لطالما عرفت مجلة شارلي ايبدو برسوماتها المستفزة، عن طريق تناولها لقضايا سياسية سياسية في الداخل الفرنسي والخارج بطريقة هزلية مستعملة أسلوب السخرية، حيث نشرت الكثير من المقالات والكاريكاتيرات المثيرة للجدل انتقدت فيها الإسلام، مما اكسبها عداء المسلمين في الشرق والغرب. وكانت الصحيفة قد نشرت سلسلة من الرسوم المسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، وأثارت هذه الرسوم احتجاجات في البلدان المسلمة، وأدانت المنظمات الإسلامية الفرنسية مثل المجلس الفرنسي للديانة مسلم، حيث وصف هذا الفعل ''استفزازا واضحة لمشاعر المسلمين''، كما تعرض مقر الصحيفة لهجوم مسلح في 7 جانفي الماضي أدى لمقتل 12 شخص وجرح آخرين.
ولم تقف استفزازات هذه الصحيفة عند هذا الحد حيث نشرت هذه المجلة رسوماً كاريكاتورية تستهزئ فيها بموت الطفل السوري الغريق إيلان كردي، ما أثار غضب واستياء رواد مواقع التواصل الاجتماعي، ليس فقط على المستوى العربي والإسلامي، بل امتد ليشمل نشطاء حول العالم، باعتبار أن الطفل السوري إيلان رمزا لمعاناة اللاجئين السوريين، ولاقت حادثة غرقه تعاطفاً عالمياً على كل الأصعدة، لكن لطالما عللت السلطات الفرنسية أن هذه المجلة تستخدم حقها في حرية التعبير.
وخلال الأيام الماضية عادت الصحيفة الساخرة للواجهة عندما استهزأت بقتلى الطائرة الروسية حيث نشرت مرتين متتاليتين صورا كاريكاتورية تتعلق بحادث سقوط الطائرة الروسية في مصر، بإشارات بالغة السخرية للحادث، حيث يظهر في أحد الرسوم حطام الطائرة وأشلاء ضحايا تتساقط على مسلح من تنظيم الدولة الإسلامية، مع تعليق "داعش: الطيران الروسي يكثف غاراته"، في إشارة إلى الضربات التي تشنها موسكو في سوريا، ويظهر رسم آخر جمجمة تتدلى منها نظارة شمسية فيما يبدو حطام الطائرة في الخلفية، وعنونت فوق الرسم "مخاطر الخطوط الجوية الروسية ذات التكلفة المنخفضة"، كما تظهر فقاعة من الحطام كتب عليها "كان يجب أن أسافر على متن خطوط الكوكايين"، في إشارة إلى الفضيحة الحالية لطيارين فرنسيين يهربون المخدرات من جمهورية الدومينيكان، حيث أثارت هذه الكاريكاتيرات استياء واسعاً في روسيا، إذ وصفه الكرملين بأمر غير مقبول، ووصفته الخارجية الروسية ب"استفزاز وضيع".
وبعد الهجمات الأخيرة التي ضربت فرنسا مؤخرا وأودت بحياة 129 شخصا تساؤل العديد على مواقع التواصل الاجتماعي وبعيدا عن الشماتة والانحطاط الأخلاقي، وبعيدا أيضا عن ربط ما جرى في باريس، في المرتين الأولى والثانية، هل ستقوم هذه المجلة بنشر صور أو كاريكاتير للسخرية من الهجمات التي وقعت في باريس؟ وماذا سيكون رد السلطات الفرنسية؟ ماذا ستفعل الحكومة الفرنسية لو قامت احدى الجرائد العربية او المسلمة بنشر كاركاتير يظهر رسوم تصف علاقة الاستخبارات الأمريكية بالأجهزة الأمنية الفرنسية وخلفها أشلاء الضحايا؟ ماذا لو ظهر كاريكاتير يتضمن جماجم الضحايا بيد منفذي الاعتداءات؟ وهل ستعتبره مجرد حرية تعبير.