وزير التربية يُشدّد على الانضباط    ربيقة يشارك في تنصيب رئيسة ناميبيا    قوجيل: الجزائر تسير بثبات..    الرقمنة.. ثم الرقمنة    نتائج اعتماد نظام العمل المتواصل مشجعة    نسبة الجاهزية بلغت 96 بالمائة    الجزائر تُدين المماطلات والمراوغات الفرنسية    صواريخ اليمن وغزّة تتقاطع في سماء تل أبيب    مجزرة السحور    غويري عمّورة.. و الخُضر في الصدارة    الدولة عازمة على تحقيق نقلة نوعية في تسيير القطاع    مديرية الغابات تسلم أكثر من 26 ألف رخصة    الارتقاء بكُبريات المدن.. أولوية رئاسية    سايحي يبرز مجهودات الدولة    وزير الاتصال يعزّي في وفاة الصحفية فاطمة ولد خصال    أولوية رئيس الجمهورية الارتقاء بكبريات المدن    آليات استشرافية لتجنّب استنزاف الكفاءات الطبّية    التحرك السريع لضمان احترام المحتل لاتفاق وقف إطلاق النّار    يوم تضامني مع المعتقلين السياسيين الصحراويين بسويسرا    المخزن بين التسويق الكاذب والتجاهل الممنهج    النظام البيئي للصيرفة الاسلامية بالجزائر مقبل على مزيد من التطور مع إطلاق الصكوك    تجارة: اعتماد استراتيجية رقمية شاملة لإرساء نظام معلوماتي متكامل    منصة رقمية موجهة للمستثمرين بوهران    وتيرة متسارعة في تنفيذ أشغال المشروع    جمع 15 ألف طن من النفايات في النصف الأول من رمضان    المديرية العامة للغابات تسلم أكثر من 26 ألف رخصة    السد الأخضر: مشروع إعادة التأهيل يتقدم بخطى كبيرة    رهان على المواهب الشابة    تحدٍّ عائلي يعاكس الواقع الاجتماعي    ورقلة: اختتام فعاليات الطبعة ال12 للمهرجان الثقافي المحلي للإنشاد بتكريم الفائزين    اختتام ليالي أولاد جلال للفيلم الثوري الجزائري    توفير البنية التحتية الطاقوية لإنجاح المشاريع الاستراتيجية    حجز 3.5 كلغ من الكيف    حجز لحوم حمراء مذبوحة بطريقة غير شرعية    ربيقة يشارك في مراسم إحياء عيد استقلال جمهورية ناميبيا وتنصيب الرئيسة المنتخبة    لم نخطط ل"الشان" لكنه محطة مفيدة قبل كأس العرب    المحاربون يحققون فوزا ثمينا ويستعيدون الصدارة    لقاء بأهداف متباينة    متحف المجاهد بباتنة … حافظ للذاكرة الوطنية وتاريخ الجزائر المجيد    مدرسة الصيام الربانية    فرنسا: روتايو ينتمي إلى تيار من اليمين لم يتجرع أبدا انتزاع الجزائر استقلالها بنفسها    كرة القدم /مونديال-2026 - تصفيات: تصريحات مدرب المنتخب الجزائري و اللاعب يوسف بلايلي    مجلس الأمن: الجزائر تؤكد على ضرورة العودة الى وقف إطلاق النار في غزة وتنفيذ جميع مراحل الاتفاق    مونديال 2026 /تصفيات/ بوتسوانا-الجزائر (1-3): فوز ثمين ومهم للمنتخب الوطني    مونديال-2026 - تصفيات: المنتخب الجزائري يفوز على بوتسوانا 3-1    افتتاح الطبعة ال14 للمهرجان الثقافي الوطني لأغنية الشعبي بالجزائر العاصمة    دعاء الجماعة أَوْلَى بالقبول من دعاء الفرد    وزير الاتصال ينظم مأدبة افطار لفائدة الأسرة الإعلامية الوطنية    حج 2025: برمجة فتح الرحلات عبر "البوابة الجزائرية للحج" وتطبيق "ركب الحجيج"    السيد سايحي يبرز مجهودات الدولة في توفير الهياكل الصحية عبر مختلف ربوع الوطن    وفاة الصحفية السابقة بالإذاعة الوطنية فاطمة ولد خصال    نجوم في بيت الفن والسمر    حج 2025 : اجتماع تنسيقي لمتابعة عملية تسيير رحلات الحج    متى يباح الإفطار للصائم    أجمل دعاء يقال في رمضان    قال إن المنتخب الجزائري يملك توليفة رائعة من اللاعبين.. صهيب ناير سعيد باللعب مع الجزائر    جاهد لسانك بهذا الدعاء في رمضان    12 مطارا و150 رحلة لنقل 41 ألف حاج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مليون ونصف مليون طريقة "لحكاية" تاريخ الجزائر
نشر في الخبر يوم 06 - 02 - 2016

بعد تسع سنوات من منع عرضه في الجزائر لأسباب غير معروفة، عرض أخيرا الفيلم الوثائقي “أمس، اليوم وغدا” للمخرجة يمينة شويخ، في إطار الدورة السادسة للأيام السينمائية بالجزائر، وقد اختار زاوية خاصة من الثورة الجزائرية، سرد من خلالها قصصا وحكايات لنساء شاركن في الثورة وعشن في الكواليس بعد الاستقلال.
خرج الفيلم الوثائقي “أمس، اليوم وغدا” للمخرجة يمينة شويخ إلى النور بعد تسع سنوات من التعتيم عليه من طرف وزارة الثقافة، كما قالت المخرجة “اسئلوا وزارة الثقافة لماذا تأخر عرض الفيلم كل هذا الوقت”، قبل أن يرى النور عبر شاشة الأيام السينمائية بالجزائر، ليقدم شهادات أربع من المجاهدات عشن في كواليس الاستقلال وهن جزء من ال11 ألف امرأة جزائرية شاركن في جيش التحرير الوطني خلال الثورة لمجابهة الاستعمار.
أمس “كان أحلى”
تناول الفيلم حكاية المجاهدة نسيمة هابل والمجاهدة حسيبة بن يلس وقصة تومية لعربي وحسيبة عبد الواهب التي لا تقل قيمة تاريخية عن حكاية حسيبة بن بولعيد وزهرة ظريف والمجاهدة جميلة بوحيرد، فالفيلم يقول إنهن ساهمن كلهن في تحرير الوطن، ولكن الكثير من النساء عشن في الكواليس، ودعم الفيلم تلك الحقيقة بشهادة المجاهد محي الدين لغواطي عضو في”بي بي أي”، الذي تحدث هو الآخر لأول مرة عن دور المرأة في الثورة الجزائرية.
لم تكن الصورة توثق كل شيء بدقة، في مقابل ذلك كانت الحكاية على لسان كل مجاهدة تقول الكثير وتميط اللثام عن واقع خارج النصوص التاريخية الرسمية التي تسرد رواية الثورة الجزائرية، وقد اختار أن تكون مادته الأرشيفية مقاطع من الأفلام الثورية والعالمية وبعض الصور التي تم تركيبها لتوضيح المشاهد والحالة النفسية والعاطفية للقصة التي تحكيها المجاهدات.
اليوم “مر جدا”
سقط الفيلم في فخ الحكاية والسرد والمسؤولية التاريخية التي تقتضي الحذر عندما يتعلق الأمر بحقائق تطعن في المجاهدين وقادة الثورة، أو الاستخفاف الكبير في التعامل مع الشخصيات ورموز الثورة. إيمان المخرجة يمينة شويخ بحساسية التوغل في مشاهد الثورة الجزائرية لم يتجسد كثيرا، فرغم أنها قالت عقب عرض الفيلم: “أود أن يكبر الشباب على تاريخهم الحقيقي، منذ سنوات لا أود الحديث عن التاريخ الحقيقي الرسمي، حيث يقتضى الذهاب إلى هذا الموضوع بكثير من الحذر من أجل الأجيال القادمة”، إلا أن تعاطف المخرجة مع حكايات المجاهدات جعلها تغوص عميقا في محاكمة “غير مباشرة” لرموز الثورة الجزائرية من الرجال، فكانت هناك الكثير من القصص التي تحتاج إلى مراجعة في فيلم وثائقي هزمته العاطفة.
كما أن التعامل مع المزاح على أنها حقيقة مطلقة منح الكثير من المعلومات التي تحتاج كل واحدة منها إلى فيلم وثائقي مستقل، فمسألة تولي المرأة للمناصب في الثورة وترقية رتبتها العسكرية حقيقة لا تنكرها كتب التاريخ، وقد وردت في العديد من المراجع التاريخية على غرار كتاب الدكتورة المؤرخة الفرنسية “ناتلي فانيس” التي نقلت تصريحا عن المجاهد الطيب الثعالبي “لن تتساوى المرأة أبدًا مع الرجل”، ولكن العمل الوثائقي لم يقدم المبررات الكافية حول ضرورة الثورة التي كانت تكلف الرجال بالعمل العسكري وتمنح له الرتب العليا، كما أنه نقل صورة غير كاملة لكيفية زواج المجاهدات بالمجاهدين في الجبل وصورت تلك العلاقة أقرب إلى مشاهد “السبايا” التي نشهدها في حكايات الأخيار القادمة من تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”.
تعاطف المخرجة يمينة شويخ التي قدمت فيلم “رشيدة” عام 2002 وفيلم “لويزة” عام 2003 مع حكايات المرأة الجزائرية يراهن على العاطفة، لهذا لم تتحقق المخرجة في الحالة النفسية وحقيقة القصص التي قالتها بعض المجاهدات في الفيلم، على سبيل المثال كيف تقبل المخرجة أن تضع المجاهد أمام حقيقة كهذه “المجاهدون الرجال كانوا يختارون النساء للزواج رغما عنهن”، والقائد الرجل في الثورة الجزائرية رفض أن يقلد المرأة في الجبل مناصب قيادية، لكن حقيقة كهذه تستحق لوحدها فيلما وثائقيا، ففي سنة 1956 كانت مشاركة المرأة واضحة في جيش التحرير كمجاهدة تحمل السلاح، لكن هذه الأخيرة لم ترق في الرتب العسكرية رغم مشاركتها الفعالة حتى في المعارك التي خاضها جيش التحرير ضد قوات العدو الفرنسي، لعدة أسباب لم يوضحها الفيلم.
ولم يميز الفيلم بين الواجب تجاه الوطن ومرحلة ما بعد استقلال الجزائر، إلى درجة أن “ثورة أول نوفبمر” انتهت، حسب الفيلم، “إلى تحرير الشعب الجزائري ولم تمنح الحرية الكاملة له”، فآلام من شاركن في الثورة لم تنته، فالواقع يدفع لديهن شعورا دائما بالظلم لايزال مستمرا بعد خمسين عاما من الاستقلال. ورغم أن ما يقدمه الفيلم ليس مفاجأة، إلا أنه ركز على المشاعر بطريقة قوية ومبالغ فيها، لنشهد حرقة زائدة وندما شديدا في الشهادات التي ركزت عليها كاميرا المخرجة يمينة شويخ، وتجاهل توصيات مؤتمر الصومام الذي أشاد بدور المرأة في الثورة وثمّن دور الحركة النسائية على العمل الباهر في جيش التحرير وجبهة التحرير الوطني، الذي قدمته هذه الأخيرة كمجندة في الجبال أو كزوجة تعيل الأبناء.
غدا “لن ننسى ولن نسامح”
طريقة تعامل المخرجة مع شهادات مجاهدات دون مراجعة مضمونها ورصها في فيلم وثائقي مدته ساعة و45 دقيقة قد تفسر سبب بقاء الفيلم حبيس الأدراج منذ عام 2010، فقد كان على المخرجة أن تركز على زاوية معينة، حتى لا يقع الفيلم في فخ محاكمة التاريخ ورموزه بشكل غير موضوعي، كما حملت القصص إدانة كبيرة لسلوك الرجال في الثورة دون أن ينظر إلى الشق الثاني، ما جعل العمل ناقصا من الناحية التاريخية ويسلم المشاهد رسائل مشفرة. يدق الفيلم ناقوس الخطر حول “كتابة تاريخ الجزائر” هذا الأخير فيما يبدو يحتاج إلى مراجعة كبيرة، ولكن ليس إلى درجة إدانة الثورة وإدانة الاستقلال، فلماذا كل هذا الحقد من قبل مجاهدات شاركن في صناعة الفرحة والبهجة لشعب عانى من الاضطهاد والاستعمار ل132 سنة؟ الإجابة، حسب الفيلم، أن “من يحكم الجزائر اليوم الحركى وليس قادة الثورة” وهذا يكفى لأن يكون “اليوم محزنا” وغدا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.