جاء سقوط فريق وداد تلمسان قبل أيام إلى بطولة الهواة في المجموعة الغربية ليكرّس حالة التغير الكبير التي تعرفها خارطة الكرة الجزائرية منذ سنوات، حيث باتت العديد من الفرق العريقة والكبيرة في الجزائر تنشط في الأقسام الدنيا، مقابل صعود وتألق متواصلين لفرق عديدة حديثة عهد باللعب في الرابطة المحترفة الأولى. بإلقاء نظرة شاملة على الأقسام الثلاثة في بطولة الهواة نجد أن الأغلبية منها لعبت وتألقت في القسم الأول بمسماه القديم ونالت ألقابا محلية، بل وتألقت قاريا وإقليميا على غرار وداد تلمسان صاحب ثنائية كأس الجمهورية وبطل العرب عام 1998 بمدينة جدة السعودية. 16 فريقا لعبوا في القسم الأول سينشطون العام القادم مع الهواة بحساب سقوط وداد تلمسان هذا الموسم إلى بطولة الهواة وصعود فريقي شبيبة سكيكدة ونادي بارادو إلى الرابطة المحترفة الثانية، فإننا سنجد في الموسم الكروي القادم 16 فريقا سينشطون في البطولة الوطنية للهواة، من بينها فرق فازت بألقاب وكؤوس محلية وحتى دولية على غرار وداد تلمسان. وإذا بدأنا بالحديث عن الجهة الشرقية فإننا نسجل تواجد 9 فرق من ضمن 16 لعبت من قبل في القسم الأول أي الرابطة المحترفة الأولى حاليا، وهي مولودية قسنطينة بطل الجزائر عام 1991 وفرق أخرى شاركت في المنافسات الإفريقية وتألقت فيها إضافة إلى “الموك”، وهي وفاق القل واتحاد عين البيضاء وجمعية عين مليلة واتحاد عنابة، إضافة إلى النوادي التي لعبت هي الأخرى في القسم المذكور وهي شبيبة سكيكدة الصاعدة مؤخرا إلى الرابطة المحترفة الثانية، واتحاد بسكرة وترجي ڤالمة وحمراء عنابة الفائزة بكأس الجمهورية سنة 1972. وعلى مستوى الجهة الوسطى من بطولة الهواة، يعاني رائد القبة الذي صال وجال سابقا في الملاعب الجزائرية والإفريقية في هذا القسم، ولم يتمكن لحد الآن من الصعود الذي كان هذا الموسم من نصيب نادي بارادو، حيث تخلص هذا الأخير من جحيم هذا القسم بعدما تألق هو الآخر سابقا في القسم الأول، إضافة إلى الفريقين العريقين وداد بوفاريك وشباب جيجل. أما على مستوى الجهة الغربية، فكانت الصدمة الكبرى بسقوط وداد تلمسان بطل العرب سابقا والمتوج مرتين بكأس الجمهورية إلى بطولة الهواة، ليلتحق بذلك بأقرانه غالي معسكر بطل الجزائر سابقا مع نجم الكرة الجزائرية لخضر بلومي، وكذا الثلاثي العريق ترجي مستغانم ووداد مستغانم وشبيبة تيارت. الأسوأ هو وجود فرق أخرى تعاني في قسم ما بين الجهات ويبقى الأمر الأكثر سوءا هو تواجد فرق عريقة أخرى لا زالت لحد الساعة تعاني في قسم ما بين الرابطات، أي القسم الرابع إذا قسنا الأمر بالدرجات، حيث يتواجد فريقا اتحاد سطيف العريق وأولمبي العناصر المدرسة الكبيرة في الجزائر في مجموعة وسط شرق، إضافة إلى صاحب كأس الجمهورية سابقا شباب بني ثور في مجموعة وسط شرق، والفريق العريق الآخر في مجموعة الغرب اتحاد وهران. تقهقر الفرق العريقة قابله تألق لأخرى فتية مع النخبة أصبح تميز الكرة الجزائرية في السنوات الأخيرة “موضة” جديدة تتمثل في صعود نواد توصف بالصغيرة إلى الرابطة المحترفة الأولى، والأكثر من هذا تألقها فيها، وآخرها فريق دفاع تاجنانت الذي سيشارك الموسم القادم في الرابطة المحترفة الأولى للمرة الأولى في تاريخه، وهو الذي كان قبل سنوات قليلة ينشط في غياهب الأقسام الدنيا. وإذا نظرنا إلى تشكيلة فرق الرابطة الأولى حاليا، فنسجل مثلا تواجد فريقي أمل الأربعاء ومولودية بجاية اللذين صعدا منذ موسمين فقط إلى هذا القسم، وعرفا تألقا ملفتا هذا الموسم، وخصوصا ل«الموب” التي ظفرت بكأس الجمهورية هذا العام، واحتلت وصافة ترتيب البطولة الوطنية، وبالتالي المشاركة العام القادم في منافسة رابطة أبطال إفريقيا. كما لا ننسى التذكير بفريق مولودية العلمة الذي صعد منذ سبع سنوات فقط إلى الرابطة الأولى، وعمله الدؤوب أوصله حاليا إلى التواجد في دوري المجموعات لرابطة أبطال إفريقيا، حتى وإن عرف هذا الموسم سقوطا مرا إلى الرابطة المحترفة الثانية. فريق آخر حديث العهد بالمنافسة في النخبة وصنع الحدث في السنوات الأخيرة، ونعني به شبيبة الساورة ممثل الجنوب الذي صعد منذ ثلاث سنوات، ولا زال لحد الساعة محافظا على مكانته مع الكبار. هل هذه الظاهرة صحية أم أنها مرضية؟ ويبقى السؤال المطروح حول بروز هذه الظاهرة في السنوات الأخيرة بقوة، هل هي ظاهرة صحية تخدم الكرة الجزائرية أم أنها عكس ذلك؟ ثم إنه يجب على مسؤولي النوادي العريقة في بلادنا التي تنشط حاليا في الأقسام السفلى إعادة النظر في سياساتها “الفاشلة” التي أدت إلى هذه “الكارثة”، ومحاولة إدراك سبب سير الفرق “الصغيرة” بثبات في طريق التألق محليا وقاريا، في حين أن العكس يحصل مع نواديها، ومن ثم وجوب استخلاص الدروس والعبر من أجل العودة عن قريب إلى واجهة الكرة الجزائرية، كما كانت تفعل منذ سنوات خلت.