أكّد الأستاد حسّان موسى، الكاتب والباحث في شؤون الأقليات المسلمة في السويد، في حوار مع “الخبر”، أنّ الإسلام أصبح جزء لا يتجزّأ من الهوية الأوروبية وأحد مكوّناتها رغم بعض العوائق الذّاتية والخارجية، منبّهًا إلى أنّ الإسلام أتى لأوروبا ليَبقى بعِزّ عزيز أو ذُلّ ذليل وأنّ أيّ محاولة لإعادة محاكم التّفتيش أو ثقافة (الترونسفار) أو استجلاب التاريخ وإعادة معاناة (الموريسكيين) أمر لا يمكن القبول به أو تكراره أو الرضوخ له. كيف تُقيّم الوجود الإسلامي في الغرب (في عُجالة)؟ الوُجود الإسلامي في الغرب أصبح واقعًا وحقيقة لا ينكرها إلاّ مكابر أو جاحد أو قليل البصر والبصيرة، كنّا عمالاً وطلبة نبتغي البحث عن لقمة العيش أو طلب العلم على أمل العودة إلى أوطاننا، فكان يُطلق علينا مسمّى “الجاليات” وكلمة الجالية هي (مِن الجلاء)، أمّا اليوم فإنّنا أصبحنا “أقلية” علينا واجبات ولنا حقوق وجزء لا يتجزأ من مجتمع متعدّد الثقافات والأعراق ورقمًا فاعلاً في المعادلة السياسية لا يمكن تجاهلها من صانع القرار السياسي، كما أنّ الإسلام أصبح جزء لا يتجزّأ من الهوية الأوروبية وأحد مكوّنات المجتمع الأوروبي رغم بعض العوائق الذّاتية والخارجية. ما أسباب هذا الانغلاق؟ أشكرك على هذا السّؤال، وأريد أن أؤكّد على أنّنا انتقلنا من مفهوم الجالية إلى مفهوم الأقلية الّتي لها حقوق وعليها واجبات مضمنة في الميثاق والدساتير الأوروبية والمواثيق الدولية في الأممالمتحدة. كما أنّ الإسلام أتى لأوروبا ليَبقى بعِزّ عزيز أو ذُلّ ذليل وأنّ أيّ محاولة لإعادة محاكم التّفتيش أو ثقافة (الترونسفار) أو استجلاب التاريخ وإعادة معاناة (الموريسكيين) أمر لا يمكن القبول به أو تكراره أو الرضوخ له. وإنّ محاولة الزّجّ بالإسلام في معارك الأحزاب الأوروبية أو تبرير فشل السّياسات الاقتصادية الأوروبية بهجرة المسلمين أو نسبة الإسلام والمسلمين إلى بعض السّلوكيات غير الإسلامية الّتي تُمارس من بعض الجهّال أو أنصاف المتعلّمين أو بعض الغُلاة والتكفيريين أو بعض أعداء الحياة دُعاة الكراهية والفناء هو فعل وممارسة ممجوجة ومرفوضة تخالف القيم الفكرية والديمقراطية والحقوقية والمنظومة القيمية الّتي انتهجها المجتمع الغربي ممارسة وسلوكًا، فهذا التّعميم لا يخدم إلاّ النّازيين الجُدد والأحزاب اليمينية المتطرّفة وخصوم الوجود العربي والإسلامي في بلاد الغرب والمتطرّفون ودعاة التّكفير والتّفجير وأصحاب ثقافة الانغلاق والتقوقع ورفض الآخر. هل تعتقد أنّ انضمام الشباب المسلم في الغرب لحركات التشدّد والتطرّف انتقامًا منه لحملات الإسلاموفوبيا؟ انضمام الشّباب المسلم في الغرب لداعش يعود لتقصير بعض الآباء في تربية أولادهم تربية سويّة وتنشئتهم على الحوار والوسطية، وكذلك غياب المرجعيات الدّينية الّتي تستطيع استيعاب هؤلاء وتلمّس مشاكلهم الرّوحية والفكرية والاجتماعية، إلى جانب عدم شعور البعض من الشّباب بالانتماء للأرض والواقع الّذي يعيشه، بالإضافة إلى تمرّدهم على كلّ شيء ورفضه للحياة الغربية، وعدم شعورهم أيضًا بالعدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص، وشعور بعضهم بالعنصرية والتّمييز في الحياة اليومية، إضافة إلى سلوكيات بعض الأحزاب اليمينية المتطرّفة ووسائل الإعلام تجاه الرّموز والمقدّسات الإسلامية دون سواها تغذّي الشّعور بالازدراء والاستهزاء بالإسلام والمسلمين عند هؤلاء الشباب، دون أن ننسى غياب العدالة وازدواجية المعايير في بعض قضايا الأمّة كقضية فلسطين والحروب الّتي تُشنّ في العالم الإسلامي من قبل الغرب. وكذلك ما تبثّه بعض الدّعايات الدّاعيشية عبر الوسائط الإعلامية من صور هوليوودية عن الحياة الاجتماعية والثقافية في المناطق الّتي تسيطر عليها وربطها بصور جمالية عن الخلافة الإسلامية. وأنّ ما تعجّ به الوسائط من دعايات وأخبار وفيديوهات ودروس ومحاضرات ومقالات بكلّ اللّغات تدعو إلى الجهاد ودفع الصّائل عن دولة (الخلافة) والعيش وفق منهاج النّبوة ووجوب الهجرة والجرأة على الواقع والحكّام والعلماء دون استثناء أو تمييز يستهوي بعض الشّباب المتمرّد. وما الحلّ لعلاج ظاهرة التطرّف أوّلا في العالم الإسلامي، وثانيًا في الغرب؟ ينبغي علاج ظاهرة الغلو والتطرّف بالتّعليم ونشر ثقافة الحوار والتّسامح والتّعايش، ونشر مفاهيم الوسطية والاعتدال في الممارسة والسّلوك، واعتماد خطاب إسلامي معتدل مرتبط بالأصل متصل بالعصر، إلى جانب إحياء رسالة المسجد وإعطائه المكانة السّامية كما كان في عهد النّبوة. كما يجب تأهيل الأئمة علميًا وتربويًا وإعلاميًا ليكونوا رسل خير ومحبّة، مع فتح فضاءات الإعلام للأصوات المعتدلة وإبرازها لمواجهة دعاة الغلو والتّشدّد والظّلامية، وإشراك رجال الفن والثّقافة في معالجة هذه الظّاهرة، مع تشجيع البحوث العلمية الّتي تعمل على تنقية التّراث الإسلامي ممّا هو دخيل على الوحيين، وكذلك معالجة كلّ أسباب الاحتقان الاجتماعي والاقتصادي الّذي يعيشه الشّباب وإعطائهم إشارات وإيحاءات بأنّ هناك فرصة لحياة أفضل ولعدالة أكثر ولتغيير حقيقي. والتّشديد في اتّباع ثقافة أمنية مع مَن ضلّوا السّبيل وإيجاد لجان للمناصحة محلية ودولية.