"مازال التلفزيون الجزائري يحتكر الإنتاج الدرامي من مسلسلات وحصص وأفلام وثائقية وترك المخرج مقيدا لا يستطيع أن يقدم منتوجاً جيداً يتناسب مع أذواق المشاهدين"،-حسب ما جاء في تصريحات مخرجين وفنانين-، الأمر الذي جعل بعض المعنيين يتذمرون من السياسة المتعبة داخل التلفزيون لجهلهم الشروط التي يتم على أساسها الاختيار. ولوقت طويل كان التلفزيون الجزائري يغرد لوحده إلى أن دخلت على الخط قنوات خاصة عملت على خطف كل من يملك شعبية مثل جميلة عراس أو لخضر بوخرص في "عمارة الحاج لخضر" أو السيكتور أو نجم الراب لطفي في حصة كلمة حق ونجم الكاميرا الخفية مراد خان، واغلبهم حقق عدة نجاحات سابقة مع التلفزيون الجزائري. ولا يختلف اثنان حول التنافسية التي انبثقت عن ظهور قنوات خاصة لم نتعود عليها في أيام الأحادية الإعلامية، ولعل أول من أحس واعترف ضمنيا بالمنافسة وخطرها مؤسسة التلفزيون الجزائري، الذي استدعت قبل أيام من شهر رمضان منتجين تعودت على التعامل معهم، وألزمتهم بعدم التعامل مع غيرها بل وأكثر من ذلك "قطعت" المؤسسة الطريق أمام القنوات الخاصة ومنعها حتى من اقتناء بعض الأعمال العربية حيث قام بشرائها حتى وان لم يعرضها، حسب أقوال المنتجين السينمائيين. نايلة باشا جمال الدين حازولي :"الدراما التلفزيونية الجزائرية هزيلة بسبب سياسة الاحتكار" يرى المخرج والإعلامي جمال الدين حازولي، صاحب البرنامج الإذاعي ''سينيراما''، أن الدراما التلفزيونية الجزائرية هزيلة والسبب هو سياسة الاحتكار التي يمارسها، كما أكد أنه لا وجود للمخرجين الأكفاء، إذ تنقصهم الخبرة والثقافة وبالتالي ينتج عن ذلك تدهور دراما التي لا تعبر عن الواقع الحقيقي المعاش في المجتمع. إن مستوى الفضائيات البارزة في الوقت الحالي ضعيف جدا، إذ أنها لا تنقل أشكالا درامية أخرى بل هي تحاول أن تستنسخ بعض الأعمال، ويعود ذلك إلى السياسة التي تنتهج إذ أنها تهدف إلى الربح ولذلك فإنها تخدم المضايق السياسية، لهذا فإنها لا يمكن أن تكون منافسة للتلفزيون الجزائري وتوقف الإحتكار الذي تمارسه على الدراما . .. الممثل الكوميدي رابية عبد الحميد:" الجزائر تعيش في فوضى ثقافية" أكد الممثل الكوميدي رابية عبد الحميد أن الجزائر تعيش في فوضى ثقافية سواء على مستوى التلفزيوني أو المسرحي وكذا السينمائي، وهذا بسب غياب الإرادة السياسية اتجه الثقافة. وكشف رابية أن القنوات الجديدة هي عبارة عن فضائيات مسيرة من طرف مسؤولين غير مؤهلين لذلك، وأضاف أن هذا ما جعل الفنان الجزائري بطالاً، خاصة وأن المخرجين بالجزائر ليسو بالمستوى الذي يسمح له بالتحرر من الضغوطات، إذ منذ سنوات حوّل مضمون التلفزيون إلى مالا يواكب المشاكل اليومية التي يعيشها المواطن إذ لا يرى فيها نفسه وهويته ولهجته ومبادئه في هذه الأعمال، كما أنها ابتعدت كل البعد عن الواقع، وقال: "أن كل هذه العوامل التي دفعت التلفزيون الجزائري يحتكر أعمالنا بدون منافس". كما أضاف أن نوعية البرامج المقدمة والمختارة في التلفزيون الوطني لا تمت للاحترافية بصلة بل هي بعيدة كل البعد عنها بحيث أنها لا ترقى إلى مستوى البرامج المعروضة في القنوات الأجنبية وهي من أهم الأسباب التي جعلت المشاهد الجزائري يهجر قنوات بلاده بل يبحث عن أخبار وطنية بين ترددات القنوات الأجنبية . محمد عجايمي: "دخلاء يسيئون لسمعة الفنان الجزائري" صرح الفنان محمد عجايمي أن بالجزائر مخرجين أكفاء لكن تسلل الدخلاء الذين يسيئون لسمعة الفن، فهناك أفلام ليس لها معنى ولا قيمة عند الجمهور، نظرا لرداءتها، يعني أنه لابد أن تكون للمخرج ثقافة واسعة في جميع المجالات وعليه ليس كل من هب وذب يزعم أنه مخرج، لأن الإخراج مجال واسع يتطلب قدرا كبيرا من الإبداع، وأكد أن هناك من له مصلحة في إقحام الدخلاء في عالم التلفزيون والسينما وهذا من أجل نشر الثقافة الغربية عن طريق عرض الأفلام الأجنبية واحتكار الدراما . وأضاف أن الثقافة الجزائرية تراجعت بشكل كبير في عدة ميادين خصوصا في المجالين السينمائي والتلفزيوني، حيث أصبح المبدع عرضة لعقبات عديدة لكنه رغم ذلك يجب يبقى يناضل من أجل تقديم الأفضل، مضيفا أن غياب الوجوه الفنية الجديدة راجع إلى نقص الإنتاج وسوء التنظيم، وتأسف لنقص روح المبادرة لدى الشباب المثقفين خريجي المعاهد الثقافية والفنية. وأضاف عجايمي أنه من المهم أن لا يستسلم الفنان للعراقيل والمشاكل، وعلى كل من يحب مهنته أن يواصل تقديم الأفضل للثقافة والسينما الجزائرية، وقال أنه:" يجب أن نساهم نحن الفنانين في إثراء هذا الإنتاج و كذا حث وتشجيع الشباب على الاقتداء بأسلافهم" . سعاد سبكي: "عقم إستراتيجية التلفزيون العمومي وراء رداءة برامجها" أكدت الفنانة والمخرجة المسرحية سعاد سبكي أن رداءة الشبكة البرامجية التي تعدّها "اليتيمة" مردّها الإستراتيجية "العقيمة" التي تنتهجها، وكذا حالة الركود التي لحقت بقسم الإنتاج. يعود لتدنّي مستوى الأعمال التي يبثها التلفزيون الجزائري كما أضافت أنها مستاءة جدّا من الشلل شبه الكلي الذي مسّ قسم إنتاجها، وكذا حالة الجمود التي طالته في الآونة الأخيرة، وسبب ذلك الإحتكار. وقالت أعتقد أنه في حالة ما إذا استمرّت الأوضاع على ما هي عليه حاليا، فإن معظم الفنانين سيحالون على التقاعد قريبا، خصوصا بعد أن أخذ الإحباط المعنوي ينال منهم ويكبح رغبتهم في العطاء. .. الفنانة والمخرجة فاطمة بلحاج: "الاحتكار يقيد الدراما بقيود من حديد" كشفت الفنانة والمخرجة فاطمة بلحاج أنها لم تعد لديها أي متعة في التمثيل ولا توجد أعمال تستدعي بقائي مشدودة إلى هذا النوع التعبيري، ناهيك عن الرتابة التي تميز الإنتاج الفني في الجزائر الذي أصبحت تغذيه الأفكار القصيرة وتطغى عليه المواضيع المستهلكة التي تميزت بالرداءة ، وإذا استمر الحال على ما هو عليه فلن نكون بعيدين عن ذلك، لكنني أستطيع القول إن محدودية المبدع الجزائري في مجال الإنتاج سواء السينمائي أو التلفزيوني، خاصة فيما يخص المواضيع المتناولة، قزّم كثيرا أدوار الفنان وحدّ من قيمة الأعمال المقدمة للجمهور التي أصبحت تفتقد إلى الكم والنوعية على حد سواء، فالمجتمع لديه هموم ومشاكل أخرى تستدعي المعالجة بعيدا عن التكرار والبقاء في دوامة مغلقة، بالإضافة إلى انفراد المجتمع الجزائري بنبض خاص يتطلب محاكاة مميزة وتواصل دائم حتى نتمكن من جس نبضه بالطريق الصحيحة، وهو ما لا نشاهده على الشاشتين الصغيرة والكبيرة في الوقت الراهن، والسبب في ذلك هو الاحتكار الذي مازال يقيد الدراما بقيود من حديد".