لاتزال قضية الكاتب الفرنسي المثير للجدل، إيريك زمور، تثير سلسلة من ردود الأفعال المتباينة في فرنسا، بعد أن هاجم الجاليات الإسلامية في فرنسا وانتقدها بشدة في كتاب عنوانه “الانتحار الفرنسي”. واقترح زمور، في حوار أجراه مع صحيفة “كورييري ديلا سيرا” الإيطالية، ترحيل جميع المسلمين الذين يعيشون في فرنسا وتطهير البلاد منهم، مثلما حدث في إسبانيا بعد أن استعادها الكاثوليك سنة 1492. أكد إيريك زمور، أول أمس، أنه لم يستعمل كلمة “ترحيل” خلال إجابته على أسئلة الصحفي الإيطالي، والتي توحي لما حدث لليهود خلال الحرب العالمية الثانية من قبل النازية، موضحا بأنه دعا فقط إلى “نقل المسلمين إلى بلدانهم بواسطة الطائرات والبواخر”. لكن المثير في هذه القضية أن مواقفه لقيت استنكارا من قبل الأوساط السياسية الرسمية في فرنسا، لكنه في المقابل حظي بدعم واسع، لم يحظ به الفنان الكوميدي “ديودوني” لما تعرض لمسألة المحرقة، ودعا أنصاره إلى ضرورة حماية حرية التعبير والرأي. واشتهر إريك زمور بمعاداته للإسلام والمسلمين والمهاجرين منذ عدة سنوات، وقال في تصريحات صحفية إن الفرنسيين “اضطروا لمغادرة الأحياء الشعبية والضواحي الفرنسية بسبب التواجد الكثيف للمسلمين الذين يعيشون بينهم ويطبقون قانونهم المدني وهو القرآن”. وعن سؤال هل تقترح ترحيل خمسة ملايين مسلم فرنسي، أجاب زمور: “أعرف طبعا أن هذا الحل ليس واقعيا. لكن من كان يتخيل أن يغادر مليون فرنسي من الأقدام السود الجزائر بعد الاستقلال أو أن يترك ما بين 5 و6 ملايين ألماني أوروبا الوسطى والشرقية، حيث كانوا يعيشون منذ قرون”. وأضاف أن الوضع في فرنسا مرشح للانفجار، وسيؤدي إلى حرب أهلية لأن ملايين الناس يعيشون في فرنسا، لكنهم يرفضون العيش على الطريقة الفرنسية التي تعني بالنسبة إليه “إعطاء ألقاب وأسماء فرنسية لأولاد المسلمين والمهاجرين ومنع تعدد الزوجات وارتداء ملابس غربية وحديثة والأكل على الطريقة الفرنسية، مثل تناول الأجبان، إضافة إلى احترام التاريخ الفرنسي”. وأثارت تصريحات إريك زمور استياء المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان والسلطات الفرنسية الرسمية، من بينها وزير الداخلية “برنار كازنوف” الذي ندد بمضمون المقابلة، واصفا إياها بتهجم سافر على المسلمين. وفي بيان، أكد برنار كازنوف “مساندته لمسلمي فرنسا، داعيا كل الجمهوريين الفرنسيين إلى التضامن معهم”. وقال في البيان: “الأمة الفرنسية تضم في صفوفها مسلمين ويهودا ومسيحيين، وعلمانيين يعيشون في طمأنينة واحترام متبادل وكلهم أولاد هذه الأمة”. من جهته، ندّد المرصد الوطني ضد الإسلاموفوبيا التابع للمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية بتصريحات إيريك زمور، التي لا تعبّر سوى عن الكراهية والخوف من الآخر. وقال: “تصريحات زمور الجديدة تأتي بعد تصريحات سابقة لشخص يدعو إلى الكراهية وينتقد الإسلام”، فيما تساءل ماذا تفعل السلطات الفرنسية إزاء هذا الكم الهائل من العنف؟ وفي السياق ذاته، أنهت قناة “إي.تيليه” التلفزيونية، أول أمس، تعاملها مع إيريك زمور الذي حقق كتابه “الانتحار الفرنسي” نجاحا كبيرا، بسبب تصريحاته المعادية للإسلام التي ندد بها صحفيو هذه القناة الإخبارية ومنظمات مناهضة للعنصرية. والغريب أن مواقف زمور لقيت دعما واسعا من قبل وسائل الإعلام الفرنسية والمثقفين والطبقة السياسية، على خلاف ما جرى للممثل الكوميدي “ديودوني” الذي انتقد اليهود، وكذب أن يكونوا قد تعرضوا للمحرقة من قبل النازية خلال الحرب العالمية الثانية. وقد وجد زمور سندا قويا من المجتمع الفرنسي الذي أقبل على شراء كتابه والاهتمام به، وهو ما لم يحدث مع “ديودوني” الذي تعرض لمقاطعة ولمتابعات قضائية بدعوى الدعوة للعنصرية ومعاداة السامية. ودعت الشخصيات التي ساندت زمور إلى ضرورة حماية حرية التعبير والرأي، وهو ما لم تفعله مع “ديودوني” الذي منع حتى من العرض. ونشر مثقفون، أمس، على وسائط التواصل الاجتماعي بيان مساندة مع الكاتب الفرنسي، حملت عنوان “لا تلمسوا زمور”، باسم الدفاع عن حرية التعبير والقيم الفرنسية. يذكر أن إريك زمور ولد في المغرب في عائلة يهودية. يبلغ من العمر 56 عاما وهو ضد الهجرة وضد عملة الأورو، ويناضل من أجل خروج فرنسا من الاتحاد الأوروبي.