فتاة مقبلة على الزواج تطلب نصيحة حول كيفية تحقيق الحياة السّعيدة مع زوجها.. قال الله تعالى: {وَمِنِ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكّرُون} الرّوم:21، فبناء الأسرة واستقامتها من أعظم ما يسعى إلى تحقيقه العبد المؤمن، حتّى تستقرّ نفسه وتنزل السّكينة القائمة على الوُد والأنس والتّآلف، وهي في الحقيقة علاقة عميقة الجذور بعيدة الآماد، شبّهها القرآن باللّباس الّذي من شأنه أن يستر لابسه ويحميه ويزّينه ويلائمه، فقال سبحانه وتعالى: {هُنّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنّ} البقرة:187. ولا بُد لتحقيق هذه المعاني السامية من اختيار شريك الحياة بميزان التّقوى والخلق الحسن والصّلاح، حتّى يكون كلّ طرف معينًا للطرف الآخر على عبادة الله تعالى بما شرع، للفوز ودخول جنّته، فقال تعالى: {جنّات عدن يدخلونها ومَن صَلح من آبائهم وأزواجهم وذرّياتهم} الرعد:23، وتأمّلوا قول الرّسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “رَحِم الله رجلاً قام من اللّيل فصلّى وأيقظ امرأته فصلّت، فإن أبت نضح في وجهها الماء” أخرجه أبو داود وابن ماجه وغيرهما وهو صحيح. وينبغي على الرجال بما فضّلهم الله على النساء بالقوامة ورجاحة العقل والفهم، أن لا يستغلوا تلك القوامة فيما حرّم الله عليهم من الظلم والاعتداء وهضم الحقوق، وقد قال سبحانه وتعالى: {وعاشروهُنّ بالمعروف فإن كرهتموهنّ فعَسى أن تكرهوا شيئًا ويجعَل الله فيه خيرًا كثيرًا} النساء:19، وقال صلّى الله عليه وسلّم: “واستوصوا بالنساء خيرًا، فإنهنّ خُلقن من ضلع أعوج، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبتَ تُقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء خيرًا” أخرجه البخاري ومسلم. وقال صلّى الله عليه وسلّم: “لا يفرك مؤمن مؤمنة –أي: لا يُبغض ولا يَكره- إن كره منها خُلُقًا رضي منها آخر” رواه مسلم. وقال صلّى الله عليه وسلّم: “خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي” رواه الترمذي وابن ماجه وغيرهما وهو صحيح. وعلى الزوجة أيضًا أن تجتهد في طاعة زوجها وإرضائه حتّى تكون الزوجة الصالحة التي وعدها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالجنّة، حيث قال “وأيُّما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنّة” رواه الترمذي وابن ماجه وهو حديث ضعيف. ولا يسع المقام هنا لذكر واجبات وحقوق كلّ من الزوج والزوجة، ولكن ينبغي الإشارة إلى ضرورة التسامح والمودة والتآلف بين أفراد الأسرة حتى تصلح ويصلح بصلاحها المجتمع كلّه والأمّة الإسلامية جمعاء، فكلّ طرف فيها مكمل للآخر، يجبر نقصه ويستر عيوبه ويصوّب خطأه.