وأبعاده المتوجهة نحو تمرير حصة “الإسلامفوبيا” التي طالما حرصت الدول الغربية علي صناعتها وترويجها لتغليط العالم بأن الإسلام هو دين إرهاب بعكس معناه الحقيقي. الوجه الحقيقي للبنيات انتشار “جند الخلافة” وتنظيم “داعش” هي في ضمنها صناعات برزت بسمات أمريكية تحاول استدعاء فرضيات حب التدخل الأجنبي لحلف الناتو في هذه الدول بالطريقة نفسها التي كان يحدث بها في عهد حضرة الرئيس السابق “بوش”، حينما بايع زعمه بوجود تحالفات جارية بين رؤساء عرب متواطئين مع تنظيم القاعدة دولة خاصة في العراق قصد زعزعة أمن المنطقة وترويضها بأياد هي في الأصل من صنعتها، وإلا لمَ لا نراها في فلسطين، أليست هي الأخرى دولة عربية؟ تنظيم “جند الخلافة” الذي انتشر في الساحل الإفريقي، ولبس ثوب مخلفات الأسلحة القتالية التي امتلكتها من ثورة ليبيا، وارتفعت قواها بعدما تزعزع النظام الأمني في مالي، واقتبس مفاعلاته من حركة طالبان بأفغانستان من خلال استعمال طرق التفجير وتكثيف عمليات الاختطاف، الأمر الذي جعل من أبناء تنظيم “داعش” يظهرون كوجه جديد من التنظيمات الإرهابية في الشرق الأوسط، لاسيما بعد تكونهم من جماعات ذات جنسيات عربية أوروبية، شكلت تنظيما آخر مناوئا لتحالف “جند الخلافة”، بمثل ما حدث في الأيام الفائتة عندما أعلنت هذه الأخيرة احتواء أبناء جماعة “داعش” بالساحل الإفريقي في قضية اغتيال الفرنسي “بيار هيرفي غوردال” لما وجدت نفسها محاصرة أمام قوات الجيش الوطني الجزائري، ما يدل أن هذين التنظيمين هما عملتان لهدف غربي واحد عمده صناعة اللاأمن واللااستقرار في المنطقة العربية برمّتها. ومن ذلك لا يخفى عن كثير منا أن بروز هذه التنظيمات بشكل مريب ومخيف في الوقت الحالي، لأن هدف هذه الصناعات هو تشكيل عدو جديد افتراضي حتي يسمح لها مستقبلا للتدخل في مصالحها الشخصية بحجة مكافحة الإرهاب، خصوصا في تلك الدول البترولية المتواجدة في الشرق الأوسط والساحل الإفريقي كالعراق وليبيا. وباعتبار ثان يمكن أن نؤجل القول إن خلق هذه التنظيمات الإرهابية يشكل أيضا محاولة محاربة الدين الإسلامي وتشويه نقاوته بأركان عداونية لا تفهم حقا مصدرها المذهبي، أين كانت سنية أو شيعية أو حتى نصارنية أو يهودية. فالغرب اليوم يتجه نحو صناعة جديدة لعناصر جد إستراتجية مبنية على نشر الفتن وحب الاقتتال بين الأشقاء العرب دون أن يكون لها دخل في ذلك، وفرنسا وأمريكا تعتبران من هذه الدول الغربية الناشرة لروح العنف، لأن الأمر اتضحت مكوناته من خلال السكوت المفاجئ، لاسيما الفرنسي عندما أعلنت الجزائر عن كشف بعض الهويات الخاصة بالمجموعة الإرهابية التي عمدت إلى اغتيال الرعية الفرنسي، ما يدل على الصمت بعد الثرثرة الطويلة لفرنسا، وكأن لها دخلا في ذلك وتحاول وضع سببا لإحراج الجزائر فقط والتدخل في شؤونها الداخلية. [email protected]