قرأت خبرين حول الإعلام، فلم أتمالك نفسي وفركت عينَيّ لعلني لم أقرأ جيدا..! الخبر الأول: إن رئيس سلطة الضبط للسمعي البصري قال من تونس إن الجزائر تنعدم فيها المواثيق القانونية التي تمنع الجمعيات (الأحزاب) من بث أنشطتها. والخبر الثاني كتبه الزميل فيصل مطاوي في “الوطن”، ويقول الخبر إن السلطة في الجزائر ستفتح ملف تمويل القنوات التلفزية الخاصة! وجه الغرابة في الخبرين هو: أولا: في الجزائر لا توجد قنوات خاصة بالمفهوم القانوني الذي يحدده قانون الإعلام الجزائري... وما هو موجود من قنوات إنما هي قنوات أجنبية لا يحق حتى للحكومة الجزائرية، وليس سلطة الضبط، البحث في تمويل هذه القنوات الأجنبية. عدم جدية ما أورده الزميل مطاوي يظهر من خلال عدم جدية الجهة التي أسندت إليها مهمة دراسة هذا الملف! وياليت ما قاله الزميل مطاوي في “الوطن” يكون صحيحا وتدرس سلطة الضبط ملف تمويل قناة “أجواء” مثلا؟! ولسنا ندري كيف تدرس سلطة الضبط الملف وتبرمجه وهي لم تنصب بعد؟! فلو كان الأمر جديا، لصدر هذا القرار بعد تنصيب هذه السلطة، ولا يحدد لها الملف الذي تدرسه قبل أن تنصب؟! مثل هذه الممارسات تدل على عدم جدية السلطة في معالجة موضوع الإعلام عامة والسمعي البصري خاصة. كل من يسمع بأن الجزائر ليس بها “عوائق قانونية” تخص النشاط الإعلامي، يجزم بأن القائل لا يعيش في الجزائر، وليس في كامل قواه العقلية، فضلا عن اعتباره ممثلا للسلطة في القطاع لضبط ممارساته المهنية؟! وتجاوزا للواقع، نقول “شيش” تقوم سلطة الضبط القادمة بدراسة ملف وكالات الإشهار الخاصة المملوكة لأبناء المسؤولين السامين ونسائهم، وعلاقة هذه الوكالات بالمؤسسات الإعلامية العمومية والخاصة في مجال الإشهار والإنتاج السمعي البصري؟! “شيش” أيضا تتعرض هذه السلطة الضبطية إلى النشاط الإشهاري للمؤسسات والشركات الأجنبية العاملة في الجزائر، وعلاقة هذا النشاط بالسياسة والإعلام وبالفساد في الجزائر؟ العمل الجدي في الإعلام بصفة عامة، والعمومي بصفة خاصة، يبدأ من إنهاء حالة الإعلام الحكومي والانتقال إلى الإعلام العمومي... وإنجاز هذه المهمة ليس في برنامج الحكم الحالي، ولا باستطاعة رجاله الحاليين في الإعلام إنجاز هذه المهمة، الأمر يبدو أن بعض القنوات الأجنبية الخاصة بدأت تحضّر نفسها لما بعد بوتفليقة، لذلك عمد رجال بوتفليقة في الإعلام إلى تهديدها بفتح الملف.. هذا هو الواقع!