تجد الاتحادية الجزائرية لكرة القدم نفسها اليوم أمام مسؤولية تاريخية، وهي تعالج ملف “القضية الفضيحة” لمباراة الجولة الثلاثين والأخيرة للرّابطة المحترفة الثانية، بعدما أثبتت الصور التي التقطها أحد المناصرين المتواجدين بملعب عبد الرحمان علاڤ بعين فكرون، بأن نتيجة المباراة بين شباب عين فكرون وجمعية الخروب لم تكن نزيهة وفرضتها ضغوطات أنصار الفريق المحلي، وترتّب عنها سقوط فريق آخر، وهو اتحاد الشاوية. يُجرّد قانون كرة القدم المحترفة في مادته ال 120 وما ينص عليه قانون العقوبات في المادة 81 منه، الاتحادية من أي قراءة ترمي إلى جعل فضيحة مباراة شباب عين فكرون بجمعية الخروب أمام فراغ قانوني، من منطلق أن تسهيل مهمة الفريق الخروبي الواضح في الثواني الأخيرة من عمر مباراة توقّفت مدة 21 دقيقة بفعل اقتحام الأنصار لأرضية الميدان، لم يتوّرط فيه مسيرو ولا لاعبو الفريق المحلي، وإنما أنصار شباب عين فكرون أنفسهم، وهو الواقع الذي يُجبر لجنة الانضباط على عدم الاكتفاء بالنظر في الشق الانضباطي للقضية (اقتحام أنصار شباب عين فكرون لأرضية الميدان)، وإنما أيضا للشق المتعلّق بالجانب الأخلاقي، الذي يعتبر اليوم أهمّ شق في القضية، كونه ترتّب عنه سقوط فريق (اتحاد الشاوية) إلى بطولة الهواة، بطريقة غير رياضية. وبالعودة إلى المواد القانونية التي تُسيّر بطولة الاحتراف في الجزائر، فإن المادة 120 تنص صراحة على أن أي ضغوطات و(أو) مضايقات مهما كان نوعها، يكون الهدف من ورائها التأثير على نتيجة المباراة نتيجة المباراة تكون محلّ عقوبة وفق ما ينص عليه قانون العقوبات، ولم تحدد المادة 120 في بندها الثاني بعنوان “ضغوط ومضايقات” الأشخاص أو الأطراف التي تعتبر في نظر المادة القانونية مسؤولة عن الضغوط والمضايقات، إنما تتحدث المادة بشكل عام وشامل حين تبدأ ب “كل محاولة من شأنها التأثير على نتيجة المباراة بفرض ضغوط و(أو) مضايقات تكون محل عقوبة”، وهو ما يعني بشكل واضح بأن تأثير الجماهير، مثلما حدث في مباراة شباب عين فكرون وجمعية الخروب، نوع من أنواع الضغوط والمضايقات التي ينص عليها القانون ويعاقب عليها.وبالعودة إلى المادة 81 من قانون العقوبات الذي يحدّد نوع العقوبة المفروضة في مثل هذه الحالات، فإن البند الثالث من المادة يبدأ أيضا بالطريقة الشاملة ذاتها التي يكون فيها تصرّف الجماهير نوعا من أنواع الضغوطات والمضايقات، وتنص المادة عن أربع عقوبات، الأولى تتمثّل في إعلان خسارة الفريق الفائز بالمباراة (دون منح النقاط للفريق المنافس)، ويتم خصم، بالنسبة للعقوبة الثانية، ثلاث نقاط من الفريق المذنب، ويتم إقصاء أي مسؤول محتمل عن الضغوطات والمضايقات (إن وُجد)، لعامين نافذين من ممارسة أي نشاط رسمي، وهي العقوبة الثالثة، بينما يتم تغريم الفريق، وهي العقوبة الرابعة، بقيمة مليون دينار جزائري. النصوص القانونية التي سنّتها الاتحادية الجزائرية لكرة القدم نفسها، حين كانت تروّج في كل مناسبة إلى أنها تحرص على محاربة الغش والرشوة وعلى ضمان نزاهة المباريات ونتائجها النهائية، تضعها في حرج وتضع مصداقيتها على المحك، لأنها نصوص واضحة وصريحة غير قابلة للتأويل، فهي تُفقدها أي محاولة للمراوغة لتفادي تطبيق القانون، لأن اتخاذ أي قرار لا يتماشى مع المادتين 120 (قانون كرة القدم المحترفة) و81 (قانون العقوبات)، سيكون إعلانا صريحا من الاتحادية ولجانها القانونية على أن القوانين وُضعت لكي لا تُطبّق.