لا تزال عائلة لعموري بحي كرمية بلقاسم ببلدية عين بسام، 23 كلم جنوب غرب البويرة، تعيش صدمة اختفاء ابنها بدر الدين منذ أكثر من 17 يوما، ولم يخفف عنها وجع ساعات الانتظار إلا تضامن أبناء المدينة. عادت “الخبر” إلى منزل العائلة بحي كرمية بلقاسم، ووقفت على أجواء الحيرة والحزن المخيّمين على البيت بل المدينة بأكملها، والتي جنّد سكانها الخميس الماضي للبحث عن بدر الدين، وعلّقوا نشاطاتهم التجارية والثقافية، وهو الأمر الذي أثّر إيجابا في نفسية عائلة الطفل. وبالعودة إلى كرونولوجيا اختفاء بدر الدين يوم السبت 30 أفريل 2016، تحدثت إلينا جدته قائلة “استيقظ بدر الدين في ذلك اليوم صباحا كالعادة ليلتحق بمدرسته الخاصة، أعددت له وجبة الفطور الصباحية، تناولها معي وحمل محفظته وخرج من المنزل وكانت آخر نظراتي له، وأنا أراقب خطواته من الشرفة المطلة على ساحة الحي”. الاختفاء من أمام بوابة المدرسة يقول زملاء بدر الدين، الذين يزاولون معه دراستهم بالمدرسة الخاصة الواقعة بقلب المدينة، إن بدر الدين وصل إلى المدرسة، وأنهم شاهدوه، غير أنه لم يرد الالتحاق بهم داخل القسم ولم يفصح عن سبب امتناعه. يقول محمد والد بدر الدين، توالت ساعات ذلك اليوم وخيّم الظلام، مما جعلنا نبدأ عملية البحث عن بدر الدين، غير أنه تعذّر الوصول إليه بسهولة بعد أن تم غلق هاتفه النقال. ويضيف “مرت تلك الليلة طويلة علينا وصباح الأحد انتقلنا إلى المدرسة وفوجئنا بخبر أنه لم يلتحق مع زملائه بالقسم. انتابنا شك بأنه توجّه إلى ملعب 5 جويلية في العاصمة لمشاهدة نهائي كأس الجمهورية بين نصر حسين داي ومولودية العاصمة، غير أنه لم يظهر عليه أي جديد بعد ذلك، تقدمنا نحو الشرطة وقدمنا بلاغا عن اختفاء بدر الدين”. حملة بحث انتشر خبر اختفاء الطفل بدر الدين بسرعة البرق وسط سكان بلدية عين بسام، مباشرة بعد انتهاء مقابلة الكأس، حيث استغل الشباب مواقع التواصل الاجتماعي الفايسبوك، وقاموا بنشر صوره مع نداءات عاجلة، أما شباب آخرون فنظموا أنفسهم في مجموعات قامت بتمشيط محيط المدينة. عملية البحث الأولية التي باشرها السكان لم تأت بنتيجة، مما جعلهم ينظّمون وقفات تضامنية مع العائلة بالقرب من مسكن العائلة ومسيرات راجلة جابت شوارع المدينة. استجواب 30 شخصا يروي بعض الشباب المتطوع في رحلة البحث عن بدر الدين المختفي ل“الخبر”، أنهم تلقوا عدة اتصالات مفادها رؤية الطفل، وكانت البداية من بلدية سدراية، حيث تنقلوا وبالعشرات في ساعة متأخرة من ليلة الأربعاء إلى الخميس، وقاموا بعملية تمشيط لها عساهم يجدون الطفل، لكنهم عادوا خائبين مع الساعات الأولى من صباح يوم الخميس. وأضافوا أنهم لم ييأسوا أبدا في البحث عنه خاصة بعد أن تلقوا اتصالا آخر مفاده أن الطفل موجود بحي 140 مسكن بالبويرة، لينتقل السكان غير أنهم لم يعثروا عليه. وتلقت العائلة آخر اتصال يوم الأحد الماضي من أحد الموالين، كشف لهم أن الطفل انتقل بصحبة أحد الأشخاص في شاحنة باتجاه مدينة عين وسارة، كما أنه أعطاهم كل المعلومات وأضافوا “ما هي إلا ساعات حتى دخلنا المدينة انتقلنا إلى الأشخاص المعنيين بحي لاقار بعين وسارة، وعرضنا عليهم الصور وأكدوا رؤية الطفل، غير أنهم لم يشيروا لنا عن وجهته، فقمنا بالتبليغ عنهم لدى مصالح الشرطة”. والد بدر الدين، الذي التقيناه بالحي الذي يقيم فيه، قال بكلمات متثاقلة بسبب الإرهاق الذي نال منه “إنه لا يزال يأمل في عودة بدر الدين إلى المنزل سالما معافا”. وأضاف “أوجّه رسالة إلى كل الجزائريين لمدّ يد العون لمساعدته في البحث عن ابنه”، وعلّق الوالد بخصوص الشائعات التي تداولها البعض بالقول “الله المستعان على ما تصفون”. من جهة أخرى، علمت”الخبر” أن عناصر الشرطة بأمن دائرة عين بسام، استجوبت أكثر من 30 شخصا من أجل فك لغز الاختفاء، كما أنها وضعت رقم هاتف الطفل تحت المراقبة، بعد أن علم أن هاتف بدر الدين فتح يوم الاثنين الماضي لمدة لم تتجاوز الربع ساعة. كما علمت “الخبر” أيضا، أن فرقة مختصة في الإجرام من الدرك الوطني ستحل هذا الأسبوع لمباشرة التحقيق، خاصة بعد الدعوات الكبيرة من السكان من أجل إيجاد الطفل في أسرع وقت.