شدّد الخبير في الشؤون المالية كمال رزيق، في تصريح ل”الخبر”، على ضرورة اتخاذ الحكومة التدابير الضرورية لمواجهة انخفاض أسعار النفط وتفادي الوقوع في أزمة مالية نتيجة ارتفاع نسبة العجز في الميزانية وعدم قدرة الخزينة على تغطية النفقات العمومية. مشيرا إلى أن قانون المالية يقوم في الحقيقة على سعر 80 دولارا للبرميل، وأن السعر المرجعي المقدّر ب37 دولارا هو سعر إعداد مشروع الميزانية من دون احتساب العجز المسجل في نهاية كل سنة مالية، والذي يتم تغطيته من طرف صندوق ضبط إيرادات الممول من الجباية البترولية. وأوضح المتحدث أن القول بأن الجزائر قادرة على مواجهة الصدمات الخارجية المتعلقة بتراجع أسعار المحروقات تعتبر “تصريحات سياسية”، في إشارة إلى التصريح الأخير لوزير المالية محمد جلاب، بدعوى امتلاك الآليات لمقاومة هذه الصدمات بفضل ما أسماه ب “السياسة الحذرة” التي انتهجتها البلاد منذ أكثر من عشر سنوات، على اعتبار أن الخبير المالي قال إن استقرار أسعار البترول في مستوياته المنخفضة يؤثر سلبا على التوازنات المالية للجزائر ويعرّض ميزان المدفوعات لتحمّل العجز. وانتقد الخبير المالي اعتماد السلطات العمومية على الاحتياطات النقدية الموجودة، من منطلق أن الوزير أشار إلى دور صندوق ضبط الإيرادات في مواجهة مخلفات انخفاض سعر النفط. واعتبر رزيق، الاحتياطي الوطني ملك للأجيال المقبلة ومصدرا استثنائيا يمكن اللجوء إليه في الحالات المتأزمة. مشددا على أن الحكومة مطالبة بمراجعة السياسة الاقتصادية وتخفيض النفقات العمومية، إلى جانب التقليل من الإنفاق على المشاريع ذات الأبعاد غير المستعجلة. وأشار كمال رزيق إلى أن الحكومة بدأت تتبنى فعليا هذا الخيار، منوّها باللجوء المستمر إلى تمويل المشاريع الاقتصادية عبر القروض البنكية بدلا من تحمل الخزينة العمومية والصناديق الخاصة تغطية كل المصاريف، وذكر بهذا الشأن تمويل مشروع توسعة المطار الدولي هواري بومدين وتهيئة ميناء الجزائر عبر القروض البنكية حسب ما أعلن عنه الوزير الأول عبد المالك سلال، بالإضافة إلى مشروع بناء سكنات الوكالة الوطنية لترقية السكن وتطويره “عدل” الذي تتحمل 80 في المائة من نفقاته مجموعة المصاريف العمومية، وهو ما أكد عليه أيضا وزير المالية. مشيرا إلى عزم الحكومة على تنويع مصادر تمويل المشاريع التنموية، لاسيما من خلال اللجوء إلى السوق المالي عوض الاعتماد على ميزانية الدولة فحسب، بينما تبقى المشاريع ذات الطابع الاجتماعي، على غرار بناء الجامعات والمدارس تحت كاهل الدولة.