تحذيرات استخباراتية حديثة تضع استقرار بلادنا على المحك الدموي مختار بلمختار أبرز المرشّحين لتولّي إمارة التنظيم الجديد تجمع آراء المختصّين على أن المغرب العربي يتّجه إلى عهد إرهابي جديد، من (قاعدة) بن لادن والظواهري ودرودكدال إلى (داعش) البغدادي وابنه (اللقيط دامس) المغاربي الذي كثر الحديث عنه منذ إعلان (التحالف الدولي) الحرب على (دولة الخلافة) في العراق والشام. ولعلّ ما يغذّي هذه التوجّسات هو ورود تقارير استخباراتية حديثة تحذّر من عودة إرهابيين من سورياوالعراق للتموقّع في شمال إفريقيا، ما يعني أن استقرار الجزائر بات على المحك وهي التي توقّف زحف ما يعرف ب (الربيع العربي) عند أسوارها. تعني كلمة (دامس) من خلال أحرفها الأولى (الدولة الإسلامية في المغرب الإسلامي)، ما ينبئ بتغيير جذري في خريطة التنظيمات الإرهابية المنتشرة في شمال إفريقيا والساحل. ويرى مراقبون أن فكرة (افتتاح) فرع ل (داعش) في المغرب العربي قابلة للتجسيد بالنّظر إلى وجود مقاتلين لتنظيم (داعش) من تونس والمغرب والجزائر وليبيا، فضلا عن انتشار تنظيم (داعش) الإرهابي على مواقع التواصل الاجتماعي ك (علامة) ذات شعبية كبيرة لدى المتأثّرين بأفكار التطرّف. كما رصدت مصالح الأمن حركة ذهاب وعودة لعدد من المسلّحين الذين توجّهوا للقتال في سورياوالعراق. تحذيرات دولية من المولود المنتظر ل داعش حذّر المبعوث الأممي إلى ليبيا برناردينو ليون نهاية الأسبوع الماضي من انتشار عناصر تنظيم (داعش) في ليبيا، وقال إن هناك تقارير تفيد بأن بعض المجموعات الإرهابية التابعة ل (الدولة الإسلامية في العراق والشام) بدأت تتحرّك في منطقة شمال إفريقيا، لذا (علينا العمل على عزلها ومحاربتها، وهذا سبب آخر وجيه يدفع الأطراف المتنازعة في ليبيا إلى الاتّفاق). هذا التصريح يكشف عن تحوّل منطقة المغرب العربي إلى جبهة داعمة ل (داعش) وثاني مركز قوّة بعد العراق والشام، كما أنها ستكون الأرض الخصبة المستقبلية للإرهاب في حال نجاح التحالف الدولي في القضاء على تنظيم أبي بكر البغدادي، حسب العديد من المختصّين في الشأن الأمني. من جانب آخر، حذّر تقرير استخباراتي أوّل أمس من تواجد مجموعات صغيرة من مقاتلين عائدين من سورياوالعراق تتّجه نحو التموقّع في دول شمال إفريقيا، وأن تنظيم الدولة الإسلامية المعرف ب (داعش) يعمل بهدوء للتواجد في المغرب والجزائر، وهو ما ينذر بعهد إرهابي جديد في المنطقة المغاربية. ليبيا هي نقطة الانطلاق مع تغيّر المعطيات في سوريا وظهور تنظيم (الدولة الإسلامية في العراق والشام) الذي أدّى إلى صدامات عنيفة بين التنظيمات والجماعات المسلّحة في سوريا بسبب اختلاف التوجّهات والأفكار والأهداف، اختلط الحابل بالنابل بالنّسبة للعناصر المغاربية التي سارع بعضها للعودة إلى بلاده، فيما لجأ عدد منها إلى نقطة انطلاقها في ليبيا. وانضمّت هذه العناصر إلى الميليشيات المسلّحة، فيما أسّس بعضها تنظيما جديدا يدعى (البتّار) الذي عرفت عناصره بهمجيتها وشراستها بفضل الخبرات التي اكتسبتها في القتال مع تنظيمي (الدولة الإسلامية) و(النصرة). وما يزال (البتّار) وباقي التنظيمات الإرهابية كتنظيم (أنصار الشريعة) يستقطب العناصر (الداعشية). وقد ذكرت مصادر ليبية أن أبا بكر البغدادي طلب منها الاِلتحاق بالجبهة الليبية لمواجهة الهجمات العسكرية التي ينفّذها الجيش الليبي بقيادة اللّواء خليفة حفتر منذ إعلانه عن (حملة الكرامة لتطهير ليبيا من الإرهابيين). وفي هذا الشأن قال الخبير الأمني علي زاوي في تصريح لموقع (الأخبار) اللبناني أوّل أمس إن (الساحة الليبية تعدّ اليوم مسرحا حقيقيا للصراع بين أذرع القاعدة، سواء القاعدة المغاربية أو التنظيمات الإرهابية الدولية، وهو ما ينذر بتكوّن خريطة إرهابية جديدة في المستقبل القريب). وأضاف زاوي أن (القاعدة قد تختفي لمصلحة تنظيم داعش الأكثر تشدّدا)، مشيرا إلى أن ليبيا (حيث ينعدم القانون والأمن ستكون الجبهة المقبلة). وقدّر الزاوي عدد العائدين من ساحات القتال في سورياوالعراق بحوالي 13 ألف مقاتل. وفي السياق ذاته، صنّف معهد (واشنطن للشرق الأدنى) مدينة درنة الليبية على أنها جزء من (دولة الخلافة)، ورأى أن (التطوّر الأكثر أهمّية بالنّسبة لداعش هو إعلان جماعة إرهابية نشأت في ليبيا باسم مجلس شورى شباب الإسلام تأييدها له، حيث تكون مدينة درنة جزءا من خلافة الدولة الإسلامية). وأشار المعهد إلى أن (هذه الخطوة تبيّن أن هناك نهجا للتوسّع سيُعتمد في المستقبل وسيكون مختلفا عن نموذج تنظيم القاعدة، خصوصا بعد تنفيذ إعدامات علنية مؤخّرا على طريقة داعش). ويرجّح أن قادة وعناصر (مجلس شورى شباب الإسلام) هم من العائدين من سورياوالعراق، ومن تنظيم (البتّار) و(أنصار الشريعة). ذبح غوردال.. شهادة ميلاد التنظيم الدموي في الجزائر يؤكّد خبراء أمنيون جزائريون أن إقدام المجموعة الإرهابية التي يقودها عبد المالك قوري والمكنّى ب (أبي سلمان) على نحر هيرفي غوردال على المباشر وبطريقة وحشية مطابقة لتلك التي نفّذتها جماعات (داعش) ضد رهائن أمريكيين في العراق حمل رسائل كثيرة من هذه الجماعة أو الأطراف التي تحرّكها إذا ما تناولنا المسألة من زاوية مقاربة أطروحة المؤامرة، ولعلّ أوّل رسالة هي تأكيد المبايعة بالدم ومطابقة حتى الأسلوب في التعامل مع الأجانب. فنحر الفرنسي بدعوى أن بلده يهاجم مواقع تنظيم أبا بكر البغدادي في العراق هو بمثابة إعلان حقيقي عن ميلاد (داعش) في الجزائر، ويبدو أن جماعة عبد المالك قوري أرادت عبر هذا الفعل الوحشي الردّ حتى على الذين شكّكوا بخصوص وجود (داعش) في الجزائر واعتبروا أن القضية ربما هي مجرّد فقاعات إعلامية أو محاولات هدفها فقط هو جرّ الجزائر إلى المشاركة في التحالف الدولي الذي تقوده أمريكا لضرب (داعش). هذا، وحملت الرسالة الدموية التي وجّهها (جند الخلافة) للرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إشارات ربما تكون خطيرة حول تغييرات محتملة في خارطة النشاط الإرهابي في الجزائر وكامل المنطقة المغاربية ومنطقة الساحل، حيث أشارت مصادر أمنية إلى أن السلطات الجزائرية أعادت النّظر في قائمة المطلوبين الأمنيين، حيث وضعت المجموعة الإرهابية التي أنشأت تنظيم (جند الخلافة) على رأس المطلوبين من قِبل الأجهزة الأمنية المختلفة. فعملية اغتيال الرعية الفرنسي ومبايعة (داعش) سوف يكون له أثر مباشر على العمل الإرهابي وربما يتّجه نحو دموية أكبر لم تعرفها الجزائر من قبل، خاصّة وأن بعض المعطيات تؤكّد أيضا أن (جند الخلافة) بدأ يتوسّع إقليميا بعد أسابيع فقط من ميلاده. من هو المرشّح لقيادة تنظيم دامس ؟ يرى الخبير الأمني والاستراتيجي في شؤون الإرهاب علي زاوي أن مختار بلمختار يعدّ أحد المرشّحين لتولّي منصب أمير (دامس) لعدّة أسباب، أهمّها طموحه الكبير في البروز كزعيم إرهابي عالمي الذي دفعه إلى الانشقاق عن (القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي) بعدما رفض قائده الجزائري عبد المالك درودكدال منحه منصبا قياديا. ويلفت زاوي إلى أن بلمختار، زعيم تنظيم (المرابطون) الحاضر في جنوب ليبيا، لم يعلن ولاءه ل (داعش) بعد، فهو ينتظر ما ستؤدّي إليه الصداقات والروابط التي يقوم بها مع مختلف التنظيمات الإرهابية القوية في ليبيا. كما رشّح علي زاوي اسما آخر هو أبا عياض، زعيم تنظيم (أنصار الشريعة) التونسي الموجود في ليبيا. ويملك هذا الأخير روابط قوية مع الجماعات الإرهابية الليبية وبعض أمراء الحرب الليبيين الذين ساهم على نحو كبير في تزويدهم بالمقاتلين خلال (الثورة الليبية) وفي بداية الأحداث في سوريا.