جاء انتصار برشلونة على العملاق الأوروبي الآخر جوفنتوس، في نهائي رائع برابطة أبطال أوروبا لكرة القدم أول أمس، بمثابة العلاج المثالي للرائحة الكريهة التي تنبعث من زوريخ في أعقاب فضيحة الفساد التي عصفت بالاتحادية الدولية للعبة مؤخرا. وكان أهم ما حملته ليلة السبت التي عادت في النهاية لبرشلونة هو أنها بالمستوى العالي الذي ارتقت له المباراة قد ساعدت في إعادة سمعة اللعبة بعد أسبوعين مفجعين كانت فيهما تترنح بمزاعم الفساد المحيطة بالفيفا، والتي عصفت برئيسها السويسري جوزيف بلاتير. وأعاد الأداء الهجومي الممتع لبرشلونة وصلابة دفاع جوفنتوس التي أبقته في المباراة حتى حسمها نيمار 3-1 في الوقت بدل الضائع، ذكريات الأهداف الغزيرة في السنوات الأولى للمسابقة في خمسينات وستينات القرن الماضي، في نهاية رائعة للنسخة 60 من مسابقة الأندية الأشهر في العالم. ومنذ اللحظة التي وضع فيها إيفان راكيتيتش، لاعب وسط كرواتيا، برشلونة في المقدمة بعد 4 دقائق من الانطلاقة، قدمت المباراة إشارات إلى أن شيئا استثنائيا سيحدث، وقد حدث بالفعل، علما أن الهدف جاء بعد 16 تمريرة متتالية بين لاعبي ”البارصا”. وكان بوسع برشلونة التقدم بثلاثة أهداف في أول 15 دقيقة، لكن بمجرد أن دخل جوفنتوس أجواء اللقاء صنع العديد من الفرص، وكان يمكنه بسهولة أن يحرز أكثر من الهدف الذي سجله. ولتأكيد أن كرة القدم تتعلق بوضع الكرة في الشباك وليس التراجع للدفاع بأعداد كبيرة، شن برشلونة 3 هجمات مرتدة في الشوط الثاني بخمسة لاعبين في الأمام. وأنهى ليونيل ميسي الذي فشل هذه المرة في التسجيل، ولويس سواريز الذي هز الشباك بعد 68 دقيقة، ونيمار صاحب الهدف الثالث، أنهوا الموسم برصيد إجمالي 122 هدفا ثلاثتهم. ومنحت روعتهم أمام المرمى برشلونة لقبا أوروبيا خامسا وثاني ثلاثية من الألقاب في 7 مواسم، لكن مفتاح عظمة المباراة كان استمرار فرصة جوفنتوس حتى سجل نيمار في آخر لعبة. وقبل نحو عام واحد كان سواريز اللاعب الأقل قدرا تقريبا في كرة القدم بعدما عض جيورجيو كيليني مدافع إيطاليا في كأس العالم، لكنه وجد التعويض في الهدف الذي اهتزت به جوانب ملعب برلين الذي بدا أنه هدف الفوز حتى سجل نيمار الثالث. كما كان دفاع برشلونة، في ظل روعة جيرار بيكي وخافيير ماسكيرانو، رائعا هذه الليلة وكان يجب عليه أن يكون كذلك. وقام الفريق الإيطالي بطل أوروبا مرتين بسلسلة من التمريرات الرائعة الخاصة به في وسط الملعب، أعادت بعض ذكريات التحركات النموذجية المذهلة لجوفنتوس الذي قاده ميشيل بلاتيني في ثمانينات القرن الماضي. وتحقق أكبر إنجاز لهذا الفريق في ليلة كارثة ملعب هيسيل قبل 30 عاما، بالضبط الأسبوع الماضي عندما سجل بلاتيني، وهو الآن رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، من ركلة جزاء للفوز 1-0 على ليفربول. ورغم أنه تمنى انتصار ناديه السابق في مباراة السبت، فلا أحد كان بإمكانه تجاهل رؤية سعادته وهو يعطي تشافي الكأس، والاحتفال بلاعب برشلونة المخضرم بمباراته الأخيرة مع النادي بعد أكثر من 750 مشاركة، برفع كأس أوروبا.