أكد الإعلام الفرنسي بما لا يدع مجالا للشكّ، بأنه يصنّف الفرنسيين إلى درجتين، وبأن المنحدرين من أصول عربية يتواجدون في الدرجة الثانية، لا يملكون “حقوق” أصحاب الدرجة الأولى نفسها من الفرنسيين الأصلين، أو الذين ينحدرون من البلدان الأوروبية المجاورة لفرنسا. يندرج قرار إقصاء كريم بن زيمة من المنتخب الفرنسي والحملة الإعلامية التي لاحقته منذ قضيته مع زميله في المنتخب الفرنسي ماتيو فالبوينا، في إطار عدم تعامل فرنسا مع “فرنسييها” بالطريقة نفسها، كون ميشال بلاتيني رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، وذو الأصول الإيطالية، حصل على “حصانة إعلامية” رغم فضائحه على مستوى الاتحادية الدولية لكرة القدم التي أقصته بصفة مؤقتة من الترشح لانتخابات “الفيفا” المقبلة، بسبب تهم تتعلّق بالفساد، وهو الامتياز الذي تم إسقاطه على نجم آخر (بن زيمة)، حين تعلّق الأمر بفرنسي من أصول جزائرية. قضية تحامل الإعلام الفرنسي على كريم بن زيمة، بحجة أن كاميرات التلفزيون رصدته وهو يبصق بعد انتهاء النشيد الفرنسي، وتدخل حتى الوزير الأول مانيوال فالس للمطالبة بإقصائه، دون مراعاة مدى تأثير إعلانه على القضاء الفرنسي الذي يحقق في قضية “مساومة مفترضة” للاّعب بن زيمة لزميله فالبوينا، دليل قوي على أن الفرنسيين لا يفوّتون أي فرصة للتنكّر للمنحدرين من أصول مغاربية في أول منعرج، بعدما يأخذون من هؤلاء كل ما هو إيجابي لينسبوه إلى فرنسا، ويلصقون السلبيات بجذورهم العربية حين يتسبّب هؤلاء في مشاكل. ويشرب كريم بن زيمة، الذي اختار اللّعب لفرنسا على حساب الجزائر، من كأس النجم زين الدين زيدان نفسه الذي أهدى المنتخب الفرنسي اللقب العالمي الوحيد سنة 1998 ثم لقبا أوروبيا جديدا سنة 2000، قبل أن يقود منتخب فرنسا إلى نهائي جديد للمونديال سنة 2006، غير أن نطحة “زيزو” الشهيرة للاّعب الإيطالي ماتيرازي، وهو في نهاية مشواره، جعلت كل فرنسا تُكشّر عن أنيابها، لتنهش جسد النجم الذي صنع لفرنسا اسما في قائمة المتوّجين بكأس العالم، وراحت تربط نطحته بعدوانية كل من ينحدر من أصول مغاربية. ولم يسلم الفرانكو جزائري سمير ناصري أيضا من تلك المعاملة السيئة، الذي وجد نفسه خارج حسابات المدرّب ديشان، رغم أنه كان نجم مانشستر سيتي، بل أن الإعلام الفرنسي توقف أيضا عند خلاف ناصري مع أحد الإعلاميين، وألصق “عدوانيته” بطابع المغاربة أيضا، للقول إن كل سلوك مشين لا يمكن أن يصدر عن فرنسي خالص. التعامل بمكيالين بين ميشال بلاتيني وكريم بن زيمة، من طرف الإعلام الفرنسي، يحمل في طياته دلالات قوية، تؤكد بأن المغاربة الذين انتفضوا في المباراة الشهيرة بين الجزائروفرنسا بملعب “ستاد دو فرانس” في أكتوبر من سنة 2001، وصفّروا ضد النشيد الفرنسي، حملوا رسالة لكل فرنسا على أنها تنظر إليهم بنوع من الاحتقار وبأنهم يشعرون دائما بأنهم فرنسيون من الدرجة الثانية، وهي الرسالة التي أحدثت ضجة في ذلك الوقت، غير أنها لم تغيّر في شيء من حال هؤلاء، ولم تجعل الفرنسيين يراجعون حساباتهم، بدليل أن الفضيحة التي فجّرها موقع “ميديا بار” قبل سنتين، بخصوص نية الاتحاد الفرنسي لكرة القدم اعتماد سياسة “الكوطات”، تندرج أيضا في إطار تصنيف المغاربة والأفارقة في الدرجة الثانية، ما يجعلهم في نظر الإعلام الفرنسي، فرنسيين مع وقف التنفيذ.