رغم عدم تمكن المخرج الجزائري مرزاق علواش من الحضور إلى مصر لحضور عرض فيلمه (مدام كوراج) المشارك في المسابقة الرسمية لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي إلا أن قاعة المسرح الكبير بدار الأوبرا اكتظت مساء يوم الجمعة بمشاهدين لديهم ثقة بما يمثله علواش كمخرج عربي بارز. وعلواش الذي مثل الجزائر -في التنافس على الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي 1996 وفي مهرجانات منها كان والبندقية التي عرض فيها (مدام كوراج)- يقدم فيلما يلعب على وتر الحب وما إذا كان قادرا على تغيير سلوك المجرم. والمجرم في (مدام كوراج) مراهق اسمه "عمر" يتناول خليطا مركزا من الأقراص المخدرة التي يطلق عليها "مدام كوراج" تمنحه إيهاما بالنشوة وبجنة متخيلة فيشعر بأنه الأقوى الذي لا يقاوم ولا يبالي بأخطار وتكون ردود أفعاله تجاه من يهم بإيذائه أو يرد عدوانه محايدة ومحيرة أيضا. وقبل بدء الفيلم -وهو العمل العربي غير المصري الوحيد الذي يشارك في المسابقة الدولية للمهرجان- أرسلت إدارة المهرجان رسالة على الهاتف إلى الصحفيين تبلغهم "اعتذار علواش عن الحضور... لإصابته بالتهاب في أذنيه مما أدى إلى تحذيره من ركوب الطائرة". وقال مدير المهرجان يوسف شريف رزق الله قبل بدء العرض إن الطبيب حذر علواش من أن ركوب الطائرة ربما يؤدي إلى مضاعفات للمرض. ورغم غياب المخرج حضر عرض الفيلم ومدته 89 دقيقة كثير من النقاد المصريين منهم فوزي سليمان والناقد الجزائري نبيل حاجي والممثلة السورية كندة علوش. ويقدم علواش فيلما متقشفا في الحوار ومختزلا في المشاهد القصيرة التي تنتهي فجأة لتمنح المشاهد فرصة لتخيل ما بعدها كما كان الممثل الشاب (عدلان جميل) مقنعا في دور "عمر" بأقل قدر من الجمل الحوارية التي أغنت عنها نظراته الزائغة واليائسة. ويبدأ الفيلم باللص المراهق الماهر في خطف السلاسل الذهبية وهو مطارد في شوارع ضيقة بإحدى الضواحي الفقيرة في العاصمة الجزائرية ثم تقع عيناه على صيد جديد يتمثل في "سلمى" التلميذة بإحدى المدارس حيث يخطف سلسلتها في الشارع وسط عدد من زميلاتها. ولكن نظرته إلى عينيها تدفعه لتعقبها فيستقل الحافلة نفسها ثم يتبعها وهي تقترب من بيتها ويعطيها السلسلة دون كلام ثم يواصل الانتظار ليلا ونهارا قبالة البيت لعلها تطل من النافذة. والحب الذي شغل "عمر" لا يمنعه عن مواصلة جرائمه مع أخريات فالجريمة نابعة من الفقر الشديد حيث يعيش مع أمه وأخته "صابرينا" التي توشك على الموت حين يعذبها قواد. أما البيت الواقع في إحدى العشوائيات فتتواصل فيه أحاديث تلفزيونية لمشايخ سلفيين. و تتوازي الجريمة مع الحب الذي يدفع عمر إلى انتظار إطلالة سلمى حتى يغلبه النوم ثم تصيبه نشوة ذات ليلة فيشعل ألعابا نارية ويطوف حول البيت كالممسوس. والفيلم الذي تدور أحداثه في مشاهد ليلة قاتمة لا يضع نهاية قاطعة.. فاللص المراهق في إغفاءة بعد جولة من التعب والتلميذة خرجت في الصباح حيث تنتظرها زميلاتها والواقع الذي ينتج الجريمة ما زال قائما. ويعرض في الدورة السابعة والثلاثين لمهرجان القاهرة نحو 100 فيلم من 64 دولة ويتنافس في مسابقتها الرسمية الدولية 16 فيلما وتستمر حتى الجمعة القادم.