وثائقي " إرث الصمت" يمجد تضحيات مجاهدات تنكر لهن التاريخ باشرت المخرجة الجزائرية المغتربة طاوس فوال، تصوير فيلم وثائقي يتناول جانبا هاما من النضال الثوري الجزائري في سبيل التحرر، وهو جانب همش و بقي أبطاله في الظل بعد الاستقلال، كما كشفت للنصر، مشيرة إلى أن الفيلم يتحدث عن كفاح نساء خدمن الجبهة الاجتماعية للثورة في الجزائر، وشكلن دعامة سياسية قوية لها، بعد انتقالهن إلى فرنسا حيث قدن معركة أخرى للدفاع عن الثورة، و إيصال صورة الشعب الجزائري للرأي العام العالمي. أحداث الفيلم الوثائقي « إرث الصمت»، الذي تتجاوز مدته 52 دقيقة، عبارة عن رحلة عبر الزمن بطلتها ذاكرة المجاهدة الراحلة وريدة فوال، والدة مخرجة العمل،و يهدف بالأساس إلى تسليط الضوء على كفاح جزائريات كرسن شبابهن لخدمة الثورة، لكن الذاكرة الجماعية تنكرت لهن بعد الاستقلال، فمنهن من توفين في صمت، كحال المجاهدة وريدة فوال، و منهن من اضطررن إلى مغادرة الجزائر و الاستقرار بفرنسا ،بحثا عن حياة أفضل، بعدما همشن و تم نسيانهن. حسب المخرجة طاوس فوال، فإن العمل يجمع شهادات حية لأزيد من 11 مجاهدة مقيمات بفرنسا، شاركن في المعركة السياسية التي قادها الثوار الجزائريون، في منطقة «فرورباك بلورني» جنوبفرنسا، وهي نقطة حدودية هامة مع ألمانيا، شكلت قاعدة نشاط سياسي لجبهة التحرير الوطني، وكانت بمثابة نقطة لانطلاق العديد من التحركات الثورية الجزائرية على الأراضي الفرنسية، الأعمال التي لعبت العديد من المجاهدات غير المعروفات دورا هاما في إنجاحها. و تستند قصة الفيلم إلى شهادات حية، تمت إعادة تصوير بعض الأحداث التي سردتها في فرنسا و الجزائر و تحديدا جبال الأوراس، وهي أحداث سبقها بحث تاريخي معمق في وثائق الأرشيف الفرنسي الخاص، للتأكد من التواريخ و التدقيق أكثر في التفاصيل و إعادة الاعتبار لأسماء أغفل التاريخ ذكرها، كما ساهم في العمل مجاهدون من منطقة الأوراس، بالإضافة إلى مؤرخين و أكاديميين و حتى أطباء و محاميين من فرنسا و بلجيكا و ألمانيا، قدموا بدورهم شهادات عن تلك المرحلة من عمر معركة التحرر من الاستعمار التي خاضتها نساء همشن بعد الاستقلال، ففضلن التزام الصمت و توريث قصة نضالهن و أرشيفهن الخاص، لأبناء ولدوا في فرنسا من آباء حاربوا لتستقل الجزائر. فكرة الفيلم، وليدة معاناة فئة من النساء اللائي عانين في صمت من الظلم و التهميش الذي مورس في حقهن بعد الاستقلال، و أخرجهن إلى دائرة الضوء بعد أن احترقن لتنير الحرية سماء الجزائر، كما عبرت المخرجة طاوس فوال، في إشارة إلى والدتها التي توفيت في المهجر ، دون أن تحظى بأي تكريم أو تأبين من قبل الأسرة الثورية الجزائرية. أما تحديات العمل فتكمن في محاولة إبراز دور معركة التحرر التي خاضها مجاهدون جزائريون على الضفة الأخرى من البحر الأبيض المتوسط، و التي تناساها المؤرخون و أغفل ذكرها من يتحدثون باسم الثورة ،كما قالت.