تنفق الحكومة 25 مليار دولار سنويا على دعم مختلف المنتجات والقطاعات الحساسة لاسيما الصحة والنقل، دون الأخذ بعين الاعتبار مجموع التحويلات الاجتماعية، ويجعل الاقتصاد مهددا بمواجهات الصدمات في حالة تراجع أسعار المحروقات إلى ما دون 90 دولارا ، مما يعرض إمكانية مواصلة بناء ميزانية التسيير على أساس 70 دولارا وميزانية التجهيز على أساس 45 دولارا للشكوك. وتتمسك الحكومة بسبب الظروف الاجتماعية والسياسية بمواصلة دعم المنتجات الغذائية الأساسية على غرار الخبز والحليب، بالإضافة إلى تسقيف أسعار الزيت والسكر وتحمل الخزينة العمومية فرق الثمن، فبالنسبة للخبز مثلا، فإن السعر الرسمي الحالي المتراوح بين 8.5 الى 10 دينار لا يعكس السعر الحقيقي المقدر ب 25 دينار للخبزة الواحدة. وعليه، فإن الفرق في الأسعار المتحمل من قبل الحكومة يصل الى 3 ملايير دولار سنويا، وهو ما يمثل من 3 إلى 5 في المائة من مداخيل المحروقات. وتشير الدراسات المتعلقة بمجال الطاقة الكهربائية، الوقود والموارد المائية، أن الجزائر من أكبر الدول إنفاقا على هذه القطاعات في شكل دعم موجّه لهذه القطاعات، وقدّر الخبير في الشؤون الاقتصادية عبد الرحمان مبتول استنادا إلى هذه الدراسات حجم إنفاق الحكومة بهذا الشأن ب10 ملايير دولار سنويا وهو ما يعادل 800 مليار دينار، حيث أشار إلى أن حوالي 2.13 مليار دولار توجه لدعم قطاع الطاقة الكهربائية، في ظل تسقيف الأسعار لدواع اجتماعية منذ 2005 وهو ما اعتبر أحد أبرز أسباب العجز الذي تعاني منه شركة سونلغاز، وتصل النفقات الخاصة بدعم الوقود الى 8.46 مليار دولار، أي حوالي 650 مليار دينار، من منطلق أن السعر الحقيقي للوقود في حالة رفع الدعم يتراوح ما بين 60 الى 80 دينارا للتر، وتمثل مجمل هذه النفقات متوسط يقارب 7 في المائة من الدخل الداخلي الخام. وفي مجال الموارد المائية، فقد أوضح الخبير الاقتصادي بأن سعر الفواتير المسددة من قبل الزبائن تتراوح ما بين 16.2 الى 24.7 دينار للمتر المكعب بالنسبة للصناعيين ومن 3 الى 24.7 عن المتر المكعب بالنسبة للزبائن العاديين، وتدفع الخزينة العمومية تبعا لذلك 53 دينارا كفرق الثمن عن كل متر مكعب من المياه. وبالموازاة مع الدعم المباشر المتعلق بأسعار استهلاك المواد الأساسية أو استعمال المصادر المختلفة للطاقة، فإن الخزينة العمومية تتحمل أيضا أعباء القرارات السياسية المتعلقة بمجانية العلاج، حيث أشار عبد الرحمان مبتول إلى أن السعر الحقيقي للعلاج على مستوى المستشفيات يتراوح ما بين 7000 الى 12000 دينار لليوم، باعتبارها المبالغ التي تغطي الفحوص والتدخلات، بينما لا يدفع المريض سوى 100 دينار للعلاج في المستشفى و50 دينارا للفحوص الطبية، وأما الفرق فتتحمله الدولة، في حين تقدر تكاليف العلاج في القطاع الخاص بما يتراوح ما بين 15 ألف إلى 20 ألف دينار في اليوم. ومن ناحية أخرى، أكد الخبير المالي كمال رزيق، أن تجاوز العجز المسجل في الميزانية العامة مرهون بالاعتماد على ميزانية البرامج المنتهية بالنتائج بدلا من ميزانية الوسائل المعتمدة من طرف الحكومة والتي أثبتت فشلها في التخفيف من تبذير المال العام ومحاربة الفساد الاقتصادي والمالي في إنجاز المشاريع في مختلف المجالات، على اعتبار أن ميزانية البرامج هي الكفيلة بتطبيق آليات الرقابة والوقوف على مؤشرات الأداء لمساءلة المخالفين. وقال إن الميزانية القائمة على الوسائل تخلت لهذه الأسباب معظم دول العالم بسبب النتائج السلبية، على خلاف الجزائر التي تظل متمسكة بها فيما تعتمد على صندوق ضبط الإيرادات لتغطية العجز المتواصل للميزانية، مع ارتفاع الإنفاق العمومي على أجور الموظفين ودعم المنتجات الأساسية.