كشفت مصادر مطلعة على ملف إيداع رئيس بلدية قسنطينة الحبس المؤقت بتهمة تزوير محررات رسمية وإتلاف أخرى، أن التحريات التي باشرها قاضي التحقيق بينت اختفاء محضرين متناقضين، الأول أشرت عليه المصالح التقنية بالموافقة، والثاني بالرفض، في حين تحول الشاكي، الذي شغل منصب نائب رئيس البلدية مكلف بالعمران في ذلك الوقت، إلى متهم. عصفت قضية منح رئيس بلدية قسنطينة رخصة بناء من أجل إنجاز 32 فيلا بحي بوجنانة لصالح أحد المقاولين بالبلدية، بعد إيداع رئيس البلدية الحبس المؤقت من قبل قاضي التحقيق لدى محكمة شلغوم العيد بولاية ميلة، بمستقبل المجلس. وعلمت “الخبر” أن رئيس البلدية، وخلال سماعه من قبل قاضي التحقيق، أكد أنه وافق على إمضاء الرخصة بناء على الموافقة التي أقرها مدير العمران ونائب رئيس البلدية المكلف أيضا بالعمران وفي نفس الوقت يعتبر الشاكي، ولم يمارس أي ضغط على أي أحد، معتبرا نفسه ليس خبير عمران وأن تأشير المعنيين بالموافقة هو ما جعله يرخص لبناء الفيلات. ذات المصادر أضافت أنه وبالرجوع إلى ملف المقاولة المعنية، تبين اختفاء تقرير المهندستين اللتين درستا الملف، حيث تضاربت أقوالهما بين إمضائهما لمحضر رفض بناء الفيلات لوقوعها ضمن الخانة الحمراء تبعا لدراسة “سيميكسول” , في حين أكد مدير العمران أن المهندستين أعدتا تقريرا بالموافقة، وبناء عليه أشر بالموافقة هو أيضا قبل عرضه على نائب رئيس البلدية المكلف بالعمران الذي أشر عليه وأرسله لرئيس البلدية للتوقيع النهائي، ومن المنتظر سماعه من قبل قاضي التحقيق يوم الإثنين المقبل. أما المهندستان فتضاربت تصريحاتهما بتلقيهما ضغوطا بإمضاء محضر الموافقة بعد إعداد محضر الرفض، وهو ما تم بعد ذلك وبين النفي. من جهته، ذكر المقاول المعني، وهو المحافظ السابق لجبهة التحرير الوطني، خلال سماعه من قبل الضبطية القضائية، أنه لم يمارس أي نفوذ، وأن ملفه ظل محل دراسة لأكثر من شهرين بمصالح البلدية، كما أنه أعد دراسة جيوتقنية دامت سنة كاملة من قبل مخبر عمومي تابع لوزارة السكن والعمران بولاية سطيف، والذي أكد صلاحية الأرضية للبناء، مع احترام بعض الشروط التقنية، وبناء عليه تقدم بطلب رخصة بناء، مضيفا أن دراسة “سيميكسول” تشوبها الكثير من الأخطاء، وأن مشروعه ليس الوحيد الذي أنجز في مناطق انزلاق، مستدلا بأن والي ولاية قسنطينة منح تراخيص لإنجاز مرافق عمومية ضمن الخانة الحمراء، منها المكتبة العمومية التي أنجزت في إطار قسنطينة عاصمة الثقافة العربية، وأن الجسر العملاق الذي دشنه الوزير الأول أصلا أنجز في منطقة حمراء، ولكن باحترام الشروط التقنية اللازمة. من جهته، أمر قاضي التحقيق بوضع الشاكي الذي فجر الملف، تحت الرقابة القضائية، بعد أن أكد لدى سماعه أنه استلم الملف وهو من دفع المبلغ المتأتي من إنجاز رخصة البناء للخزينة العمومية، وأنه لا يعلم أين ذهبت التقارير التي تؤشر على منح الرخصة أو رفضها، إلا أنه اتهم رئيس البلدية والمحافظ السابق باستغلال النفوذ من أجل تمرير رخصة البناء، إلا أن تناقض تصريحاته دفعت قاضي التحقيق لوضعه تحت الرقابة القضائية. وعلمت “الخبر” من مصادر موثوقة أن قاضي التحقيق لدى محكمة شلغوم العيد من المنتظر أن يستمع للمقاول المعني بحر هذا الأسبوع، فيما تقدم محامي رئيس البلدية بطعن لدى غرفة الاتهام من أجل إطلاق سراح رئيس البلدية، إما إفراجا مؤقتا أو وضعه تحت الرقابة القضائية. كما قالت مصادرنا إن رئيس الدائرة رفض استخلاف نائب رئيس البلدية للموقوف، مؤجلا النظر في من تؤول إليه مسؤولية تسيير شؤون البلدية، في انتظار انتهاء التحقيق والمحاكمة الأسبوع الجاري.