الجدل الدائر الآن بين وزارة الاتصال وسلطتها للضبط والقنوات التلفزية الخاصة الأجنبية، التي تبث من الجزائر.. نقاش يثير فعلا الضحك. ميلود شرفي رئيس سلطة الضبط يمارس نشاطه بالكلمة، لأن مرسومه الرئاسي لم يصدر بعد في الجريدة الرسمية، وربما لم يوقّعه الرئيس بعدǃ لأسباب تعرفها الوزارة التي عيّنته بالكلمة، والرئاسة التي جمّدت مرسوم تعيينهǃ قانون سلطة الضبط يتحدث عن لجنة نصفها تقريبا يعيّن أعضاؤها من طرف الصحافيين بالانتخاب.. والعملية لم تتم بعد، لأن بطاقة الصحفي لم تتم بعد، وبالتالي فسلطة الضبط لا وجود لها شرعيا وقانونيا، فكيف تراقب قنوات أجنبية عاملة في الجزائر كقنوات أجنبية قانونا، وجزائرية بالوقائع وبالأمر الواقعǃ اضحكوا على سلطة وصل بها الحال إلى مراقبة العشوائي بالعشوائيǃ سلطة الضبط غير الموجودة قانونا تقوم باستدعاء (kbc)، القناة الجزائرية التي هي قانونا غير موجودة، بل هي قناة جزائرية بالوكالةǃ كيف وصل حال الفوضى في هذه البلاد إلى مستوى أن لا شرعي قانونا يمارس باسم السلطة توجيه التعليمات إلى قناة غير موجودة قانونا؟ǃ الكل ينشط بطريقة غير قانونية، سلطة الضبط والقنوات أيضاǃ ما الفرق بين طاولة بيع الزلابية في رمضان في الأسواق الفوضوية بطريقة غير شرعية وغير صحية، وبين بيع مواد العنف الثقافي والإعلامي في قنوات الإعلام الفوضوي؟ǃ الأصل في الموضوع أن لا نناقش ما تبثه هذه القنوات، بل الأصل أن نناقش شرعية من يوجه التعليمات لهذه القنوات غير الشرعيةǃ الدولة سمحت في مرحلة من المراحل بالبناء الفوضوي للمساكن واحتاجت إلى ربع قرن كي تقوم بإعادة الأمور إلى نصابها القانوني، ولم تنجح لحد الآن.. وهي أيضا سمحت بالنشاط التجاري الموازي والسوق المالية الموازية، وقد (حصلت) في القضية ولم تجد الحل إلى اليومǃ فهل تريد السلطة أن تفعل بالإعلام السمعي البصري الفضائي الشيء نفسه؟ǃ أو هي فعلت فعلا و(حصلت) في تسييره قانونا؟ǃ كل شيء في البلاد يسير عشوائيا.. الحكومة تعين عشوائيا، والرئاسة تنتخب عشوائيا، والأمن يمارس نشاطاته لبسط الأمن عشوائيا.. فلم يعد في البلاد ما يشير إلى أن البلاد فيها سلطة وقانون يمكن أن يحتكم إليهما.. لهذا فإن معالجة الإعلام الفضائي العشوائي بسلطة ضبط عشوائية، لا يمكن أن يعطي النتائج المطلوبةǃ وستبقى حكاية عنف “الكاميرا كاشي” من الحقوق القانونية المتصلة بحرية التعبير، في ظل غياب المفهوم الصحيح لحرية التعبيرǃ إننا نعيش بداية المأساة. [email protected]