شكل مجلس المحاسبة، مطلع الشهر الجاري، لجان تحقيق مكونة من قضاة وخبراء في قضايا العقار، سيشرعون في إجراء تحقيقات ميدانية في ولايات الوسط، بداية من الجزائر غرب، وتيبازة، البليدةوبومرداس. ووفقا لمصادر رسمية، فإن المجلس سيعاين بعض المواقع الفلاحية التي استرجعت في إطار المنفعة العامة ووجهت في وقت سابق إلى مشاريع ترقوية استولى عليها نافذون، بينما ستخضع، حسب المصادر ذاتها، جيوب عقارية فلاحية إلى المعاينة الميدانية، وحددت للجان مهمة ضبط كافة الخروقات والتلاعبات مع حصر هوية المسؤولين عن نهب مساحات فلاحية تقدر بحوالي 94 هكتارا اقتطعت من تعاونيات فلاحية جماعية وفردية ووجهت لمشاريع سكنية ترقوية وتجزئات عائلية بطرق ملتوية. وأفاد مسؤول إداري ل”الخبر” بأن بعض المصالح والهيئات والمديريات التنفيذية ومؤسسات الترقية العقارية العمومية التابعة لولايات الوسط، تلقت مراسلات من مجلس المحاسبة تخطرها بتحضير الملفات الخماسية المتعلقة بقطاع الفلاحة والسكن والتعمير، تمهيدا لحلول لجان تحقيق خلال الأيام المقبلة، مهمتها حصر جميع الأوعية العقارية التي استرجعتها السلطات الولائية منذ 2008 إلى غاية 2014، واقتطعت من النسيج الفلاحي تحت عنوان مشاريع وتجهيزات عمومية “بشكل مفرط”، جزء منها تم تحويله لفائدة مشاريع ترقوية وسكنية مدعمة وجهت لعمليات “البزنسة” تحت غطاء تدعيم الحظيرة السكنية ضمن برنامج المليون سكن. ويمتد عمل اللجنة أيضا إلى فتح ملف آخر يتعلق بالعقار الفلاحي الخصب والنادر والمساحات الرطبة والمغروسة، التي كانت تحت تسيير الفلاحين الخواص الذين وضعوها تحت تصرف “مافيا العقار” التي عبثت بها بتواطؤ إدارات محلية، من بلديات ودوائر وحتى موثقين. تأتي تحركات المجلس بناء على ملفات قاعدية أنجزتها فرق أمنية ودوائر وزارية اختتمت خلال الثلاثي الأول من السنة الجارية ثم أحيلت لاحقا، على المجلس، منها ملفات حقق فيها ديوان مكافحة الفساد، إضافة إلى لجان مختلطة أوفدتها وزارة الفلاحة إلى الولايات المذكورة، تضاف إليها مراسلات من لجان المجالس الولائية وتقرير نواب البرلمان، في مقدمتهم أربعة نواب بتيبازة كانوا قد كشفوا فضيحة استنزاف العقار الفلاحي النادر لفائدة إنجاز فيلات ترقوية بأربعة مواقع هامة، منحت لمسؤولين مركزيين ونافذين وأبنائهم.
ووفقا لمصادر محلية، فإن وزارة الفلاحة أمرت بإلغاء الكثير من المشاريع السكنية اقتطعت لها مساحات تقدر ب74 هكتار، قدّرت اللجنة بأنها غير قابلة لمشاريع البناء والصناعة، وذلك في إطار التوجيهات الحكومية التي تنص على “احترام قواعد الاستغلال العقلاني للأراضي الفلاحية، بتفادي الاستنزاف المتواصل لهذا المورد النادر وغير المتجدد”، ولهذا، خلصت اللجان إلى حصر الخروقات وأتبعتها بتوجيه الكثير من الملفات إلى المجلس قبل إحالتها على القضاء المتخصص عند نهاية التحقيقات. وتخضع المساحات الفلاحية المملوكة للخواص، أيضا، لمهام التحقيق بإشراك مديريات المصالح الفلاحية ومحافظات الغابات ودواوين الأراضي الفلاحية، تبعا لقيام العشرات من مستغلي الأراضي الفلاحية بعمليات بيع مساحات معتبرة وتوجيهها فيما بعد، لعمليات البيع والشراء بعقود غير مؤسسة قانونا، وفي في مناطق غير قابلة للتعمير. وتشير مصادرنا إلى أن مصالح الاستعلامات وخلايا الدرك الوطني أنجزت أكثر من 1700 ملف ومذكرة حول موضوع نهب العقار النادر، وحذرت في وقت سابق من تنامي ظاهرة تنازل الخواص عن مساحاتهم المزروعة لفائدة “مافيا العقار”، والتي قامت بتغيير وجهة مساحات شاسعة بواسطة عقود بيع غير مطابقة للقوانين، الأمر الذي غيّر طابعها وساهم في تقليص المساحات القابلة لتطوير الشعب الفلاحية في مناطق مصنفة ضمن المساحات الإستراتيجية، وذلك في كل من غرب وجنوب ولاية تيبازة، جنوب وغرب ولاية بومرداس، شمال ولايتي البليدة والمدية، بالإضافة إلى مناطق تابعة لدوائر إدارية تابعة لغرب الجزائر العاصمة، منها قضية استيلاء مجموعة من الأشخاص على مساحة فلاحية خالصة تقدر بحوالي 11 ألف متر مربع كان يسيرها أحد الفلاحين الخواص أضحى في قلب فضيحة عقارية رفقة نافذين من قطاعات رسمية.