بغضّ النظر عن التقنيات القانونية، فإن الدعوى المرفوعة من طرف وزارة الاتصال ضد “الخبر” تناقض تماما ما ورد في المادة 5 من القانون العضوي المتعلق بالإعلام والتي جاء فيها: «تساهم أنشطة الإعلام على الخصوص فيما يأتي: ترقية مبادئ النظام الجمهوري وقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان والتسامح ونبذ العنف والعنصرية، وترقية روح المواطنة وثقافة الحوار”. وهذا ما يجعل هذه القضية من فضائح السلطة التي لا تعد ولا تحصى. فمن تزوير الانتخابات والتهم المتبادلة في هذا الشأن، بين مسؤولي التجمع الوطني الديمقراطي وجبهة التحرير الوطني، ونظام الكوطات، وإسناد الوظائف العليا في الدولة إلى المقربين، وعدالة الليل، ومختلف قضايا الفساد، من قضية خليفة إلى قضية سوناطراك، مرورا بالطريق السيار، وصولا إلى أوراق باناما. ومن عجز السلطة عن الإسعاف في الوقت المناسب خلال فيضانات باب الوادي وعاصفة خليج الجزائر وزلزال بومرداس، ولولا تدخل الشباب تلقائيا، خاصة خلال فيضانات باب الوادي، لكان عدد الضحايا أكثر. ومن توزيع الإشهار العمومي على الصحف بناء على الولاء وليس الانتشار والسحب، إلى غلق الجرائد والقنوات التلفزيونية بعد منح معظم القنوات لأصحاب المال الفاسد قصد تبييضه. أما تضخيم فاتورات الاستيراد، وخاصة في مجال المركبات على حساب المستهلك والعملة الصعبة لتوزيع الفارق على بعض المسؤولين، فحدث ولا حرج. ناهيك عن استيراد المياه المعدنية وندرة أدوية الأمراض المزمنة. كل فضيحة تخفي فضيحة أخرى سابقة، ولكن فضيحة رفع الدعوى من طرف وزارة الاتصال ترمي بالدرجة الأولى إلى إخفاء ما يتم تحضيره ليلا لمستقبل الجزائر ولمرحلة ما بعد عبد العزيز بوتفليقة وصراع الجماعات من أجل الخلافة. إن هذه الفضيحة الجديدة التي تتحمل السلطة - وليس وزير الاتصال وحده – مسؤوليتها، تستهدف صحافيي “الخبر” وحرية الرأي والتعبير التي يعملون من أجل الدفاع عنها منذ تأسيس الجريدة، أكثر مما تستهدف ملاك المجمع الحاليين أو اللاحقين. فشراء أسهم من طرف رجل أعمال - مهما كان - لا يقدّم حرية الصحافة ولا يؤخرها. ومن ثمة، فإنني أسجّل تضامني مع الصحافيين وعمال المجمع دون تحفظ، وبغض النظر عن السلطة ورجال الأعمال والملاك، نظرا لكون بعضهم يقدمون تصريحات لا تخدم الحريات العامة وحقوق الإنسان والمواطن، بقدر ما تخدم مصالحهم الآنية ومصالح الجماعات التي يخدمونها. وقد ثبت في الماضي أن خلق بعض الجرائد والقنوات لم يؤثر على الملاك، ولكنه كان كارثة على الصحافيين والعمال وعائلاتهم، وعلى حرية الرأي والتعبير. ومن هذا المنطلق، علينا أن نتجند للدفاع عن حقوق الصحافيين المهنيين وعلى حرية الرأي والتعبير، وأن نفرّق بين حرية الإعلام وحرية التجارة. وعلينا ألا نخطئ في الهدف، وألا يُستغل نضال الديمقراطيين ومناضلي حقوق الإنسان لخدمة السلطة الظاهرة أو الخفية أو سلطة المال والأعمال.