ذكر الكاتب المسرحي محمد بورحلة، الذي قام باقتباس رواية “اللاز” للطاهر وطار للمسرح، أن العمل الذي أنجزه المسرح الجهوي لسوق أهراس، تدور أحداثه حول مجموعة من المجاهدين يقعون في كمين للعدو الفرنسي، فيتسرّب الشك إلى نفوسهم وتساورهم الظنون بأنه يوجد خائن بينهم، فتوجّه أصابع الاتهام إلى الآخر الذي يختلفون معه في الإيديولوجيا، فيخيّرونه بين التنكر لعقيدته ومنهجه ليصبح واحدا منهم، أو البقاء على مذهبه، فيكون مصيره الإعدام. أوضح الكاتب الروائي والمسرحي محمد بورحلة، خلال ندوة صحفية عقدها طاقم مسرحية “اللاز” أمس، بالمسرح الوطني محيي الدين بشطارزي بالجزائر العاصمة، أن مسرحية “اللاز” التي اقتبسها من رواية الطاهر وطار المنشورة سنة 1974، لا تحمل أي رسالة، بقدر ما تسعى لطرح سؤال فلسفي متعلق بمسألة العلاقة مع الآخر الذي نختلف معه في الأفكار والإيديولوجيا.
تابعونا على صفحة "الخبر" في "غوغل+"
وبخصوص سؤال حول الرسالة التي “قد تحملها المسرحية”، قال المخرج يحيي بن عمار: “لا رسالة لنا باستثناء أن الثورة الجزائرية عبارة عن ثورة مقدّسة وطاهرة، وهي ملك للإنسانية ولا يمكن اختزالها في شخص واحد”، وأضاف بن عمار بخصوص مسألة الاقتباس: “يمكن اقتباس أكثر من مسرحية من رواية “اللاز”. وتساءل قائلا: “لكن من منا يملك الشجاعة الكافية لكي يتطرق للطابوهات التي تناولها وطار في روايته”، وأضاف موضحا: “الأدب المسرحي ولد من الاقتباس، ولم يكن إبداعا وتأليفا، فالشعراء الإغريق كلهم من أسخيلوس إلى سوفوكليس كلهم لم يقدموا نصا واحدا مؤلفا تقريبا، بل قدّموا اقتباسا من الملاحم”، واعتبر أن “الاقتباس ليس عيبا، بل حالة صحية”. ويرى بن عمار أنه حان الوقت للاهتمام بالنصوص الأدبية الجزائرية. واعترف أنه لم يكن من السهل التعامل مع رواية “اللاز” لأنه لا يوجد من يملك شجاعة وطار ولا جرأته ولا قدرته على التعاطي مع الموضوع بتلك الطريقة التي نعثر عليها في الرواية. ويعتقد ذات المتحدث أن الذين سبق لهم وأن اقتبسوا وطار للمسرح اتخذوا مواقف أبعدتهم عن موضوعية الروائي. وبشأن اللجوء للعربية الفصحى كلغة لمسرحية “اللاز”، قال بن عمار: “اخترنا اللغة الفصحى، لأن التراجيديا تُقدّم بالفصحى وليس بالعامية وحتى نبقى في نفس مستوى الرقي اللغوي للكاتب”. ويعتقد بن عمار أن أحسن تكريم لروائي كبير من طراز الطاهر وطار، هو تقديم نصوصه الروائية على الركح. معتبرا أنه ليس كل النصوص الأدبية صالحة للاقتباس المسرحي. وقال: “اقتبسنا رواية “اللاز” على شاكلة المسرح الإغريقي الذي يتميز بمقومات وأدوات دراما جعلته يعبر العصور”، وأضاف أن الصبغة التراجيديا التي تضمنتها رواية وطار جعل انتقالها للركح سهلا من زاوية التعامل التراجيدي بالخصوص. وحسب المخرج، فإن من سيشاهد المسرحية “يجد فيها سبعة شخوص يشبهون شخوص الدراما الإغريقية، حيث نجدهم على حق وعلى باطل، لكن التعنت هو الذي يؤدي بهم إلى الكارثة أو لمأساة لا يمكن تجنبها”. ومن جهته، اعتبر محمد بورحلة، الذي سبق له وأن اقتبس رواية “الوليّ الطاهر يعود لمقامه الزكي”، أنه صاحب رؤية فيما يتعلق بالاقتباس، وقال: “لا يأتي الاقتباس من فراغ، بل هو عمل إبداعي نعثر فيه على مجموعة من التحويرات التي تعود لرؤية وفلسفة الكاتب”. موضحا أنه قضى فترة طويلة رفقة المخرج يحيي بن عمار لمناقشة الطريقة المثلى لاقتباس الرواية التي ترجمت لأكثر من لغة عالمية، والتوقف عند قضايا متعلقة بالبنية السردية ومسألة المسكوت عنه للوصول إلى اقتباس يليق بمقام روائي كبير هو وطار. للعلم، سيكون العرض الشرفي لمسرحية “اللاز” يوم السبت 2 جانفي بالمسرح الوطني محيي الدين بشطارزي على الساعة السادسة مساء.